بقلم الاستاذ محمد محسن
" اسرائيل " لم تعد صاحبة الذ راع الطويلة في المنطقة …………….
……………..سيتحــجم دورها وستصبح حمــــولة زائـدة على أمريكا ……………
……………..معسكر العدوان الاقلـيمي سينـتــقل إلى حالــــة الدفـــاع ……………
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نحن نعتمد في رأينا هذا على مبادئ مفاهيمية أساسية ، وعلى رؤية نزعم أنها " استراتيجية " قد لا يتفق الكثيرون معنا بشأنها ، لذلك نحن نفتح باب الحوار على مصراعيه في هذا الموضوع الأهم ، لنحقق أهم هدف من أهدافنا ، وذلك بتحريك الحوار الايجابي الفعال في أهم قضية حساسة ، والحوار مفتوح للكافة ، آملين معاً أن نتمكن من توصيل الرأي المنطقي والموضوعي المقنع ، الأقرب إلى وعي مجتمعنا المتعطش لمعرفة الحقيقة ، في مستقبل هذا الكيان السرطاني ، وموقعه في المنطقة ، ودوره المستقبلي ، وعلاقاته .
……كل هذه التساؤلات وغيرها سنحاول الاجابة عليها وفق مفهومنا لطبيعة الصراع في المنطقة وأبعاده ومراميه .
.
يدرك الجميع أن " اسرائيل " هذه الغدة السرطانية التي زرعت في أرضنا ، لم تزرع محبة باليهود ، بل زرعتها بريطانيا الاستعمارية لتحقق من وراء ذلك مأربين استراتيجيين تاريخيين ، لاتزال المنطقة تأن تحت ثقل وطأتهما وستبقى ردحاً نعتقد أنه لن يكون طويلاً .
… تخلصت أوروبا من الحمولة الثقيلة لليهود ، المنبوذين من الشعوب الأوروبية ، فطردتهم مرتين :
1ـــ عندما سقط الأندلس بيد الاسبان بعد سقوط غرناطة عام / 1492 / ، لوحق اليهود وطردوا من الديار الأوروبية ، فكان العرب وحدهم من استقبلهم ، في المغرب العربي .
.
2ـــ وعندما عبثوا فساداً في الاقتصاد الأوروبي ، واحتكروا بيوتات المال ، وأمسكوا بالمفاصل الرئيسية للاقتصاد الأوروبي ، من خلال القروض التي كانوا يقدمونها حتى للدول بفوائد فاحشة ، ـــ بنوك روتشيلد ـــ فكان أن" وعدتهم " بريطانيا بوطن ، لأنها بذلك تتخلص منهم ومن " جيتواتهم " البغيضة المغلقة في كل أوروبا ، وبنفس الوقت تزرع هذا الجسم الغريب في فلسطين لتنجز مهمتين في آن ، استنزاف الطاقات العربية البشرية ــ العسكرية ــ والطاقات المادية ، كما تحول دون أي شكل من أشكال التقارب بين جناحي العرب مصر وسورية ، وهذا ما كان .
.
لقد قامت الدولة الصهيونية بهذه الأدوار التي أسندت لها ، باقتدار كامل عبر عقود ، بالتعاون المباشر أحياناً مع ممالك الخليج التي صنعتها أيضاً بريطانيا ، كما هو عليه التعاون الآن الذي بدى بأبشع صوره في الحرب القذرة التي تخاض على أرضنا ، وغير المباشر ومن تحت الطاولة أو بالواسطة أحاييناً .
المنطقي والسائد في التعامل بين الأفراد أو بين الدول مع بعضها البعض ، أن من يُوظف فرداً أو دولة لأداء دور معين ، أو وظيفة معينة ، فعندما ينتهي هذا الدور أوالوظيفة لأي سبب كان ، أو يصبح المُعتمد عاجزاً عن القيام به ، لأي سبب من الأسباب ، أو لم يعد المستثمر بحاجة لذاك الدور أو الوظيفة ، كلها اسباب تؤدي حتماً إلى تسريح المُعتمد نهائياً ، او التقليل من اعتمادها عليه ، عندها وحتماً تعمد الدولة المعتمدة ــ بفتح الميم ــ التخفف من العميل الفرد أو من الدولة الوظيفة . وقد تتخلى عنه أو عنها نهائياً ، أو تحيله إلى التقاعد براتب نسبي بأحسن الأحوال ، حتى مواته .
ألا ينطبق هذا المعيار على " اسرائيل " دولة الدور والوظيفة ، ؟؟؟!!!
.
منذ اعلان الدولة عام 1948 وما قبله ، كانت " اسرائيل " صاحبة الذراع الطويلة القادرة على تأديب أي دولة مشاغبة في المنطقة ، فكانت حروب 956 في مصر ، والحرب المفصلية التي حولت مجرى التاريخ عام 967 على سورية ومصر ، ولكن ونحن نأن تحت وطأة تلك الحرب النوعية ، لابد من الاعتراف أنه ومن خلال المأساة ولدت فكرة ـــ حرب الغوار ، العمل الفدائي ، فتح ، والصاعقة ، والجبهة الشعبية ـــ حتى تم اغتيال هذا النبت المقاوم ، في ايلول الأسود عام 970 .
