·

عظمة أوغاريت تكمن في ثورتها المعرفية والفكرية التي جعاتها تحتل مكانة عالمية رائدة ….فملاحمها وأساطيرها هي الأقدم …قد سبقت النصوص التوراتية بما يقارب الألف عام…..وأبجديتها حررت الفكر الإنساني وأتاحت له التعبير ببسلطة عن أسس الحقائق الفكرية والروحية وكانت أقدم أبجدية عرفها العالم حتى الآن….وكانت أساس أبجدية اليونان وبالتالي اساس الأبجديات الأوروبية الغربية…….
مهما تعمقت بحضارة أوغاريت لن تكتمل إلا بزيارتها والتعرف على مكتباتها ومدراسها التي خلفتها لنا وما احتوته من وثائق ومعلومات عن موضوعات متعددة شملت جميع النواحي المادية والاقتصادية والاجتماعية والروحية والفكرية..
ففي مكتبة "بيت رابعانو"الذائع الصيت والشخصية الفكرية الأشهر في أوغاريت اكتشف أكثر من مائتي لوحة مكتوبة باللغة الآكادية وهي مراسلات دبلوماسية وملكية مع ملوك الدولة الحثية والدولة المصرية آنذاك….إضافة ألى رسائل موجهة الى ملكة أوغاريت /آحات ملكو/ونصوص قانونية ولائحة بأسماء آلهة أوغاريت ….
وفي مكتبة المثقف الأوغاريتي اكتشف وثائق عديدة تحتوي على مفردات متعددة اللغات ..وقواميس موسوعية…ونصوص لتعليمات حول فن الكتابة ..سجل باللغتين السومرية والآكادية..ونصوص كثيرة تجاوزعددها الآلاف منها ترجم والبعض الآخر ما زال ينتظر دوره لأنه لم يتسنى للعلماء من ترجمته حتى الان ربما يكشف لنا عن حقائق وأسرار جديدة لم تنقطقها أوغاريت حتى الآن..
ولا بد أن نشير الى ماعثر عليه من نص سطر باللغة الأوغاريتية أعتبر من أجمل النصوص الشعرية كتبه شاعر أوغاريتي يعبر عن عاطفته وحبه لأمه في وصف جميل للأم المثالية ..
يقول النص :
"أمي كانبلاج النور في الأفق..
إنها غزالة الجبل..
ونجمة الصباح النيرة حتى في وضح النهار..
إنها حلي إبنة ملك تتفجر تألقاً…
‘إنها تمثال رخامي ينتصب فوق قاعدة من اللازورد…
إنها لوحة عاج لاعيب فيه مكتمل الجمال…
أمي هي الغيث في وقته المناسب …
إنها بواكير مياه الارواء بعد البذار..
أنها الحصاد الوافر والقمح الممتاز..
أنها ثمرة ربيع من نتاج نيسان…
إنها الجدول الذي يحمل إلى المساكب ماؤها المنعش.."
أوعاريت مالئة الدنيا وشاغلة الناس
عاشق أوغاريت غسان القيّم