كتب الاستاذ محمد محسن مقالته اليوم بعنوان :
سرقوا البلاد والعبــاد وتبـوؤا أعـــــلى مراكــــز في الســـــلطة
……………..ثم أشاعـــوا ثقافـــة الفــساد ، وحاولوا إفســاد من لم يفســد بعد
……………..ثم ترحـــــلوا ليقـــــــــــــــــودوا المعــــــــــــارضة القــاتلـــــة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المعارضة السورية تمتلك صفات ، وخصائص خاصة ، لا تتوافق ابداً مع المعايير الدولية لمفهوم المعارضة المتعارف عليها دولياً ، ولا تتشابه مع أية معارضة أخرى في التاريخ القريب او البعيد ، من حيث البنية ، وطريقة التشكل ، والأسباب والدوافع التي دفعت بعضهم ليكونوا في صفوف المعارضة ، وتنوع وتباعد مصالح الشرائح الاجتماعية التي تشكلت منها ، بل وتناقضها ، فكرياً ، ومصلحياً ، وتضادها في الغايات ، والأساليب ، والأهداف التي ستعمل على تحقيقها في حال وصول أي منها إلى سدة الحكم المأمول ـــ محال أن تصل ـــ .
وهي تتكون من ( الماركسي اليساري ، والقومي الشوفيني ، والاسلامي التكفيري الظلامي المغلق القادم من عصور التوحش ، والمثقف " القشري " ، والسلطوي المختلس ، و العميل ، والمرتبط ، والحاقد ، والمتعصب ، والجاهل ، والمجرم ، والعاطل عن العمل ، والذي كان يحلم بتبوء موقع من مواقع السلطة في حال نجاحها ) ، كلها انصهرت في بوتقة واحدة ، فشكلت بنية غريبة لا تشبهها بنية ، إلا بنية الحشد القطيعي ، ففي القطيع تجد التيس الأسود ، والأبيض ، والمرقط ، تيوس بقرون ، وتيوس بلا قرون ، وتيوس كسرت قرونها ، وكذلك " العنزات " عنزة بيضاء ، وأخرى سوداء ، وثالثة مرقطة ، كلهم يحلمون ، ويتأملون ولكن هيهات .
.
وبعد أن اندمجت جميع الألوان في القطيع ، وتلاقت جميع التشكيلات من اليسار الماركسي المتطرف ، إلى اليمين الديني التكفيري الارهابي المتطرف جداً ، وما بينهما من انتماءات وولاءات ، ووفق منطق الدائرة ، التي عندما تكورها يلتقي الطرفان المتعاكسان ــ يسار متطرف ، ويمين متطرف ــ عندها تكتمل الدائرة وتصبح بنية دائرية مغلقة ، تذوب فيها الميزات الشخصية ، والتباينات الفردية ، وينمحي مفهوم الذات المستقلة ويختلط ويتداخل الكل بالكل ، لأنه في الحشد القطيعي ومهما تكن طبيعة الأفراد ، ومهما تباينت انتماءاتهم ، فمجرد تحولهم إلى حشد قطيعي تطغى عليهم روح جماعية يختلط فيها الجميع في مصيدة الغوغاء .
.
