كوليت خوري … ويبقى الوطن فوق الجميع…
الثورة اون لاين :
«المدينة المضاعف عِطرُها»..
لا يُسأل المبدعُ عن لونِ عينيه من أين استمدَّ بريقهما, ولاعن شموخ قامته ولم لاتنحني.. لا يُسأل عن دفءِ حنجرته ومن أين اقتبس جرأة بوحها ولاعن كونِ نبضاته تخفقُ بالحبِّ الشهي..
لايُسأل عن سبب اخضرارِ أنامله وعن كونها دوماً نديَّة.. ولاحتى عمَّن ألهمهُ إشراقات حلمٍ يضمِّخُ وجه الفجرِ بعبقٍ يوشوشُ السحرَ عشقاً.. وكأنه يشبهْ.. لا.. بل إنه حقاً.. هسهساتٌ دمشقية..
نعم.. هسهساتٌ دمشقية.. تلك التي باحت لكلِّ من عرف أو قرأ الأديبة «كوليت خوري» بأن لون عينيها ليس إلا امتدادٌ لاخضرارِ فضاءات الوطن, وبأن بريقهما هو دمعة توقها التي لا تنهمر إلا لعناقِ الأم.. الأرض.. الحب.. ولكلِّ ما جعل ملامحها لا تشبهُ إلا ملامح مدينةٍ آلت على جمالها ألا يُشوَّه ومهما توالتْ عليها مصائب الزمن.
أيضاً.. أناملها متجدِّدة الندى.. تماماً كتجدُّد ياسمين مدينةٍ, لأنها وجدتها ناصعة الحكمة, عشقتها حدَّ امتلائها بها هوىً, أرادته يورق في مفرداتها قصة حبٍ شامخة.. دافئة.. جريئة.. نابضة.. وبكلِّ ما من شأنه أن يحتضن الوطن أحرفاً لا مدى لابتكاراتها العشقية…
كيف لا؟.. «كوليت خوري» أديبة من الطراز العتيق.. أديبة فتحت عينيها لتجد بأنها من وطنٍ, انطلقت منه أبجدية الحب الأولى, وبما جعلها تترعرع يقينةً بأن الحب والوطن ثنائيان لا ينفصلان إلا لدى من لا يملك جرأة الصرخة التي أطلقتها ذات إرادة وعبر كتاباتها التي أرادت أن تعبِّر من خلالها عما خجلتْ عن التعبير عنه بحنجرتها..
إنه المبدأ الذي ومثلما جعل رواياتها مفعمة بالحبِّ جعلها أيضاً مفعمة بالعبق الذي يفوح من كل أماكن مدينتها «دمشق» من ِحَاراتها وشوارعها وأزقَّتها وبيوتها ومطاعمها وحدائقها وأزهارها وأيضاً ممن عرفتهم ودوَّنتهن أبطالٍ رواياتها.
هكذا شاءَ لها الهوى.. وكمبدعةٍ لسان قناعتها لا يتوقف عن تكرار:
«على المبدعُ أن يبدأ بالحبِ وينتهي به.. تماماً كما يبدأ بالوطن وينتهي به».
من هنا, فإنها ومُذ نعومة مفرداتها كانت تشعر بأن «دمشق» هي بيتها وبيت أصدقائها الكبير. البيت الذي لم ولن تغادره حتى وإن غادرها جميع الأهل والأصدقاء, لطالما فيه من الذكريات الكثير من الحوارات ولقاءاتِ الألفة والحب والعمل والدفء.. وبما ستبقى تفاصيله تهدهد أحلامها. تلك التي دوَّنتها قبل أن تغفو لتستيقظ على أحلامٍ أخرى أطلقتْ تباشيرها ضمن مجموعة قصصية أسمتها (دمشق بيتي الكبير)..
