
الكتابة هي من امتهنني… و ليس معي فيتامين واو ( الواسطة )
لا تزال التجارب الإبداعية ترخي ظلالها على أسماء معينة و تقف كسد منيع في وجه الأقلام الشابة في جميع المجالات الأدبية و الفنية، حول هذا الموضوع كان لنا حوار صحفي مع الكاتبة الشابة أماني الأكرمي الحاصلة على شهادة أكاديمية في مجال السيناريو و الحوار و هي طالبة متفوقة في السنة الثالثة في كلية الإعلام بجامعة دمشق، لها عدة مشاركات فنية في الكتابة و إخراج الأفلام الروائية القصيرة..
– ما الذي دفعكِ للإبحار في عوالم الكتابة؟
لم امتهن الكتابة بل هي من امتهنني، فمنذ نعومة أظافري قد أوثقني حبالها، كانت أشبه بشبكة عنكبوت متينة و كنت أنا الفريسة الضعيفة، نشأت و أنا أسعى وراء حلمي، أحاول أن أمتلك أدواتي لأنطلق و أحقق غايتي.. أرى في الأفق نجاحي، هذا الأمل يحييني مع توالي الخيبات، و يدفعني للنهوض من جديد… سأصل يوماً ما.. سأصبح كاتبة مهمة.. و سأكون العنكبوت و سأوقع الملايين في شباك كلماتي.
-عملت مع المؤسسة العامة للسينما، كيف كانت تجربتكِ؟
إنها تجربتي الأولى التي أبصرت النور، قدمت لهم فيلمين روائيين قصيرين، فوافقوا على نص ( أمل حياتي ) لأمور تتعلق بالإمكانيات الإنتاجية، بالرغم من ثناءهم على الفيلم الآخر ( حالة خاصة ) الذي يطرح و بجرأة فكرة انخراط ذوي الحالات الخاصة بالمجتمع ، و تعالج الفكرة نظرة المجتمع السوداوية لمثل هؤلاء الأشخاص مهما علا شأنهم، تمنيت في أعماقي من قبول هذا الفيلم و لكن شاءت الأقدار.
– ( أمل حياتي ) التجربة الإخراجية الأولى لكِ ، ماذا تعني لك هذه التجربة؟.
هي التجربة الأولى بمعدات تصوير و إضاءة و كادر كامل، و ليس التجربة الإخراجية الأولى، فقد أخرجت سابقاً فيلم بعنوان ( وخزة إبرة ) بإمكانيات بسيطة جداً حيث تم تصويره بكاميرا الموبايل و قام زوجي بمونتاج الفيلم استعداداً للمشاركة في مهرجان أفلام الموبايل في سورية، و لكن و لسبب أجهله تم إلغاء المهرجان..
أما عن ( أمل حياتي ) فقد استمتعت بالتجربة، ففريق العمل كان متماسك و بالرغم من خبرتهم المهنية إلاّ أنهم يحترمون نظرتي الإخراجية، كنّا نتناقش سويّاً قبل تصوير المشاهد، بقينا لوقت متأخر من الليل و مع ذلك بقيت الهمم مشدودة، في الحقيقة تشكر المؤسسة العامة للسينما على هذه المبادرة التي أتاحت فرصة للشباب بتقديم أنفسهم كمؤلفين و مخرجين و أتمنى من مؤسسات أخرى أن تحذو حذوها، فلا يعقل أن يبقَ الفن محصوراً بيد فئة معينة سواء على صعيد التمثيل أو الإخراج أو الكتابة.
– ( العلقم ) ما السرّ وراء عدم تنفيذ هذه السباعية مع الهيئة العامة للإذاعة و التلفزيون؟.
في الحقيقة لا اعلم، لم يكن هناك جواب شافٍ من الرقابة يسكن ألآمي ، كنت قد اتفقت مع المخرج نبيل ع شمس في عام 2012 على كتابة سباعية تتطرق إلى الأزمة من الناحية الاجتماعية، و باشرت بكتابة الحلقات بعد الموافقة على الأفكار المطروحة في الملخص، و مع انتهاء الكتابة كان المخرج نبيل قد استلم موقع رئيس قسم الإنتاج في الهيئة العامة للإذاعة و التلفزيون، و أصبح الحلم وشيكاً يلوح بالأفق، بدأ باختيار مواقع التصوير، و كانت العودة الأولى للإنتاج في الهيئة العامة للتلفزيون بعد انقطاع دام لسنوات، فوجئنا بالرفض من الرقابة لأسباب غير مقنعة، و بادرت برفع كتاب لتوضيح الأمر، و جاء الكتاب مع الرفض، لا أظن حقيقة العيب في النص لأني قد طورته و أصبح عمل مؤلف من ثلاثين حلقة و قدمته مرة أخرى لمؤسسة الإنتاج الإذاعي و التلفزيوني وحصل على تقدير جيد جداً، و استكملت باقي الحلقات إلاّ أنّ خط مخيم اللجوء الذي طرح بعد الحلقة الثامنة لم يحبذه المخرج وائل رمضان الذي كلفته المؤسسة بالإطلاع على النص، فاتفقت معه على بعض التعديلات لإزالة هذا المحور على أمل تنفيذ المسلسل، ومازلت إلى الآن على أمل أن يبصر هذا العمل النور.
