المحلل الجيو سياسي المهندس عبد الله أحمد
نتكلم كثيرا عن الاعلام واهميته ، الا أننا ما زلنا نعاني وبمرارة من واقع الاعلام التقليدي والجديد ، حيث مازلنا نستخدم هذه الاداة بشكل انفعالي وعشوائي الا فيما ندر .
الاعلام سلاح خطير وفعال ، الا أننا مازلنا نتعامل معه بسطحية ، وقد يكون من المفيد أن نستخلص العبر من التاريخ المعاصر وحتى من التاريخ القديم لنرى كيفيه استخدام الاعلام لتوجيه الجموع البشرية في اتجاهات كارثية تارة وعبقرية تارة اخرى
غوبلز وزير الدعاية النازية كان له الدور الاكبر في تغول المانيا النازية من خلال الخطاب الاعلامي الموجه على الرغم من الاساليب الغير اخلاقية ,وادى ذلك الى أكبر كارثة انسانية حيث حصدت الحرب العالمية الثانية حوالي 50 مليون من الاطراف المتحاربة .
من جهة اخرى فإن صوت القاهرة في عهد جمال عبدالناصر أسس لنمو المد القومي العربي وكان اداة أساسية في تعاطف الشعوب العربية مع مصر أبان العدوان الثلاثي .
وفي فترة الثمانيات كان لدور الاعلام نتائج خطيرة أدت الى انهيار الاتحاد السوفياتي ، حيث تمكن غورباتشوف من خلال خطاباته المؤثرة والمضلله(الشفاقية واعادة البناء ) في تحضير البيئة الى تفكك بنية تحالف وارسو ، واتذكر وكنت طالبا في لينينغراد ،كيف كانت الحصص الدراسية تتوقف عند كل خطاب لغورباتشوف ويتجمع الطلاب والاساتذه لسماع ما يقوله .
لا ننسى خطاب الجزيرة والعربية والاعلام الغربي والدور الكارثي في تدمير الدول العربية من تونس الى سورية ،
أما في الماضي فكان لمؤلفي الاحاديث والشعراء وكتاب التاريخ الدور الاكبر في ترسيخ نمط تقافي واخلاقي معين في عقول الشعوب العربية ومازلنا نحصد نتائجه الان .
وهنا لابد من التذكير بأن مجموعات غربية اخترقت الاعلام الوطني قبل الازمة الحالية بحجة دراسة الدراما السورية ، وكان ل دوناتلا دونا ومجموعة المشاع الابداعي دورا محوريا في تحضير البيئة لمشاريع الفوضى الخلاقة، بما في ذلك التأثير على الدراما السورية وبالاخص الاجزاء الاولى من باب الحارة .
الواقع الحالي قاتم الى حدا ما ، المحتوى الرقمي ينمو بشكل عشوائي ولا يدار بشكل منهجي واحترافي ، والاعلام التقليدي حدث بلا حرج …
في الدراما السورية والعربية تختفي الرسائل الايجابية بمعنى تلك التي تسبر الواقع من اجل تغيره نحو الافضل ، فما ذال الحديث عن جزئيات لاتعكس الواقع وانما تؤسس لترسيخ نمطية متخلفة (الخيانة الزوجية ، الظواهر السلبية ، القتل ، وتساهم ما يسمى البيئة الشامية او التاريخية في غسل ممنهج للعقول ) دون أن نرى فيها رسالة أو رؤيا مستقبلية .
في الآخبار والبرامج السياسية وغيرها ، نمطية فجه فيها سردية سطحية دون أن ندرك أن الهدف من أي برنامج أو خبر هو الرسالة التي تؤسس الى التغير الايجابي ، بروحية تحترم عقول المشاهدين ، وليس تبيض صفحة بعض الباحثين والمحللين ألذين يقولون الشيئ وعكسه في كال مرة …
حتى في التغطيات الحالية وفي الاعلانات والترويج نمط تضليلي بوعي أو بدون وعي ، ولا أحد يدرك أهمية تسليط الضوء على عادات وطقوس مدمرة ، والابسط أن نرى الشوارع القذرة والمواد الغذائية التي يروج وتباع على الارصفة تحت أشعة الشمس والتي تؤدي الى فسادها ومع ذلك تباع ، واحتلال الارصفة والشوارع من قبل الباعة ..أنه دورالاعلام قبل القانون …
في رمضان.. الشيوخ ورجال ألدين يسيطرون على الاعلام ..من خلال برامج سخيفة ألا أن أثرها كارثي …والعادت والطقوس تحول رمضان الى شهر الاسراف والهدر وانخفاض مستوى العمل مع أنه من المفترض أن يكون شهر للعمل ومراجعة النفس وترسيخ القيم الاخلاقية ..
أما الصحافة الاستقصائية فلم تولد بعد ألا من أجل الاستعراض خلال الندوات الاحتفالية … على الرغم أنها جوهر العمل الصحفي ..
العشوائية والارتجالية الاعلامية تؤدي الى التسخيف …فاالاعلام ليس تجارة …انما صناعه تتطلب الجودة والاحترافية لتكون قادرة على التغير الايجايبي خدمة للقضايا الوطنية. …
هل لدنيا الاراده والقدرة لتوجيه الخطاب الاعلامي ، أما اننا نتظر دائما أن تستهدفنا الحروب الاعلامية دون أن يكون لدنيا القدرة على المواجهة الا من خلال ردات الفعل الانية ..
الاعلام هو السلاح الاخطر …وعلينا أن نتقن صناعة هذا السلاح واستخدامه .