في هذه المجموعة, تنثر «كوليت خوري» ما ألهمتها إياه «دمشق» ومن قصصٍ أطولها «دمشق بيتي الكبير» القصة التي عنونتْ بها مجموعتها التي اختزنت مفرداتها في ذاكرتها ما يزيد عن عشرين عاماً لتقدمها بعدها من روحها وكيانها وهواها..
لقد استفاضت في هذه القصة بالحديث عن «دمشق», وإلى أن جعلت منها بطلة حقيقية.. مدينةٌ لأحلامها وأحلام قرائها.. حصنٌ لا تُختَرق أبوابه أبداً.. والأهم وطن العبق والياسمين..«دمشق» التي استفاضت أيضاً بوصف تاريخها وبدءاً من أول محاولة هدفت إلى إخضاعِ قامتها الشامخة بشموخ مجدِ قاسيونها, مروراً بانتفاضاتها الأبية, وليس انتهاءً بما لا يزال يُحاك حولها ومن قِبل من لا أرض لديهم ولا عرض يعنيهم, ولا عبقَ يضمِّخُ حاضرهم وماضيهم..
هذا ما أرادت «كوليت خوري» أن تعبِّر من خلاله عن قدسية مدينةٍ, فيها ولدتْ ولها كان انتماؤها وإبداعاتها.. لترى بأن من حقِّ هذه المدينة عليها أن تبدأ قصتها بتعريفها قائلة: «الرومان أسموها «دومسك» أي «دو» و»مسك» وهو «المسك المضاعف», أما «دومسكس» فغدت «دومشك» ثم «دمشق», ما يعني بأنها المدينة المُضاعف عطرها..
هفاف ميهوب
***
من حواراتها: الكتابة خلاصي.. وتوءمتي النابضة
كوليت خوري أديبة سورية تربعت على عرش الأدب، عشقت الشعر والأدب كعشقها لدمشق, فثمة علاقة حميمة بين الكاتبة ومدينة دمشق وتاريخها، كيف لا!! وهي التي كتبت كتاباً جميلاً تحت عنوان (دمشق بيتي الكبير) اختصرت من خلاله تاريخ دمشق في سطور أوراقها التي لها عبق ياسمين الشام الشهير.
تقول تلك الأديبة التي لا تمل من رواية حكايات مدينتها (يقولون: عرف طريق دمشق أي عرف طريق الصواب ووجد نفسه) وتنتهي تلك الرحلة الدمشقية العجيبة على سفح جبل قاسيون (نظرت إلى دمشق المتلألئة في السفح وقالت له: انظر هل ترى هذه الجوهرة المشعة في علبتها المخملية السوداء ؟ ومدت يدها ثم أطبقت أصابعها في عشق ولهفة ودمدمت لي.. إنها جوهرتي.. إنما بيتي الكبير.
وحول سؤالها لماذا تكتب؟ أجابت ربما أكتب لأن القدر شاء لي أن أولد في بيت مفروش بالكتب والمجلات مطلوسة جدرانه بالرفوف والكلمات ممزوج فضاءه بالشعر والأفكار.. كل من حولي يكتب حتى أنني ظننت الكتابة جزء من الحياة اليومية فكتبت بدوري.
ربما لأنني عندما جئت إلى هذه الحياة صرخت مثل كل الناس, وعندما فتحت عيني للنور ورأيت مما رأيت تمنيت أن تستمر صرختي حتى هذه اللحظة، لكنني نشأت في بيت عريق في السياسة، مفعم بالأدب يؤمن بالحوار والمناقشة وبالحجة والإقناع, ويعتبر الصراخ ضعفاً وقلة تهذيب، ولما كنت ابنة هذا البيت ومستشربة لأرائه، وكنت في الوقت ذاته بحاجة ماسة إلى الصراخ، فقد صرخت إنما بأصابعي وهكذا أصبحت كاتبة.
