أجمل المهمات أكثرها غرابة وصعوبة … والغرابة في مهمتي هنا هي فيما يتحلى به ضيفي من ميزات .. الصعوبة في انتقاء ما يجب من أسئلة … لكن فيما يخصني هي الأجمل … وكما كان اللقاء لأول لموقع نفحات القلم وهو في الأيام الأولى لانطلاقته .. بكل ما حمل من جميل القول ورائع الأفكار التي طرحها الضيف … ها انا أقف أمام مبدع حمل قلبه أسرته وطنه تاجا وأنطلق …. غادر الجغرافيا لكنه لم يغادر العقل والوجدان ..
توجهت إليه ..وأنا المشدوهة بطلائع طله ….
ضيفي يسأل ويجيب
من أنت ؟؟؟؟
أكثم علي ديب : فلاح بسيط ، فلاح غادر طفولته إلى الكلمة ، وهاجر حاملاً معه الأرض والتراب والوجع .
لا مكان لي في هذه الأبعاد إلا ما تفرضه حتمية الإجابة على هذه الأسئلة الخمسة : متى ، أين ، لماذا ، كيف ، هل .
الجميع أفضل مني ، لا تميّز مطلقاً ، فأنا أحاول فقط .
خذي ما يخص طلائع الطل من مقدمة الكتاب أستاذة ، واعتبريها جواب السؤال
(كتاب طلائع الطل كتاب في اللاهوت والحكمة والفلسفة والمرأة والحب والحياة ، نصف حروف اللغة العربية فيه وحسب ، محبوك ومسبوك وكأن كاتبه يملك ناصية الحرف ويتلاعب باللغة ويعيد صياغتها بإتقان وعناية ، وإنك صديقي القارئ لتعجب كيف استطاع تعبير رؤاه غير مستخدم أحرفاً كالباء والتاء والثاء والجيم والخاء والذال والزاي والشين والضاد والظاء والغين والفاء والقاف والنون والياء !! خمسة عشر حرفاً !! واستخدم ثلاثة عشر حرفاً فقط !! هذا لعمري إبداع غير مسبوق رغماً من أنه وصلنا عبر التاريخ من المأثور والنادر جداً مخطوطات بأحرف مهملة لكن صفحاتها لا تتعدى أصابع اليد كلها وجلها في حمد الإله والثناء عليه وذكر أسمائه .
• وهذه نبذة عن المؤلف : هو أكثم ديب والده الأستاذ والمربي الفاضل علي سليمان ديب ، وأمه جمانة محمود عيسى وهي مربية طاهرة وممرضة رؤوم وقابلة خبيرة ، وجميعهم من قرية وادعة في جبال جبلة السورية اسمها 🙁 بعبدة ) هناك حيث مرتع الطفولة والشباب ، وكان له قدر السفر والغربة وتجربة المهجر.
• وهو من مواليد السابع من أوكتوبر تشرين الأول لعام سبعة وسبعين وألف وتسعمائة .
لله درك يا أكثم لله درك .
الناشر)
ماذا عن العالمية ؟؟
بالنسبة للعالمية ، أراه حقاً مشروعاً ، وقاب قوسين او أدنى ، إن كنت أستحقه فسأحصل عليه ، والطريق إلى العالمية بدأ منذ الطفولة ، بدأ بالإيمان والعمل ، هو ليس هدفاً بل هو البداية ، وصراحة لا انتظر إلا ان أحمل للإنسانية فكراً يضيف لها ولي ، فأنا من بيئة تستحق أن تعرف ، ولي شرف نقل بيئتي من ظل المحلية إلى شمس المعرفة ، بالنسبة لي اسم أبي أهم من اسمي واسم قريتي أهم من اسم أبي ، نحن نستحق الأفضل الذي هو أبسط حقوقنا وأقلها .
إنك تتكلم بثقة ؟
بالتأكيد ، يعني ببساطة الإنسانية لا تبصق من يعطيها ، قد تبصق عليه أحياناً ، ولكن المبدأ بسيط جداً : آمن تصل ، اعمل تصل ، العدل غير موجود إلا إذا انتزعناه ، والثقة نابعة مما أعتقد أني أملك .
وماذا تملك ؟
أملك طاقة النجاح ، وأملك ربي في قلبي .
ماهي طاقة النجاح ؟
طاقة النجاح هي ثالوث الموهبة والإيمان والعمل .
تجيب باختصار ، لماذا ؟
لا أبداً ، فأجوبتي قد تكون مكثفة نعم ، لكنها تجيب بدقة عما تسألين .
أراك مخذولاً .
صحيح ، لكن الخذلان شيء ضروري ، فهو يعطيك طاقة الانتقام .
الانتقام ؟
نعم ، الانتقام بالنجاح ، انجح تنتقم بمحبة ، صدقيني طاقة الانتقام طاقة مقدسة وعلينا احترامها ، وفهمها وتوظيفها باتجاه الوصول وإثبات الذات ، ولا يأتي إثبات الذات في هذه الحالة من فراغ ، ولنختصر : بقدر ما تُخذلْ بقدر ما تنتقم ، أي تنجح .
من خذلك ؟؟؟
عدم الاعتراف هو الخذلان الأبشع ، وعدم التبني هو الخذلان الأكبر ، وتحطيم الموهبة بحجة الانتماء هو الجريمة الكبرى ، لكن أحقر خذلان تعرضت له هو : تركي أهاجر .
ماذا كنت تنتظر من هؤلاء ؟
ان يعرفوا القيمة ويعطوها حقها ، لكنهم وللأسف عرفوها وتجاهلوها ثم حاولوا قتلها .
من هم هؤلاء !
