المسحراتية بين الدين والتراث والحرفة
يختلف الكثيرون حول واقع المسحراتي اليوم
فمن مدافع عنهم انطلاقا من دورهم في ايقاظ الناس على السحور وبالتالي الثواب العظيم الذي يتالونه والدور الكبير الذي يقومون به- حسب زعمهم
الى ناظر لهم كحالة تراثية فلكلورية يجب الحفاظ عليها
الى معارض لهم نظرا لانكفاء الضرورة من وجودهم في عصر المنبهات والاجهزة الالكترونية الحديثة
وبين هذه الاراء الرئيسية الثلاث تندرج الكثير من المواقف والاراء بعضها منطقي وبعضها متطرف او متشدد سواء مع او ضد
ومن وجهة نظرنا المتواضعة نقول :
ان نشوء فكرة المسحراتي كانت من باب نيل الثواب والاجر من جراء ايقاظ الناس على السحور وهنا ثمة امر هام يجب ملاحظته وهو السؤال التالي : الم يكن الناس يستيقظون في ذلك الزمان لصلاة الفجر وبالتالي هم قادرون على برمجة انفسهم على الاستيقاظ اكثر بكورا لتناول السحور
وايضا : الم يكن بالامكان الاعتماد على مؤذني الجوامع بالبدأ بقراءة القرآن او الادعية قبل الفجر بساعة لايقاظ الناس على السحور؟
اذا
هذا ببساطة ينفي فكرة ان المسحر ين كانوا ضرورة …
من جهة اخرى
لو عدنا لتاريخ المسحراتية نجد ان حراس الحارات هم من كانوا يقومون بهذا الدور
ثم تطور الامر لقيام لشخاص امتازوا بالصوت الغذب والاداء الجميل بالقيام بهذا الدور وراحو يتوارثون الدور حتى اصبح لقبا لكثير من العوائل في كل الدول الاسلامية
ومع ظهور وسائل التواصل والاتصال واجهزة الصوت بدأ دور المسحراتي بالتقلص
وبدأ بالتحول الى كونه شكلا من اشكال الحفاظ على حالة فلكلورية تراثية جميلة محببة للناس
وخاصة في الاحياء الشعبية القديمة على امتداد الوطن العربي والاسلامي
ولكن اليوم بكل اسف نجد ان معظم من يقومون بهذا الدور هم من العاطلين عن العمل وممن لايمتلكون صفات الصوت الجميل ولا يدركون مقومات هذه الخدمة الاجتناعية التي نشأت بنوايا حسنة
بل تجاوز الامر لان يصبح الكثير منهم مصدر ازعاج بصوته وادواته ولا يتجاوز كونه متسول يقوم بتغطية تسوله بالقيام بدور المسحراتي
وفي بعض الاحيان تستغل هذه الخدمة للتغطية والتمويه على الكثير من عمليات المراقبة الجرمية سواء بقصد السرقة او الخطف او العديد من الجرائم الاخرى من قبل ضعاف نفوس لا يعنيهم حقيقة المسحراتي او جوهر رمضان بشيء
ولهذا كله نقول:
على الجهات المعنية من جهات شرعية او جهات اجتماعية او جهات حماية التراث
عليهم جميعا التصدي لظاهرة شيطنة هذه الخدمة الاجتماعية الجليلة ذات التاريخ المرابط بأجمل صور التلاحم الاجتماعي
وان يضعوا مشتركين ضوابط ونواظم لمن يتبرع للقيام بهذا الدور
بل ويشترط ان يمتلك صفات الالمام بالاداب الاجتماعية والاخلاقية والمشهود لهم بحسن السيرة والسمعة
والاهم
ان يحصلوا على موافقة عدد ليس قليل من سكان المنطقة التي يتطوعون للعمل بها مسحراتية
فالاستخدام الخاطئ لهذه الخدمة بدأ بتشويهها وشيطنتها وعلينا جميعا حمايتها وحماية مجتمعاتنا من الاستخدام الخاطئ الذي يصل الى حد القيام بجرائم تحت غطاء هذه الخدمة الجليلة
د.دحام الطه