من يضع الكرد في كمين تاريخي؟ البرزاني يدفع بالكرد كلاعب احتياط تحت تصرف اسرائيل
——————————————————————————-
لايدمر الحق الا أن يعيش على نفقة الباطل ومن كيسه .. ولايلوث الشرف اذا ماسكبت عليه القذارة .. ولكنه يصبح شرفا قذرا اذا قبّله الزناة وأعطوه الهدايا والعطايا ليجلس على موائدهم وألبسوه من عتيق ثيابهم .. ولذلك كان أهم مرجع لنا وأهم حكم فيما يسمى الثورة السورية هو مرجعية وداعمو هذه الثورة .. لأن اي ثورة في العالم لايمكن أن تقبل ان تكون مرجعيتها وحاضنتها أميريكا أو بريطانيا أو السعودية أو اسرائيل .. وهؤلاء كلهم كانوا جماعة الزنا التي خلعت الثياب والأقمشة على جسد الثورة وأطعمتها من مطابخ الاستخبارات الكبرى بذريعة انها خادمة البيت الاستعماري .. وقبلت الخادمة بكل ذلك .. وطبعا سمحت لمجموعة الزنا أن تدخل معها الى غرفة النوم بل ورافقتها حتى الى الحمّام دون اعتبار لحياء أو خجل ..
واليوم بعد تآكل جسد الخادمة الرخيصة وتمزق ثيابها وانهاكها بدأت جماعة الزنا التي قضمت لحمها طوال ست سنوات تفكر في استبدال الخادمة بخادمة أخرى .. ويبدو أن العين الغربية تقع هذه الأيام على الكرد للحلول محل الاسلاميين العرب في حمل نظرية الفوضى الخلاقة كمرشحين مناسبين للعب هذا الدور .. وهم في موقعهم اليوم يمكن أن يثيروا الفوضى في محيطهم من ايران الى العراق وسورية وحتى في تركيا ..
ولكن هذا يعني ان الأكراد على موعد مع محنة شديدة يقودهم اليها تيار مسعود البرزاني الديكتاتور الكردي الشهير الذي بلغت شعبيته حدا متدنيا للغاية وصار الكرد ينظرون اليه على أنه نموذج للحكم الفاسد الذي يتحكم بابناء الكرد ومصيرهم ويجرهم الى علاقة غير متكافئة مع اسرائيل .. فهو علاوة على أنه يتحول الى حاكم مطلق ومستبد وصار اعداؤه من الكرد أكثر كثيرا من أعدائه من غير الكرد بعد أن فقدوا الثقة به منذ أن تحالف مع الرئيس صدام حسين ضد أكراد جلال الطالباني ثم تحالف مع الغرب ضد الرئيس صدام حسين .. فانه خطا خطوة خطرة جدا في الدفع نحو استفتاء الاستقلال عن العراق .. والذي يطمح من خلاله الى وضع رسالة في صندوق بريد كل بيت كردي لاغواء الكرد السوريين والأتراك بنسخه لاحقا .. ويبدو ان للرجل أحلاما بتزعم الشعب الكردي وتاريخه كأول بطل خاص بالأكراد جميعا والحلول محل عبد الله أوجلان كرمز كردي مقاتل مختلف ومحترم ..
وقد تابعنا منذ فترة مقطعا من مظاهرة للصداقة الكردية الاسرائيلية في الغرب ويقال أنها في تل ابيب .. وسمعت أن مسعود البرزاني قد أعطى موافقته عليها .. وطبعا غني عن القول بأن الغرب واسرائيل يستعدان للمرحلة الثانية من الفوضى الخلاقة بعد نهاية الجزء الأول الذي أوكل فيه الأمر الى الاسلاميين الذين دمروا المنطقة .. ولكن تمكن الشعب السوري وحلفاؤه من تحطيم الموجة الاسلامية .. ولذلك بدا التحرك الاسرائيلي السريع للقاء الأكراد اعترافا صريحا بأن المشروع الاسلامي انتهى .. وجاءت اللحظة التي ينزل فيها البديل أو لاعب الاحتياط ..
هذا المقطع لايراد به التحريض على الأكراد لان مافعله المعارضون السوريون أكثر خيانة بكثير مما فعله هؤلاء المتظاهرون الذين يصفقون للخطيب الاسرائيلي الذي يضحك عليهم ويغدق عليهم الوعود كما اغدق القادة الاسرائيليون الوعود على المعارضين السوريين والمجاهدين الاسلاميين بأن اسرائيل ستتدخل لصالحهم وستحرك اللوبي الصهيوني لمؤازرتهم وستأتي بحلف الناتو من صغيره الى كبيره لنصرة المعارضة المسلحة .. وهذا ماحدث فعلا .. ولكن هناك حدود لما يمكن أن تفعله اسرائيل ولوبياتها .. وعندما تبين ان كلفة الحرب عالية تراجع الجميع ولم يفكروا حتى بترك بطاقة اعتذار عن حضور الدعوة أو عن تنفيذ الوعود السخية وآخر الموعودين بالطيران الاسرائيلي كان (أبو مالك التلي) الذي كان ينتظر أي طائر قادم في السماء من اسرائيل الى القلمون ولكنه انتهى بتذوق مذاق الباصات الخضراء بكل اذلال .. ولذلك تم دحر الموجة الاسلامية في سورية ولم تفعل أميريكا شيئا سوى أنها ابلغتهم ان الأسد باق .. ثم انصرفت عنهم لترقص مع فلاديمير بوتين !!..