هم نفسهم من يحاولون الآن أن يكونوا أصدقائي .
ماذا بعد طلائع الطل ، وهل ستستمر بالمعاجز ؟؟
بعد طلائع الطل انا اشتغل على مشروع يجعل اللغة العربية أهم من الانكليزية .
أعتقد أنك تتكلم عن المستحيل ..
هههه هذا ما قيل لي عندما أخبرتهم عن كتاب فلسفي يخلو من النقط ، وهذا ما قيل لي عندما أخبرتهم عن كتاب شعري فيه صياغة ل ٦٠٠ قانون فيزيائي ورياضي وكيميائي بلغة شعرية .. وهذا ما قيل لي عندما أخبرتهم اني سأتفوق على ألفية ابن مالك ،….
لم افهم …
المستحيل كلمة مرفوضة ، وكل شيء جميل في وقته .
أثرت فضولي ، فأنت تتحدث بهدوء وثقة .
صدقيني نحن ابناء الشرق عموماً وأبناء الجبال خصوصاً نمتلك مواهب وطاقات مذهلة ، وبالعادة يقوم الكاتب بالتأليف بلغته الأم ويقوم الآخرون بالترجمة بعده ، والفكرة هنا : ما رأيك ان نكتب كتاباً فريداً لا يمكن ترجمته ، وله قيمة خالدة وضرورية تجعل ممن أراد ان يفهمه وهو مضطر لذلك أن يتعلم اللغة العربية والحذاء فوق رأسه !!!! هذا ممكن وممكن جدا وسهل .
ماذا تقول لقرائك ؟
أقول لهم : أتمنى أن ألتقيكم جميعاً ، وأتمنى ان أتقاسم معكم خبزي وخمري ومائي .
هل من نصيحة للجيل الجديد من الكتّاب ؟
اقرؤوا أكثر مما تكتبوا ، وآمنوا ، واعملوا .. المحبة مطلوبة ، ولكنها لا تكفي ، طاقات الانتقام هي المحرض الأساسي للنجاح ، ترجموا خذلانهم لكم إلى وجود ، وهذا الوجود يجب ان يكون نجاحاً ، النجاح يُنتزَع كما العدل ، لا تنظر من أحد أي شيء ، أنت كل شيء .
إلى من تهدي نجاحك ؟
لأمي .
السؤال الأخير : متى سترجع إلى الوطن ؟
عندما تُمطر نبيذاً .
هههه لم أفهم بصراحة هذا التلميح ..
ولا أنا
ارجوك ما معنى سأرجع عندما تمطر نبيذاً ؟؟!
الجوع يا سيدتي هو سبب انحباس النبيذ من الهطول ، عندما أشبع سأعود .
هل ستشبع قريباً ؟؟
لا اعتقد .
انا اشعر بالاستفزاز والمرارة ..
وأنا كذلك ، لكني بصراحة احمل الله في قلبي ، وأحمل وطني في روحي ، لست ادري في أي أرض أموت ، اتمنى ان اموت مبتسماً ، وأتمنى ان تغنّوا وتشربوا نبيذكم على قبري ، فقبري في قلبي أيضاً .
***غيرتك الغربة كثيراً يا أكثم !!
*هل تتحدثين عن القسوة ؟
بالضبط ..
حسناً .. أحن إلى خبز أمي وقهوة أمي ، ونبيذكم ، على اسم بعبدة أن يدخل التاريخ ، ولو لم أكن قاسياً ولو لم أجلد نفسي لما تصالحت معها ، قسوتي مبررة بالمحبة والحنين ، وهي تتحول دمعاً وملحاً على المخدة ، الصلاة على المخدة ملح يطهرنا …
شكراً لك .
شكراً لك انت ، ولنفحات القلم الذي نفحني ولفحني بفيض محبته واهتمامه وحنانه .
……..
وأنا من وقفت أمام أكثم بقلبي أقول بانتظارك علما .. خبزا .. وحكايات تنور الضيعة تحلق بنا … أكثم ينحت للعالمية بصخر الثقة والصبر
لا أجد ما أختم به أروع من بعض ما جاء في طلائع الطل:
– (وما الروح ؟
– ما أدرك الروحَ العوامُ وما سما
إحساسهم روماً لها ، والملحدُ
إدراكها علمٌ ووصلٌ واصلٌ
روح الإله وما سواه السّرمدُ
ولها حلولٌ واسمرارٌ حاصلٌ
ولها حَمُولٌ واعمرارٌ ماددُ
موصولها ماءٌ كما لصدودها
محصولها سَدَمٌ وودٌّ عائدُ
ولها اسودادٌ واحمرارٌ للرؤى
ولها اصطدامٌ واصطكاكق مائدُ
ولها على مدِّ الحسوم محاسسٌ
وحراكها لَمُكَرَّرٌ ومُعدَّدُ
صلصالها أدَمٌ وما حسٌّ له
لولا الإلهُ مساعدٌ ومسدِّدُ
وحدودها علمٌ على علمٍ سما
وردودها وهمٌ وما لهُ أرصُدُ
ولها عوالمُ كالمطالعِ سَوْمُها
ولها مطالٌ واسعٌ ومدائدُ
ولها حصولٌ ساطعٌ ومُصادِرٌ
ولها مصادرُ كالعمى ولَوَاحِدُ
ومدادها لمُكَمَّلٌ ومكرَّرٌ
وسوادها لمُصَدَّرٌ ومُعَهَّدُ
ولهؤلاءِ مراوحٌ ومعاهلٌ
ولهؤلاء مسارحٌ ومرائدُ
واعلم أموسى : للملائكِ روحهم
روحُ الملائكِ صلَّاءُ وموردُ
نفحات القلم – منيرة أحمد