أو ربما اكتب لان فكرة الموت تلاحقني دائماً واقصد هنا موت الأحباء وليس موتي،هذا الشبح المائل أمامي دائماً في نهاية الطريق والذي يتوعدني أن أتحداه بحروفي وأحاربه بالكتابة، أجد نفسي سعيدة جدا وأنا أتوهم أنني بهذه الأسطر المضاءة بالكلمات سأطيل حياتي قليلا وأتحدى الموت.
لكن الأكيد أن الكتابة هي هذا (الأنا الآخر) الحي الذي لا أستطيع الانفصال عنه، هي صديقتي القوية التي تؤنسني في لحظات الوحدة وتشد أزري فترات الشدة، وكم هي فترات الشدة التي مررنا بها وهي التي تعمر لي عالماً دافئاً أيام الغربة وتكون خلاصي في مراحل الرمال المتحركة، ونحن دائماً نمر في هذه المراحل فعندما اكتب لا اشعر أنني أتنفس.. الكتابة هي خلاصي وهي توءمتي النابضة فإذا ما تخليت عنها يوماً.. انتهيت.
لا تعتبر خوري الحياة تجربة فالحياة بالنسبة لها حرب أعصاب واستمرار وصراع حتى النهاية، والحب هو الحياة وهي تكتب عن الحب، لان الحياة من دون هذا الكائن الروحاني الجميل لا تساوي شيئاً على الإطلاق، فالحب الراقي السامي الشفاف يجعلنا نشعر أن هناك عالم أبعد من عالمنا، أنقى وأرقى، وليس كالحب الذي نراه هذه الأيام ؟!
ولهذا السبب تعترف الأديبة كوليت أن الأمور لا تتجزأ ونحن نمر في مرحلة تدهور في كل القيم ومهمة الأديب أن يحتفظ بالقيم الجميلة ويتخيلها ليظل ممسكا بها ولتظل قائمة حتى يأتي زمن يثقف فيه بقية الناس, كما أن الأديب إذا كتب عن الحب الآن فيجب أن ينتقد هذا الحب كي يفهم القارئ أن هذا الوضع مرفوض ويتلهف للعودة إلى زمن الحب الجميل.
(لا أعبر عن نفسي إلا بالعربية)
تعترف كوليت أنها أصبحت كاتبة بمحض المصادفة لأنها كانت في طفولتها تحب الغناء والموسيقا والمسرح ولأنها كانت تريد أن تعبر عن نفسها وامتعاضها واحتجاجها من وضع المرأة آنذاك فبدأت تصرخ بأصابعها من خلال الكتابة فتشير إلى أنها كتبت القصائد بالفرنسية والقصص بالعربية.
وتقول: لم اختر أن اكتب باللغة الفرنسية أو العربية لذلك بدأت الكتابة باللغتين لأنني كنت بحاجة للتعبير عن مشاعري وأفكاري وبما أن اللغتين كانتا في متناولي كتبت بهما.
وتضيف:لا استطيع أن اعبر عن نفسي إلا باللغة العربية رغم إجادتي للغة الفرنسية فالعربية لغتي الأم التي استطيع الإبحار فيها بلا حدود، وعن كيفية تلقي الجمهور الفرنسي لما كتبته أجابت خوري أن كتبها المنشورة باللغة الفرنسية منذ سنوات طويلة لم يقرأها سوى أصدقائها في حين أن كتاباتها قصصا وروايات باللغة العربية هي التي صنعت لها جمهورا واسعاً وبالتالي تشير إلى أنها غير معروفة ككاتبة فرنسية فتقول: أنا لست كاتبة فرانكفونية أنا كاتبة عربية وليس لدي قراء فرنسيون وجمهوري منهم هم الذين يقرؤون كتبي المترجمة.
وحول رأيها بالفرانكفونية تقول: هي هوية إضافية لي والكتابة بلغة أخرى تفتح لي وطناً آخر، ولايمكن المقارنة بين لغتين حيث إن لكل لغة ميزاتها، ألوانها موسيقاها، وصداها وبالتالي المقارنة ما بين اللغة العربية والأخرى الفرنسية ليست جائزة ولكنني أحب اللغتين وكل اللغات الحاملة للثقافة والحضارة..
