بقلم الاستاذ محمد محسن
..الخاســــر الأكبـــر اسرائــــيل ، وممـــالك الخــليج …
..المعارضون الزاعقون العملاء في أي أرض يهيمون .
…..أما الحاقدون فسيبحثون عن قشور للأمل في خيباتهم
جن جنون من يعتقد أن ما سيترتب على هذه الحرب من نتائج ، لها ما يماثلها في جميع الحروب التي سبقتها في المنطقة ، لأن هذه الحرب وبكل المقاييس شكلت فالقاً زمنياً ، بكل أبعاده التاريخية ، إنها الحرب الفصل بين زمنين ، زمن انكفاء وارتداد ، وتراجع ، سطوة ووصاية المعسكر الغربي بكل مكوناته ، وعلى راسه أمريكا ، وهذا بالتأكيد سينعكس سلباً على كل حلفائه وتابعيه في المنطقة ، من ممالك الخليج ، وصولاً إلى تركيا ، والرجعيات العربية كلها ، ولكن " اسرائيل " ستكون الخاسر الأكبر، لأنها ومنذ تأسيسها ، وهي تربح جميع حروبها في / 48 / و / 56 / و/ 67 / و / 82 / حتى أنها ربحت في جميع حروبها الصغيرة ومناوشاتها ، وهناك ربح جزئي مختلف عليه عام / 73 / من القرن الماضي ، حتى عام الخروج المذل المهين من جنوب لبنان عام / 2000 / على يد مقاومي حزب الله الأبطال ، أما هزيمتها وخسارتها الكبرى واندحارها المدوي فكان عام / 2006 / على يد مقاومي حزب الله أيضاً ، الذين مهدوا ويمهدون لخسارتها المستقبلية التاريخية الكبرى ، ان وقعت ـــ ولا أعتقد أنها ستجرؤ ثانية ـــ مع حلفائهم الجدد الحشد الشعبي العراقي ، والجيش العربي السوري .
.
العقلاء يعلمون أن السبب الرئيسي لزرع " اسرائيل " في المنطقة ، لم يكن أبداً نتيجة حزن وبكاء بريطانيا " العظمى " على حال اليهود في أوروبا ؟؟!! الذين كانوا يمسكون برقاب المال في كل القارة ، من خلال بنوك روتشيلد وغيرها من اليهود ، ولا رغبة في " انصاف " اليهود تاريخياً وذلك بإعادتهم إلى " بلادهم التاريخية المزعومة " !! ، التي تم سبيهم منها من قبل القائد البابلي " نبوخذ نصر " !! ، بل بالعكس ولنفس السبب الأول ، ضاقت أوروبا بهم زرعاً ، من خلال الديون التي تكدست ، ، والفوائد المركبة الفاحشة التي أرهقت الاقتصاد الأوروبي ، كلها لصالح المؤسسات المالية اليهودية ، كما وجدت أوروبا في التجمعات اليهودية المغلقة " جيتوات " ما يتناقض والحياة الرأسمالية الأوروبية المنفتحة ، بعد الثورة الصناعية .
لذلك توافق كره الأوروبيين لليهود ، مع كره الأوروبيين التاريخي للعرب ، وحقدهم عليهم ، حيث تلاقت هذه الكراهية المزدوجة ، مع نهجهم الاستعماري العدواني ورغبتهم في السيطرة على المنطقة العربية ، المنطقة الأهم برأيهم في العالم ، ـــ كما رأى ذلك " نابليون " امبراطور فرنسا ، الذي يُعتبر أول من سعى لتجميع اليهود في فلسطين في مطلع القرن الثامن عشر ، أي قبل وعد بلفور المشؤوم بقرن .
أي بذلك يكون الأوروبيون قد حققوا هدفين هامين ، أولهما : الخلاص من جشع يهود أوروبا ، وثانيهما : زرعهم كرمح في خاصرة العرب يتم تحريكه عند اللزوم ، وخلق جدار سميك بين المشرق العربي ومغربه ، يمنع نفاذ أي حالة تلاقي وتكاتف أو توافق ، أو تضامن .
,
إذن جاءت " اسرائيل " لتلعب [ دوراً ووظيفة ]، الدور : منذ تأسيسها وهي تنجز جميع أدوارها التي أوكلت إليها ، لصالح من زرعها ورعاها ، ووظفها ودعمها ، ومن حالفها وحماها ، والتي تتلخص بحرمان دول المنطقة من أي فترة هدوء أو راحة ، أو التقاط للأنفاس ، بل واغتيال لأي نزوع [ جنيني ] نحو التقدم والعقلانية . والوظيفة : هدر واغتيال واستنزاف طاقات الملايين من الشباب ، من خلال أخذهم من الحياة العملية الانتاجية العادية ، والغاء دورهم في المساهمة برفع سوية الوطن الاقتصادية ، والعلمية ، والمعرفية ، بكل صنوفها ، وذلك بنقل هذه الطاقات الشابة سنوياً بمئات الآلاف إلى المؤسسة العسكرية ، التي تعيش بحالة تأهب دائمة في ليلها والنهار لمواجهة العدو الجاسم على أرضنا ، الواقف قبالتهم على الطرف الآخر من الحدود ، والذين تصرف طاقاتهم الايجابية المنتجة في التدريب والاستعداد الدائم للمواجهة ، وانفاق ثلاثة أرباع الميزانية الوطنية على التسليح ، بدلاً من انفاقها على التقدم والتطور العلمي ، والاقتصادي ، بل ومتابعة التسليح السنوي ، لمواجهة التهديد اليومي ، والخطر الداهم من عدونا المدعوم من كل دول الغرب الاستعماري ، عدونا وعدو أجدادنا التاريخي .