وبعض الأكراد اليوم يتبعون مسعود البرزاني كما تبع المعارضون السوريون جماعات المعارضة المختلفة وبكل مذاقاتها والوانها .. ومسعود البرزاني يضع الكرد في مواجهة مع عدة دول ويعيش على أمل ان اسرائيل ستتدخل لصالحه ولصالح الأكراد عموما ضد شعوب المنطقة بسبب تحالفه معها من باب الأعداء المشتركين .. ولكن ماذا لو نكثت اسرائيل والغرب بوعودها كما هو متوقع ولم يفعلوا شيئا وتركوا الأكراد لمصيرهم .. ؟؟ أليس درس الثورة السورية خير دليل على أن الشعوب التي تخون نفسها وتتحالف مع أعدائها من اجل أهدافها انما تطعن نفسها .. ؟؟ أليس ذات الدرس عاشه العرب فيما يسمى الثورة العربية الكبرى أن الأمم التي تتحالف مع أعدائها انما تذبح نفسها ؟؟ فالعرب وعدهم الانكليز بالوطن الكبير القومي اذا ماساعدوهم في الحرب العالمية .. ثم أفاق العرب المغفلون ووجدوا أنفسهم مقطعين مثل ذبيحة .. كل قطعة في طبق .. ولكل طبق آكله .. ؟؟
على الأكراد أن يعلموا أن اسرائيل لاتريد دولة كردية .. وهي في ذلك لاتقل عداء للدولة الكردية عن تركيا لان العقل الاسرائيلي لايقبل ان يكون هناك اي دولة أكبر من اسرائيل في المحيط .. وأن لاتكون هناك دولة تملك موارد كبيرة من النفط والماء والأراضي الشاسعة .. وهذا هو الغباء البرزاني بعينه والذي سبقه اليه اردوغان وصدق أن الغرب واسرائيل سيتركان يديه طليقتين لبناء الوطن العثماني الكبير في الربيع العربي ليمسك موارد الشرق الأوسط من جديد .. ولذلك فان اسرائيل ضربت العراق وسورية بتركيا دون أن تعطيها شيئا وتتلاعب بمصير مصر وتبحث لها عن حرب طائفية بين الأقباط والمسلمين .. والاسرائيلي لايستطيع الركون الى فكرة مورفينية يؤمن بها البرزاني بأن الكرد سيكونون حلفاء الغد لان الاسرائيليين يعلمون ان الكرد غيروا تخالفاتهم عشرات المرات .. واذا ما مالت الموازين قليلا ضد اسرائيل فان الكرد سيميلون مع الكفة الرابحة خاصة أن هناك اشياء مشتركة كثيرة جدا بين العرب والكرد وخاصة الدين الاسلامي .. وتداخل الشخصيات التاريخية بين الطرفين .. ناهيك عن أن الشخصية اليهودية مسكونة بهاجس التاريخ وهي لاتستطيع أن تغفل من التاريخ أن المملكة الصليبية الأولى في القدس قد هدمها سلطان كردي هو صلاح الدين الأيوبي .. وتخشى أن تلك المنطقة الكردية تعيد انتاج التاريخ بشخص كردي يعيد توجيه السلاح الى اسرائيل بسبب لعنة تاريخية تبعث "بملك" كردي لهلاك المملكة اليهودية الحالية ..
ماتريده اسرائيل واضح .. فأنا على يقين أنها لن تسمح بقيام دولة كردية كبيرة .. بل تريد استدراج الكرد الى الحلول محل داعش والاسلاميين مثل لاعب الاحتياط الذي يتم الزج به في الشوط الاضافي عندما تبدأ معنويات الفريق الخاسر بالتراجع وتبدو الهزيمة تلوح في الأفق .. ويراد للأكراد كلاعبي احتياط خوض معركة طاحنة في المنطقة لتبقى فيها الفوضى لأن أي استقرار وهدوء في الأمواج العنيفة يعني أن اسرائيل ستطفو كعدو على سطح الماء الهادئ .. أما الفوضى فانها تبقيها طرفا يلاقيه الجميع ويحمله الجميع .. وستعمل اسرائيل على ديمومة الحرب الكردية العربية التركية الفارسية لمدة مئة سنة ..
لايزال التاريخ يحاسب القادة الذين يقودون بلدانهم الى انتصارات تنتهي بهزيمة نهائية عندما يدخل هؤلاء القادة بلدانهم الى الكمين التاريخي الذي يتربص بالأمم والشعوب .. ولاشك أن غواية الانتصار تثمل القادة أحيانا وتجعلهم يغامرون وربما يقامرون أو يجنّون .. والأمثلة في التاريخ لاحصر لها .. ولكن سلسلة الزعماء الذين يندفعون خلف غواية النصر الثاني والثالث وادمان الانتصارات ستضم اليها مسعود البرزاني الذي يريد جرّ الأكراد في المنطقة الى تحالف خطر جدا .. سيحولهم الى شعب منبوذ بعد ان نالوا تعاطف الشعوب العربية في كفاحهم للاعتراف بهم وبمعاناتهم التي أحاطت بهم واختلطت بهم .. واذا أراد الكرد وطنا فلن يعينهم عليه الا جيرانهم العرب .. حيث يجب أن لايعلنوه في الأطراف الضعيفة بل يعلنوه حيث أكبر كتلة كردية سكانية صافية في تركيا .. لأن الكرد لايكادون يمثلون في الأطراف العربية الا جالية من الجاليات الكثيرة التي هاجرت مع الحروب من تركيا لتعيش في شمال سورية والعراق ..