عمار النعمة
***
آه ياأبي.. كم اشتقت لك..؟!
انشغل الجميع بوداع القرن العشرين، كل أجرى جردة حساب ماله وما عليه تذكر أو استذكر محطات وأشخاصاً لهم مكانتهم في حياته فكيف ودعت أديبتنا الكبيرة هذا القرن؟
من كان سيد وقتها حين الوداع أهو الحبيب أم الأخ أم الأخت أم الأب؟
كوليت خوري تقول في كتابها ويبقى الوطن فوق الجميع مبينة لماذا تتحدث اليوم عن أبيها «يعني في نهايات القرن العشرين» تقول: لأن أحدهم سألني:
«لوطلب إليك أن تختاري واحداًَ من الرجال الذين رحلوا عنا في القرن العشرين، ليرافقك إلى القرن الجديد.. فمن تختارين من بين هؤلاء العظماء والأحباء والأصدقاء والأسماء اللامعة.. وآه ما أكثرهم.. أولئك الذين لن يعبروا معنا جسر الألفية الثانية.
ويسرح تفكيري..
كثيرون من الذين سيبقون في القرن العشرين من أصدقائي الأعزاء، وأتمنى لو أرافقهم كلهم إلى العالم الجديد.. ولكن.. ولكن
لو أمد الله بعمري وفسح لي المجال فسأبدأ سنتي الجديدة بالكتابة عن أبي، الرجل الذي ترك الأثر الأكبر في حياتي وقضيت عمري أقارن به الرجال، فيسقط معظمهم في المقارنة!
وآه ياأبي.
وتضيف قائلة: كان يجب أن ينتهي هذا القرن لأتوجه إلى قبره وأقول له:
«كم اشتقت إليك ياأبي سهيل.. أيها الرجل الذي ترك الأثر الأكبر في شخصيتي وفي مسيرة حياتي..»
أبي هذا الوسيم الذكي المرهف..
هذا المثقف الكبير.. والمتحدث اللبق البارع..
لم أكتب عنه.. هذا الذي علمني أن الحياة مبادئ ومواقف وأخلاق.. وأن الوجود كلمة شرف.. وأن الفرح عطاء وإنسانية..
كان شخصية لامعة ذا حضور قوي يفرض نفسه…
في أي مكان يوجد أبي كانت تحلق الدائرة حوله،، فقد كان حديثه ممتعاً.. وكانت سرعة بديهته تسيطر على الاهتمام..
وكان يحفظ الكثير من الشعر والقصص الأدبية ويتقن فن المقالة ويعشق الطرب والجمال.. رغم كل ذلك،، لم يكن أباً كما كنت أنا أتخيل الأب.
فأنا لا أذكر مرة أنه قال لي:«ياحبيبتي باابنتي» أو «ما أغلاك عندي» هذه كلمات لم اسمعها في حياتي منه.
لكنه كان لا يتوانى عن انتقادي إذا قمت بعمل لا يعجبه أو تصرفت بطريقة لايراها المثلى!
كان يريدني كاملة الأوصاف وكان هذا صعباً بل هو صعب دائماً وعلى كل الناس، لذلك لم ننج يوماً من انتقاده اللاذع أو من تعليقاته الساخرة أنا وكل أفراد البيت.
وكان هذا يحرجني.. إنما يجب أن اعترف الآن أنه كان دافعاً لي على الدوام لأن اعمل بجد وأدرس بجدية لأثبت لأبي أنني أهل لتقديره..