…………فما الذي فعلته هذه الحرب ؟
كان الحلم الاسرائيلي أكبر وأوسع من الحلم الأمريكي ذاته ، كحصيلة متوقعة من هذه الحرب ، فالحلم الأمريكي كان يتلخص ، في اسقاط آخر الدول المتمردة في المنطقة التي لا تدين لها بالولاء ، ثم تجلس بعد ذلك على عرش العالم تديره وفق مصالحها الاقتصادية والسياسية .
.
ولكن " اسرائيل " ، كانت تحلم بتحطيم الخصم الألد سورية ، ونقلها ذليلة محطمة ومدماة إلى معسكر التابعين ، أو الحلفاء ، وهذا يعني اغلاق الدروب الايرانية المارة من سورية إلى حزب الله ، وبالتالي الثأر من حزب الله ، والإطباق عليه من جميع الجهات ، بمعاونة فعالة من عملائها المتربصين له في الداخل اللبناني ، وسحقه وقلعه من المنطقة ، وبذلك تحقق استقرارها لعقود أو لقرون ، وتصبح سيدة المنطقة من البحر إلى النهر ، أما ممالك الخليج فكانت تشارك " اسرائيل " بعض أحلامها ، أو كلها ، أي أنها وهي تحقق مصالح الدول الغربية الحامية والراعية ، تحافظ على بنيتها ونظامها العتيق ، والذي لم يعد له نظير في العالم ، وإنهاء آخر دولة مشاكسة في المنطقة وقطع جميع السبل أمام ايران ومحاصرتها في حيزها الجغرافي ، وتخليصها من جميع مجالاتها الحيوية ، وهذا ما يمكن سحبه على الاتحاد الروسي .
………………..فماذا الذي حدث ؟؟؟!!!
سورية نعم جرحت جروحاً بليغة في جميع أنحاء جسدها ، حتى لم يبق فيها محل لضربة رمح إلا وفيه جرح أو ندبة جرح ، ولكن الجراح التي لا تميت تزيد صاحبها صلابة وقوة وباساً ، وكذلك حزب الله اكتسب خبرة قتالية كبيرة باتت هماً مضافاً ينغص " اسرائيل " ، ويؤرقها في ليلها ونهارها ، ومما زاد في الطين بلة ، وبدلاً من اغلاق دروب ايران ، بات الطريق " كردوراً "مفتوحاً ليل نهار من ايران مروراً بالعراق فسورية فحزب الله ، الذي أضيف له رديفاً مسلحاً مدرباً يزيد عديده عن 500 ألف مقاتل ، ألا وهو الحشد الشعبي العراقي ، شقيق حزب الله بالرضاعة ، الذي كسر أنف " اسرائيل " مرتين .
.
فما هو واقع الدولة العبرية الآن دولة " الوظيفة ، والدور " ؟؟؟!!! وما هو واقع محميات ممالك الخليج ؟؟؟!!!
سيبقى الحاقدون يحلمون ؟ ويفسرون بعضاً من ملامح خسارة هنا أو انتكاسة هناك ، بأنها تعبير عن بصيص من أمل ، حتى ولو أظلمت الدنيا في وجوههم ، وكذلك شأن الرماديين والعملاء ، والطابور الخامس ، دعوهم يحلمون ، سيموتون غيظاً ، وسيأكلهم حقدهم ، ولن تشفع لهم كل دول الشر التي تحالفوا معها ، وتآمروا معها ، وساهموا بالقتل والتدمير معها ، لأنها خسرت حربها ، فخسروا معها والعميل لا يحق له أن يحلم مجرد حلم ، أن تطأ قدمه أرض سورية المقدسة التي خانها .
.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هزيمة اسرائيل التي باتت مؤكدة ، ستنعكس على المنطقة بكل دولها ، وبخاصة ممالك الخليج المحمية من أمريكا ، التي تبدو ظاهراً أنها عدوة اسرائيل ، ولكن هي حليفة لها ، وصديقة ، وتنهض بذات المهمات والأدوار ، بل يفوق دورها ووظيفتها ، دور ووظيفة " اسرائيل " ، لأنها وباسم العروبة والاسلام ، دمرت العروبة ، كما دمرت الاسلام . تآمرت على وحدة سورية ومصر ، وأوصلت الاسلام إلى درك الارهاب الأسود ألا يكفي ؟؟!.
واذا ما وضعنا بعين الاعتبار أن أهم غاية من غايات الحرب المجنونة ، كانت اخراج التحالف بين ممالك الخليج و" اسرائيل " السري ، إلى المباشر والعلني ، ندرك كم ترتب على انتصارنا في هذه الحرب من نتائج تفوق الوصف ، فهي لم تكسر يدي اسرائيل فقط ، بل مزقت التحالفات المباشرة وغير المباشرة الراهنة والمستقبلية ، وخربطت كل الموازين التي كانت تقوم عليها المنطقة ، أو التي كانت مرسومة ومتوقعة .
وهذا الخسران المبين ، سينعكس على جلاوزة المنطقة ، فمنهم من سيقتله غيظه وحقده ، ومنهم من سينقلب من وضعية الواقف إلى وضعية الزاحف ، ومنهم من سيذهب ريحه ، فيعتمد الصمت المطبق عنواناً لبقية من حياة يحكمها القنوط واليأس .