بقلم المحامي محمد محسن
.اجتازوا نهر الفرات شرقاً ليواجهوا " قسد " و داعـش .
..مـن قطـــع كـل هـذه المســافات سيقـــطع نيــاط قــسد.
.هــل سيـــقع الأكـــراد " فريـــسة الوعـــد " الأمريكي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لم نستخف يوماً بصروف الحرب وويلاتها ، لأننا كنا ندرك حجم الهجمة البربرية الرهيب ، وعديد الدول التي تقف وراءها ، وقدراتها الهائلة ، مالاً ، وسلاحاً ، والأسلوب المتفرد والنادر الذي خاضت به هذه الحرب القذرة ، كأداة ، وأسلوب قتال ، لامثيل لهما في التاريخ ، لأنها استخدمت وحوشاً تسير على قوائم ، وكأنها حرب في زمن التوحش ، كما كنا ندرك أن الحرب موت ، مجاني ، ودمار .
ولكن كنا ندرك وبنفس المقدار أن ضريبة الانتصار مهما كانت باهظة ، هي أقل بألف مرة من هول ضريبة الخسارة ، ولكن وبعكس الكثيرين كنا ندرك أيضاً أن [ التحدي ، يستدعي التحدي والمنازلة ] ، وأن [ الهموم ، تستولد الهمم ] ، [ وأن العدوان ، يستدعي بالضرورة المواجهة والرد ] ، وأن شعبنا وضع في هذه الحرب أمام خيار واحد ، لا خيارين ، الصبر ، ثم الصبر ، والثبات ، والمجابهة ، وكنا ندرك أيضاً أن المجتمعات الحية ، عندما توضع وجهاً لوجه أمام خيار التحدي المصيري ، يستيقظ فيها كل ما هجع من محتدها عبر القرون ، ويضعها تاريخها أمام الامتحان المصيري ، ألا وهو [ قبول التحدي والمواجهة ] ، وهذا ما كان .
.
قالوا لن يجتازوا النهر ، ولن يركبوه ، لأن هناك على ضفة النهر أمريكا ، وصنيعتها " قسد " ـــ التنظيم العسكري الكردي ـــ ، ولكن الجيش الذي قطع الفيافي والقفار ، من القنيطرة حتى نهر الفرات سيقطع النهر وما وراء النهر ، الكثير من المحللين ، والكثير من المراقبين ، لم يضعوا في اعتباراتهم ، أن الحرب التي ظنوها لعبة ، قد قلب الجيش وحلفاؤه مراميها وغاياتها ، واتجاهاتها ، وفق مفهوم لكل [ ضارة نافعة ] ، لقد صقل جيشنا البطل إرادته ، وروح التحدي عنده ، وكل أسلحته ومهاراته في أتون الحرب ، وضمن أوارها ازدادت خبرته ، [ وباتت الحرب لعبته ] .
ولما كان حزب الله قد أدرك بحسه الكفاحي ، أن ساحة المواجهة ، تمتد من البصرة حتى صنعاء ، ومن بغداد حتى " تل أبيب " ، أعلن النفير ووقف حيث يجب أن يقف ، وكان حيث يجب أن يكون ، وصولاً إلى النهر وما بعد بعد النهر .
والجديد الرافد الكفاحي ، والنضالي ، الذي ولد من خلال المعاناة ، والذي استولدته ظروف الحرب ومراراتها ، [ كتائب حزب الله في العراق ، واطاره العام الحشد الشعبي ] . فمن في أذنه صمم ، وفي عينه حول ، مطالب أن يضع كل هذه العناصر الفاعلة الجديدة ، التي غيرت وستغير شروط اللعبة في المنطقة ، وقلبت كل الأساليب القديمة ، وعليه أن يضعها في المقام الأهم من الاعتبار ، وأن يدخلها في جميع معادلاته التقييمية ، فالحشد الشعبي يخيف أمريكا وحلفاؤها ، من الانفصاليين الأكراد وغيرهم ، كما يخيف حزب الله " اسرائيل ".
.
لا ألوم الوطني المتخوف ، ولا ألوم المواطن الذي أشكلت عليه الأمور ، فيسعى إلى توضيح الصورة في ذهنه ، ولكن ألوم المتشائم الرمادي ، بل أحذر منه ، الذي ومهما كانت الانتصارات تثير الدهشة والعجب ، تجده يبحث عن نقيصة هنا ، أو تقصير هناك ليتخذها مبرراً وليبني عليها كل رغباته وأمانيه السوداء ، فهو لا يرى إلا بعين حولاء ، عين الخسارة ، من خلال تضخيم الباقي من المتاعب الكبيرة ، التي نعترف أنها ليست نزهة ، فمتى كانت الحرب خلال سنواتها السبع نزهة ؟ !! ، ولم يكتف المتشائمون بحمل مشاعرهم السلبية ، والإغلاق عليها في مشاعرهم السوداء ، بل يساهمون في الحرب النفسية ، التي تواكب الحرب العسكرية ، لذلك من يبث تلك السموم ، بهدف تخويف المواطنين ، يعتبر من العملاء أيضاً ، فالعمالة لا تقتصر على تقديم الخدمة للعدو بمقابل ، بل كل قول أو فعل يسهم في الحرب المعنوية النفسية ، أو الحرب العملية ، هو عميل بمقابل أو بدون مقابل ، هؤلاء دعاة التشاؤم ، قدموا من الخدمات للعدو ما لا يمكن حصرها ، وتنشر الكثير من التحليلات السوداء ، وبخاصة في هذه المرحلة ، التي سيكون لها تعقيداتها الخاصة ، نتيجة تدخل العنصر الكردي في المعركة .