وتستيقظ لديهم كافة الغرائز الوحشية والبهيمية ، وروح التدمير ، والقتل ، ويصبح حتى المثقف ضمن الحشد بربرياً تستحوز عليه حالة العنف والوحشية ، بحيث لا يسمع إلا اصوات القطيع الموحدة ، وان وجد بعض التباين يكون خجولاً وخافتاً ، ولا تأثير له على سير القطيع أو اتجاهه ، ويرضخ الجميع لتقاليد القطيع ، ولقيم القطيع ، ولسلوك القطيع ، أي ينصهر الجميع في منطق القطيع ، الذي يقوده غالباً حمار أو " مرياع " مدرب على يد رعاة مختصين بصناعة " قواد " للقطعان ، ولأن أمريكا متقدمة علمياً في صناعة " القواد " يمكن أن يعهد تدريبهم إلى جهاز مختص يدعى في أمريكا " المخابرات المركزية " ولكن وللدقة عندما يتشكل القطيع ، تصبح قيادته سهلة وبدون عناء لأنه يحرس بكلاب خاصة بالقطعان ، ــ تنبح حتى تكاد تتمزق أوداجها كما ينبح بعض الاعلاميين في محطات تلفزيونية معروفة ــ فاذا حاد أحدهم عن القطيع تتكفل الكلاب بإعادته ، ليندمج ضمن طابور القطيع . المتراص ، والمتناسق ، أما صاحب القطيع أو أصحابه فيقع على عاتقهم فقط جلب القطيع إلى حيث المراعي ــ مسرح عمليات القتل ــ، ومن ثم اعادتهم مساء إلى الزرائب ، مع رُعاة أكفاء لهم دراية وخبرة في قيادة القطعان ، . وفي كل مساء يقدم القطيع انتاجه من الحليب ـــ القتل والتدمير ـــ الذي يجب أن يتوازى وحجم العلف المقدم له من " دولارات كانت ، أو دنانير ، أو ليرات تركية ، أو فرنكات فرنسية أو غيرها من العملات " وإن لم يتناسب المردود التدميري حجم المال المدفوع ، يعمد اصحاب القطعان أمريكيون كانوا أم سعوديون أم قطريون أم أتراك ، يعمدون إلى عزل المقصر والضعيف والذي كان عطاؤه اقل ، وقد يبيعونه في سوق النخاسة ليهيم في بلدان العالم حتى مماته .
.
أما الذي يبدو غريباً في معارضتنا السورية وهو ليس بغريب لو دققنا ، نجد أن الذي سرق أموال الشعب واختلس قوت الفقراء ، وامتطى أعلى مراكز القيادة في السلطة لأربعين عاماً أقل أوأكثر ، وكان هو المسؤول عن اقتصاد البلد ، أو سياسة البلد أو مساهماً اساسياً فيهما ، هو الآن يقود المعارضة .
أليس في هذا لغزاً ؟؟!!
اذن هذا دليل قاطع على أن المعارضة لم تكن تعارض الفساد والفاسدين ، والسياسات الاقتصادية للنظام كما تزعم ، بل جاءت لتنفذ عهدة عهد لها تنفيذها من قبل متعهد الحروب الولايات المتحدة الأمريكية بالتعاون مع كل أعداء الحرية في العالم ، الذين لا يتورعون من استخدام جميع الأسلحة القذرة في حروبهم ، وهذا القطيع الدولي التي تقوده أمريكا ، استحضر في هذه الحرب اسلوباً قتالياً مبتكراً مسروقاً من العصر الحجري حينما كان الأخ يأكل أخاه أو يقتله ، وعهدت تنفيذ هذا المشروع إلى وحوش بعد أن أُلبسوا عمائم اسلامية ، منهم من استلحقه خادم الحرمين إلى نسبه ، وبعضهم انتسب إلى العثمانية الجديدة سعياً وراء اعادة الخلافة ، والبعض الباقي ادعى أنه من نسل أمير قطر الذي نحى والده ، ولكن الجميع سلحوا حتى أسنانهم .
.
هل رسخت المعارضة السورية بذلك نهجاً وفهماً جديدين للمعارضة قد يعمم على كل دول العالم تحت اسم " معارضة بالسلاح ، والنار ، والذبح " ؟؟؟!!!
فالمألوف والطبيعي وفق المعايير الدولية المعتادة أن تتوجه المعارضة عادة ضد هؤلاء السارقين ، والمختلسين ، والانتهازيين ، والفاسدين ، والذين اتخذوا من السلطة مكاناً لعبثهم على كل الأصعدة ، والذين نشروا ثقافة الجنس القذر ، ورسخوا مفاهيماً ، وشرعنوا بل حللوا اختلاس أموال الدولة ، وسمحوا لأولادهم أن يعيثوا في البلد فساداً وأن لا يقيموا وزناً لأي اعتبار قيمي أو أخلاقي في سلوكهم ، لأنهم فوق القانون ويحق لهم مالا يحق لغيرهم .