كنت مصرة على أن ابرهن أنني جديرة بإعجاب هذا الرجل اللامع المحبوب والباحث عن الكمال والذي هو أبي.. وإصراري هذا كان على الدوام لايخلو من التحدي من ناحية ثانية كانت الحياة مع أبي غنية للغاية طافحة بالحكم والأمثال والشعر.. تفيض بالإنسانية وبالحيوية وبالعطاء ومزخرفة بالفن والطرب.. المشكلة كانت أن هذه الحياة كانت أشبه باستنفار دائم.. كان علينا أن نكون دائماً يقظين متفتحين نعيش في سعي نحو الأحسن وكان هذا متعباً…
قال لي مرة:
«أنا مدرسة قائمة بذاتها.. من يستطيع أن يتخرج منها يصبح عبقرياً.. وإلا فلا حاجة له أن يتخرج على الإطلاق».
وعلى ذكر المدرسة..
كنت دائماً ناجحة في دراستي لكن أبي لم يهنئني مرة…
وحين قلت له:
عندما تنجح واحدة من رفيقاتي يهنئها أهلها ويقدمون لها هدية فلماذا لا تهتم أنت بهذا الأمر..
رفع حاجبه وقال لي في ابتسامة رائعة:
طبعاً اهتم إذا فشلت فسأغضب ويخيب ظني بك أما إذا نجحت فهذا هو الأمر الطبيعي!!
يمن سليمان عباس
***
الشاعرة
اشتهرت الأديبة كوليت الخوري بأنها كاتبة قصة وروائية. لكن جانباً مهماً في كتاباتها الأدبية لم ينل الاهتمام الكافي من النقاد والصحفيين، وأعني الشعر فكوليت خوري شاعرة مرهفة الإحساس. كتبت الشعر باللغتين العربية والفرنسية. بل إنها بدأت مشوارها الأدبي شاعرة قبل أن تكتب القصة والرواية. وتميزت لغتها الشعرية – كما لغتها الأدبية عامة- بالرشاقة والجمال، فكانت كلماتها تشع حباً، حتى لقبها سعيد عقل في إحدى مقالاته بلقب (صاحبة القلم الضوئي). وهي أول من لقب بياسمينة الشام، ثم ذهب اللقب إلى غيرها من الأديبات الدمشقيات أمثال ألفة الادلبي وقمر كيلاني.
بدأت كوليت كتابة الشعر بالفرنسية اثناء دراستها. وكانت تنشر قصائدها بالفرنسية باسم كوليت سهيل (اسم والدها). ولم تكن تفكر بجمعها في مجموعة شعرية، حتى حصلت معها حادثة طريفة أدت إلى التباس في نسبة القصائد إليها.
فقد كانت تصدر في دمشق مجلة محلية تحمل اسم (الاسبوع السوري). ونشرت تلك المجلة قصيدة مترجمة عن الفرنسية باسم الشاعرة (كوليت سوهاي)، و(سوهاي) اللفظ الفرنسي لاسم (سهيل). وحدثتها إحدى صديقاتها أن قصيدة مترجمة جميلة لشاعرة فرنسية اسمها (كوليت سوهاي) منشورة في المجلة. فقالت لها كوليت (إن هذه القصيدة لي)، لكن الصديقة لم تصدق. وهذا الأمر دفع كوليت إلى جمع قصائدها بالفرنسية وطباعتها في بيروت بعنوان: (عشرون عاما). وكان عمرها عشرين عاماً بالتمام. وكان عدد قصائد المجموعة عشرين أيضاً. وجميع قصائد المجموعة من الوجدانيات.
وإضافة إلى الشعر بالفرنسية كتبت كوليت الخوري القصيدة النثرية العربية ذات العبارات الشفافة واللغة الرومانسية. وأطلقت على شعرها هذا تعبيراً جميلاً (شعر ضيع أوزانه). ومن قصيدة عنوانها نفس هذه العبارة، نقتطف المقطع التالي:
ذات يوم بعيد بعيد
مضى حبيبي
مضى قبل أن يأتي
حاملاً في صدره وطني
وفي عينيه
طيفي وأحزانه
******
ذات يوم بعيد بعيد
أسكرني الحنين إليه
فقررت البحث عنه
والمثول لديه
لكنني في غيبوبة الشوق
حضنت حروفي
وضيعت عنوانه
ومن بوابة الشعر الواسعة دخلت كوليت الخوري عالم القصة. فحين كتبت أول مقطوعة شعرية بعنوان (ظل الحياة) التي تتحدث عن وردة سيكون مآلها إلى الذبول، كان هدفها أن تكون شاعرة. لكنها ذات ليلة كتبت قصيدة، وعندما قرأتها في الصباح التالي أحست أن تلك القصيدة يمكن أن تكون قصة جميلة. فنسجت منها قصة أدخلتها عالم القصة والرواية.