ونحن نجيب على كل تلك التخرصات ونقول : من قطع كل تلك الفيافي والقفار ، شاهراً سيفه يقاتل وحوش الأرض في بادية الشام ، وتلالها ، ووديانها ، في قيظ الصيف ، وغبار المعارك ، والعدو يتقهقر أمامه مهزوماً مدحوراً ، سيقطع النهر ، سيتجاوزه ، سيركبه ، ولن تقف أمامه " قسد " ولا حتى " المارينز " الجبان الذي هزم في جميع معاركه من الفيتنام حتى افغانستان ، وسينهزم حتى في " التنف "
.
.التعقل والدعوة للوحدة الوطنية
من خلال أفقنا الوطني ، التقدمي ، العقلاني ، الذي نخوض كلماتنا والمعاني من تلك الآفاق ، ومن مواقع الحرص على مكوننا الوطني الكردي ، نقول للوطنيين الأكراد : الذين وقفت معهم كمحام متطوع ومجاناً في ثمانينات القرن الماضي ، أمام محكمة أمن الدولة ، للدفاع عن مظلوميتهم ، نقول لهم : ونبث مشاعرنا لهم بكل اخلاص ، أنتم تقاتلون الجيش الوطني ، في الوقت الذي يقاتل فيه جبابرة الأرض ووحوشها ، فبدلاً من أن تقفون معه ، وتبلسمون جراحه ، تعلنون عداءكم للجيشنا الشجاع ، في الزمن الذي أشهر فيه كل أعداء الحرية والعقل ، سكاكينهم في وجهه ؟؟!!.
لا تغلبوا المشاعر الشوفينية ، والحقد ، على التعقل والدعوة للوحدة الوطنية ، ولا تأخذكم " العزة " من السلاح الأمريكي الذي تحملون ، فهو سلاح مؤجر لكم من أعداء الوطن [ أمريكا ، و" اسرائيل " ] ، فلا تكونوا لعبة بأيديهم ، وتخونوا الوطن الذي رعاكم وحماكم ، ولا يغرنكم موقف أمريكا الداعم لكم ، فهم سيبيعونكم عند أول زاروب من زواريب الحرب ، كما باعوا غيركم ، أما صداقتكم مع " اسرائيل " فستجلب لكم ألف ضعف من الأعداء .
.
لا الزمان ! ، ولا المكان ! ، ولا التاريخ ! ، ولا الجغرافيا ! ، ولا الديموغرافيا ! ، وكذلك الوجود الراسخ والممتد في المكان للعديد من القبائل العربية الكبيرة والفاعلة ، التي تعيش على أرضها وأملاكها وتقيمون في ظهرانيها ! ، وكثير من الأكراد العقلاء ! ، وجميع الدول المحيطة بكم تعاديكم ، وحتى التحالفات الدولية في العلن تقول لكم لا !! ، كل هذه العوامل لا تخدم فورتكم ، فاذا ما أضفنا لكل هذا ، اندفاعة الجيش المحرر المنتصر ، وحلفائه ، وروافده ، وحقه في الدفاع عن وحدة أراضيه ، فماذا أنتم فاعلون في هذا الخضم ؟؟! .
الحرب موت ودمار للمتحاربين ، ولا نريد الموت لأي من الطرفين ، ولكن لا يمكن أن تقف اي عوائق مهما كانت ، في وجه جيشنا البطل ، وحلفائه ، في انجاز تحرير أي شبر من مساحة الوطن ، فلا عذر لكم ، ولا مبرر بأيديكم ، نأمل أن لا تلعبوا الدور المكمل والوظيفة التي كانت تقوم بهما " اسرائيل " ، والتي حجمت هذه الحرب دورها ووظيفتها ، وباتت غير قادرة على النهوض بهما ، مما دفع بأمريكا ، بالبحث عن بدائل ، فهل ستكونون المطية ، والبديل ؟؟!! .
.
حتمية انتصار الوطن
كل موضوعي ، بل وكل عاقل يدرك ، أن الدولة المنتصرة تعود وحداتها الاجتماعية بكل تلاوينها ، للانضواء تحت علمها الوطني معتزة بما أنجزه جيشها وشعبها ، لأن الانتصار عادة ما يقدم لها كل أسباب الخلاص من أمراضها وتناقضاتها ، ويفتح الآفاق أمام شعبها للانطلاق نحو المستقبل ، وليس العكس .
أما الدولة المهزومة غالباً ما تسعى وحداتها الاجتماعية لتظهير اختلافاتها ، وتبايناتها ، وتتمسك تلك الوحدات الصغيرة بهوياتها الجزئية للانضواء تحتها ، هرباً من الهوية الأم التي هزمت .
وتحت هذا المفهوم العام ، يمكن أن نضيف أن الشعب المنتصر ، أو الجيش المنتصر ، يدرك أن لابديل لاستكمال انتصاره ، ولن يقبل ان يكون ناقصاً ، لأن من قدم تلك القوافل المتلاحقة من الشهداء ، لن يبخل بالدم والجهد عندما تعترضه عقبة مهما كانت كأداء ، قبل الشوط الأخير من استكمال انتصاره ، بل يصبح استكمال الشوط الأخير من النصر من النوافل .
لذلك نقول ما نرغب أن يحدث : ، هو ليس نصيحة ، ولكنه موقف [ احقنوا دماء جيشنا الوطني البطل ، فتحقنوا دماء المواطنين الأكراد ] ، واحتفلوا مع شعبكم بالانتصار الذي سيحققه ذلك الجيش الذي لا يقهر ، وحتى لا تستثنون ، وتنتقلون من خانة الوطن ، إلى خانة أعدائه …..فهل تعقلون ؟؟ .