– أي المواضيع تحبذين معالجتها؟.
أجد نفسي في الأعمال الاجتماعية و تستهويني كتابتها، فتسليط الضوء على الواقع و إيجاد الحلول إن أمكن هو أمانة بأعناق الكتّاب و لا سيّما أن المسلسلات تتابع من فئات مختلفة و متعددة في المجتمع، يأتي بعدها أعمال البيئة الشامية على أن تكون الأحداث موثّقة و تاريخية بالإضافة إلى قصة (حتوتة) تتناسب مع الحقبة المختارة، و ارفض الكتابة في الأعمال المجانية إلاّ أن آلية الإنتاج فرضت على أي كاتب حديث العهد أن يخوض في هذه الأعمال من أجل تسويق اسمه.
– لماذا لم نرَ اسمك على الشاشة إلى الآن؟.
لسبب بسيط، ليس معي فيتامين واو، الواسطة و المحسوبية أساس العمل في الوسط الفني، المقولة التي يرددها أصحاب الشركات بأن النص الجيد يفرض نفسه هي مقولة منمّقة، على رفوف الشركات ستجد الكثير من النصوص غير المقروءة، هم لا يعرفون حتى محتواها إن كان جيد أو رديء، و أحلام الكثير من الكتّاب الشباب نائمة على تلك الرفوف..
( نساء رائدات ) ، ( قناع روح ) ، ( رجال الشمس ) ، ( الثعبان ) ، ( بين الأشواك) ، ( العلقم ) ، ( كش ملك ) ، ( رحلة عمري ) جميع هذه الأعمال وغيرها كتبتها بشغف، صغتها من روحي و تعلقت بشخوصها، فبكيت معهم و فرحت و رقصت و حزنت معهم، و هي الآن مدفونة على رفوف الشركات، حكموا عليها بالموت حتى قبل أن تولد..
العمل الوحيد الذي نجحت بتسويقه كان خماسيتان لشركة الأحمر غروب ضمن سلسلة ( خطايا ) الذي لم يبصر النور إلى الآن، كما وقمت بإعداد برامج دينية انتظر بفارغ الصبر من الشركة المنتجة تنفيذها
.
– إصرارك على المثابرة يدل على دعم معنوي قوي يمنحك العزيمة، على من ترتكزين؟.
ارتكز على أساسين: الأول إيماني بنفسي و شغفي بالكتابة، ما إن تثني عزيمتي حتى تولد عزيمة أقوى من سابقتها، أرى طريقي واضحاً كالشمس، لكنها مسألة وقت، ففي النهاية سيصح الصحيح.
أما الركيزة الثانية فهي زوجي، أوّل من شجعني و أخذ بيدي إلى شركات الإنتاج، هو أوّل قارئ لي و أوّل من يقدّم رأيه بشفافية، اهتمامه يدفعني للمضي قدماً لأثبت له أني على قدر حلمه بي، ثم تأتي عائلتي، فمازلت أذكر دموع الفرح تنهمر من عيني والدي عند رؤيته لاسمي لأوّل مرة على شاشة التلفاز.
– هل أنتِ قابعة في سجن انتظار مكالمة هاتفية من إحدى الشركات، أم انك تكتبين عملاً جديداً؟.
كنت كذلك فيما مضى، أما اليوم فقد توضحت الرؤيا أمامي ،و أصبحت على قدر جيد من النضج ، فقد انتهيت مؤخراً من كتابة عمل بيئة شامية بعنوان ( العقيق الشامي ) يتناول حقبة مهمة من تاريخ دمشق العريق، و قد استعنت بكتاب ( تاريخ دمشق الكبير ) لابن عساكر من أجل توثيق الحقبة الزمنية لإظهار الصورة الحقيقية لدمشق و ليس كما صورتها بعض الأعمال.
و اعتكف الآن لكتابة مسلسل تاريخي بعنوان ( أسد الصحراء ) يتحدث عن المجاهد عمر المختار منذ نشأته و حتى استشهاده، فكرة المشروع للمنتج ( عماد عبد الحليم) و نحن على تواصل دائم من أجل النقاش في الأحداث.
– لماذا لم تعرضي روايتك ( ابتسامتك أغلى ما أملك ) على دور النشر؟.
لسببين، الأول أني لم انهيها كاملة، فمازلت في الفصل الأخير، أما السبب الأخر فليس للأدب الروائي اهتمام في الشارع السوري، فالقراء الحقيقيون قليلون جداً مقارنة بجمهور التلفاز، هذا الأمر لطالما دفعني إلى التفكير لتحويل الرواية إلى عمل تلفزيوني ، و لكن شغفي بعالم الرواية منعني من ذلك، فللإبحار في العالم الروائي لذة أخرى، ليس هناك سقف يرتطم به خيالي ، استطيع أن أحلم و أتحكم بشخوصي على نحو يرضيني و أفتقد لهذا الأمر في التلفاز.
محمد فادي جوهر