ثم كانت حرب 973 الحرب التي أنتجت اتفاقيتي الصلح والاستسلام " كامب ديفد " و " وادي عربة " . وما بين هذه الحروب الكثير من الاعتداءات ، والكثير من العربدات ، حتى وصل الأمر إلى حد الاعتقاد وعند الكافة أن " اسرائيل " الدولة الأقوى ، الدولة التي لا تقهر .
.
ثم تأكد هذا القول وتعمم بعد اجتياحها لأول عاصمة عربية بيروت عام 982 ، وكان شارون يفطر في صيدا ويتغدى عند بشير الجميل أو العميل جعجع في جونية .
لكن البطل ـــ أحمد القصير ـــ جعل شارون المتغطرس هذا يبكي على أنقاض البناء الذي فجره البطل بسيارته وجعله كعصف مأكول ، " حيث نفق فيه المئات من ضباط وجنود العدو . من هنا من هذه العملية البطلة بدأ الانحدار يتسارع في معنويات هذا " الجيش " الذي لا يقهر .
فجاء الانتصار الذي اذهل العالم عام 2000 حيث حررت المقاومة جنوب لبنان ، وراح أقوى جيوش العالم يجر أذيال الخيبة والخسران ، وهو في طريق الهروب المذل المهين ، مع جيش لحد العميل الذي تفكك وانهار .
أما حرب الثأر التي قامت بها اسرائيل عام 2006 / فلقد جاءت لاكما خططت وأرادت لها اسرائيل ، دمار حزب الله ومحوه من الوجود ، بل كانت وبالاً أقرب للكارثة بل كارثة مدوية ، وخسارة أذهلت العالم ، فكانت الحرب التي قصمت ظهر هذا الجيش الذي تردت معنوياته إلى الحضيض ، وبات يعيش تحت وطأة الخوف ، في حلمه وفي يقظته ، وبات حزب الله هاجسه اليومي ، وأداة رعب حتى للبنية الاجتماعية " الاسرائيلية " .
لا أعتقد أن أحداً لا يقر بهذا التوصيف الموضوعي التاريخي لتسلسل الأحداث ، بل قد نختلف مع البعض الذي كان أو اصبح يعتبر حزب الله " مجموعة مغامرين " ، التعبير المشهور الذي أطلقه وزير الخارجية السعودي الذي مات " سعود الفيصل " .
ولكن المؤكد الذي لا يختلف عليه عاقلين موضوعيين اثنين ، أن هذه الحرب المفصلية التي فتحت أبواب التاريخ مجدداً ، قد أرست قاعدة :
.
……….لقد هزم الجيش الذي لا يقهر ، وهذا يعني أنه بات من الممكن قهره .
……..وأن زمن الهزائم قد ولى ، وأقبل زمن الانتصارات .
فجاءت هذه الحرب القذرة الدائرة الآن ، في التوقيت الذي ظن أنه مناسباً ، وأنه سيعيد المنطقة كلها إلى بيت الطاعة ، والتي جاءت تحت شعار " الربيع العربي " لتسحق كل الدول التي تقول ـــ لا ـــ لأمريكا ، وـــ لا ـــ " لإسرائيل " من ليبيا وحتى العراق واليمن ، ففي سورية التي لا يزال لهيبها يصل كبد السماء " ، جاء حساب البيدر فيها مختلفاً عن حساب الحقل .
……من هنا بدأت المفارقة التاريخية المفصلية ،
في الحسابات العسكرية التقليدية العتيقة ، يمكن أن نقول أن سورية هي الآن مشتبكة في حرب حتى آخر نفس ، وجيشها موزع على أكثر من جبهة ، ووضعها الاقتصادي ليس في أحسن حالاته ، هذا الظرف يعتبر ظرفاً ذهبياً لإسرائيل لتشن حربها ، على سورية وعلى حزب الله المشتبك في سورية أيضاً .
.
………………………..ولكن اسرائيل لا تشن حربها الشاملة ، في هذه الفرصة التي قدمها لها واقع المنطقة على صينية من ذهب ، … لماذا …؟؟؟!!!
لأن صواريخ حزب الله والصواريخ السورية ، ستطال أبعد نقطة وأقرب نقطة فيها ، وستلحق فيها دماراً لا قبل لها به ، فبنيتها الاقتصادية والاجتماعية التي يعبر عنها " بأن الجميع مزدوجو الجنسية " لذلك فعلى أول باخرة سيرحل ـــ البريطاني إلى بريطانيا ، والفرنسي إلى فرنسا ، والأمريكي إلى أمريكا ـــ أما الروسي فسيعود من حيث جاء .
من هذه القاعدة الذهبية نستطيع الجزم :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن " اسرائيل " ستكون من الآن فصاعداً غير قادرة على شن حرب كبيرة…
…………………لأن يدها الطويلة قد كسرت …………………..
ولما كانت " اسرائيل " موظفة بدور التأديب ، تكون قد باتت غير قادرة على القيام بهذه الوظيفة ، بل باتت بالعكس بحاجة إلى حماية مكلفة ماديا وعسكرياً ، من قبل أمريكا الدولة الموظفة ــ بكسر الظه ــ
…………بذلك تكون قد أصبحت حمولة زائدة على أمريكا ويجب التخفف من ثقلها ………..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ مقال مطروح للحوار الجاد ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــ التحالف الشعبي للتنمية الديموقراطية ـــــــــــــ