هؤلاء الذين سرقوا ونهبوا وتطاولوا على كرامات الناس وخرقوا القوانين ، بالأموال المسروقة والمختلسة باتت هذه الأموال تستخدم لتقديم " البطانيات والحليب " ــ السلاح ــ
والذين عاثوا في البلاد خراباً وفسدوا وأفسدوا من لم يفسد بعد ، هؤلاء الان تحالفوا ويتحالفون بل يقودون المعارضة .
.
ولو عدتم إلى ذاكراتكم ستتذكرون العشرات من هؤلاء المارقين " وأربأ بنفسي عن ذكرهم
بهذه التوليفة " التشكيلة " التي باتت تتكون منها هذه المعارضة ، والتي تحولت من القطيع الواحد إلى قطعان ، ذبحت وقتلت ونهبت ودمرت ، كل هذا تم باسم وتحت لافتة " ارساء الدولة الديموقراطية " أية ديموقراطية يهدفون ؟؟؟
…….( تعالوا لنفترض جدلاً وهو افتراض غير واقعي وغير منطقي ) أن هذه المعارضة قد وصلت إلى الحكم بطيفها الواسع إلى الحد الذي يمثل كل شخص فيها لوناً سياسياً ..
….الاخوان المسلمون هل يريدون نظاماً ديموقراطياً ؟؟! انهم يريدون عودة الخلافة العثمانية ، وتكفير المخالف .
….الوهابيون السعوديون هل يريدون تحقيق الديموقراطية ؟؟!! انهم يريدون اقامة شريعة الذبح والقتل والجلد .
.
….السارقون والمختلسون والذين ركبوا على ظهر السلطة عقود ، يريدون امتطاء السلطة ثانية وتهيئة الفرصة لأولادهم ليتابعوا نهج آبائهم .
….الألوان الأخرى كل يغني على ليلاه ولكن القاسم المشترك ، اشباع حقدهم ، والتشفي من الذين وقفوا في وجوههم من الوطنيين الشرفاء ، ومن ثم تنفيذ الدور المرسوم لهم سابقاً ، أو الذي عهد به إليهم من خلال مموليهم في السنوات السبع .
…. حتى معارضة حسن عبد العظيم " الداخلية " ذو الخلفية الإخوانية فهو سيتكور وينضوي تحت اللافتة الاخوانية .
هؤلاء القتلة الفجرة الذين كانوا أداة قذرة لتدمير بلدهم وشعبهم ، يتحملون وزر الملايين من الشهداء والجرحى ، يتحملون وزر كل طفل ترك مدرسته ، ويتحملون وزر كل اسرة غادرت وتشردت خوفاً أو سعياً وراء العيش ، يتحملون وزر دموع الأمهات الثكالى ، والأطفال الجياع ، وزر كل حبة تراب بكت عندما استقبلت قطرات من دم شهيد .
.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
……………هذه صفات القطيع ، الجميع ذابوا في بنية القطيع ، لم يعد لأي منهم هوية مستقلة ، لقد باتوا حشداً من الغوغاء ، والغوغاء ليس لها أخلاق ، جميعاً باتوا يفكرون بتفكير واحد … لقد انحدروا جميعاً من سلم الحضارة إلى درك الوحشية .
… لم يعد من الممكن التعايش مع عقل القطيع المتوحش ، ، وحتى لو عادوا إلى الوطن ــ لا عودة لهم ــ فلا تعايش معهم ، فالتناقض معهم بات جذرياً ، تناقض بين من يرغب بناء الوطن على اسس عقلانية ، وبين من يرغب تحويل المجتمع كله إلى قطيع .