أحمد بوبس
***
سورية في وجه التحدي الدولي
كتبت ذات يوم تحت عنوان في وجه التحدي الدولي وبمناسبة ذكرى الجلاء عن سورية ومماقالته وكانت الظروف السياسية قاتمة ومدلهمة كما اليوم قالت مخاطبة جمهورها الحاضر ماقالته وماكتبته: أيها الحضور الكريم
إذا كانت بعض الدول الكبرى اليوم تهاجمنا وتهددنا وتستهدفنا فقد كانت الدول التي حاربتنا قبل تسعين سنة هي الكبرى!
وإذا كان العدو أو المحتل أو المستعمر -سابقاً وحالياً- يعرف أن التفرقة والتجزئة والخلافات الداخلية هي ورقته الرابحة. فعلينا نحن أن نعرف كيف نتصدى له وكيف نظل واعين لكل مايدس بيننا ويعمل على تفرقتنا.
ومن المهم جداً أن نعرف:
أن هناك فترات من الزمن يمر فيها الوطن بمراحل صعبة يكون فيها مهدداً أو محاصراً أو مستهدفاً…
في هذه الفترات الصعبة…
يتوقع..ويرجى..
من جميع المواطنين أن يتكاتفوا وأن يتضامنوا مهما كانت الخلافات بينهم واسعة..ومهما كانت الأخطاء الداخلية التي تعترض طريقهم موجعة…فالخلافات من الممكن علاجها…
والأخطاء مهما كانت فادحة من الممكن إصلاحها.. لكن الوطن إذا ماأصيب نحن الذين سنتوجع.
إذا ماطعن الوطن نحن الذين سيصيبنا النزيف..
سيداتي:
نحن شعب ذاق المرارة مراراً عبر التاريخ.. وعرف المغتصب والمحتل والمعتدي…لكننا شعب ناضل على الدوام..
وكان دائماً في النهاية ينتصر.. لأنه لابد للحق من أن ينتصر في النهاية..
فالحق -كما قال فارس الخوري في سان فرانسيسكو عندما قصفت دمشق- الحق شعلة من نار كلما ضربت ازدادت انتشاراً…
ونحن أصحاب حق.
قد يتغير المغتصب أو المعتدي
وفي الواقع تغيرت أساليب الاستعمار… وتغيرت الظروف لكننا نحن لم نتغير!…
نحن أصحاب حق في جميع الظروف!
وأنهي كلامي بومضة تفاؤل.. وصرخة إيمان.. مثلما حقق أجدادنا في الماضي الجلاء.. وكان معجزة في ذاك الزمان..مثلما حققوا الجلاء بوحدتهم الوطنية وتضامنهم.
نحن اليوم
بتلاحمنا وتضامننا…
والتفافنا حول رئيسنا الشاب الشجاع الأبي الراقي نحن بوقوفنا صفاً واحداً عملاقاً في وجه الاستعمار الجديد المكشوف رغم قناعه وأقنعته…
نستطيع على الدوام
أن نقهر التحديات وأن نقمع الفتن.
وأن نردد كل سنة في عيد الجلاء مع شاعرنا الحبيب سعيد عقل:
شآم ياابنة ماضٍ حاضرٍ أبداً…
كأنك السيف…
وكل سنة وبلادنا..بلاد المجد والعز والكرامة…
نذكر ان المقال نشر في الإثنين, 23 كانون الثاني 2012