..رأي فـــــــــي الفـــــــكر الديـــــــني ………………………
…………المــــقدس هـو احتــرام البــشر مهمـا كانـت معتــقداتهم وألوانــهم ………..
…………نحــــترم ( النقل ) الانــساني ، ولكــــن [ لا إمــام إلا العــــــقل ] ………..
المحامي محمد محسن
……….أقدم أجمل التهاني إلى كل مسلم في العالم يحب الآخر أي آخر….
أولاً ــــ نحن لسنا مع أي هجوم على مبدأ الإيمان ، وعلينا احترام جميع الأديان السماوية ، والوضعية ، وحتى الفلسفات المادية ، فلكل الحق في ايمانه واعتقاده ، ولكـــــــــــــــــــن :
1ـــ…….نحن ضد سرقة ( رجال الدين ، الذي يتاجرون بعقول البسطاء ، ويبيعونها في أسواق مزاد الفقه الديني العتيق ، لصالح فقيه محدد عاش قبل ألف عام أو أكثر ، لأن كل فقيه أو عالم في ذاك الزمن السحيق ، مهما علا ايمانه ووعيه في الدين والعرفان ، سيكون محكوماً بقدراته العقلية ، وظروفه التي عاش فيها ، وما قدمه العلم والمعرفة له في تلك الحقبة ، التي تؤهله لفهم الواقع المحيط به ، واعطائه اجابات على كل ما يعترضه من قضايا ، [ فالإنسان ابن ظروفه ] ، فمن عاش في القرن العاشر فقيهاً كان أم نابغة علمية ، سيكون أسير المعرفة المحدودة التي تمكن من الحصول عليها ، في ذلك العصر .
.
لذلك من يعتمد ويتبنى رأي فقيه أو عالم ( بحرفيته ) عاش قبل عشرات القرون ، لحل جميع تساؤلاته الإيمانية والحياتية في هذا العصر ، عصر العلم والمعرفة ، عصر الفيزياء الكوانتية ، ودراسة المجرات ، هو [ انسان غير منجز عقلياً ] ، بل كسيح عقلياً ، لأنه ماضوي التفكير ، ولا يعيش في عصرنا ، مستسلماً لما قاله الأسلاف بدون اي اضافة أو تغيير ، مغلقاً دروب البحث والاجتهاد ، غير قادر على التحرر من الفهم الديني الماضوي ، وغير مؤهل لأي قيادة اجتماعية ، أو سياسية ، أو روحية [ ولو كان وزيراً ] ، في هذا العصر عصر القفزات العلمية المعرفية الكبيرة ، ويعتبر من الذين باعوا عقولهم ، لفقهاء الدين السلفيين ، المُستعمرين لعقول البسطاء ، وجعلهم يعيشون في حالة استسلام للغيبيات .
.
2 ـــ……. ولكن مع هذا أجد من واجبي احترام رأي أي فقيه أو مفكر دعا لاحترام الآخر ، أي آخر ، في جميع الأزمان ، بغض النظر عن الدين أو اللون .
.
3 ـــ …… كما علينا احترام وتقدير كل من يفسر أو يؤول الأفكار الواردة في جميع الكتب المقدسة ، حتى وغيرها ، ويسمح بالتأويل والاجتهاد بما يحترم المعطيات العقلية ، والدعوة لترسيخ (هرمية القيم ) ، التي تعتبر ملح كل زمان ومكان ، وتسفيه كل تفسير أو تأويل يأخذها باتجاه كراهية الآخر ، وتكفيره ، أو قتله .
.
4 ـــ ولست مع الفقيه الغزالي الفقيه الأكبر ، بل أعتبر فقهه بات قيداً على عقول الكافة ، عندما هاجم الفلسفة ، وكفر جميع الفلاسفة ، من الكندي ، والرازي ، والفارابي ، وابن سينا ، وابن زهر ، وغيرهم ، وجمع موقفه ذاك بكتابه [ تهافت الفلسفة ] ، بذلك يكون قد وقف ضد الحوار المنطقي ، وضد الجدل الفكري ، وضد العقل ، وما ينتجه من علم ووعي ومعرفة ، ومن تحليل ودراسة ومفاهيم لماهيات الواقع وتشابكاته ، وأوقف العقل عند الماضي ، وحجب عنه رؤية المستقبل ، ودعا للتواكل وانتظار الخير الذي سينزل من السماء ، داعياً بذلك إلى القعود عن السعي لأن الرزق مقسوم ومن عند الله ، وضرب لذلك مثلاً [ اذا اقتربت النار من قطنة ، لا تحترق إلا بأمر من الله ] ، و [ أن الانسان مسير وليس بمخير ] .
ولما رد الفيلسوف والمفكر العربي الكبير ابن رشد ، على الغزالي ، بكتابه الشهير [ تهافت التهافت ] ، وفند رأيه التواكلي الذي يحارب العلم والعقل ، ويمنع التفكير ، بل يكفر المفكرين والباحثين في المعرفة ، حارب تلاميذ الغزالي الذين ساروا على نهجه المعادي للفكر ، هاجموا الفيلسوف والمفكر الانساني الكبير [ ابن رشد العظيم ] ، الذي يعتبره الغرب مفجر المعرفة العقلانية في أوروبا ، وأس حضارتها ، وحرقوا كتبه وأذلوه .
.
………..ـــ ومع بالغ الأسف ــــ ومنذ ذلك الزمن الغابر ، أوقفت المعرفة وأوقف الاجتهاد [ ونجح نهج الغزالي واعتبر الفقيه الأكبر ، وهزمت فلسفة ابن رشد الفيلسوف العظيم ] [ ونجح النقل على العقل ] ، ولا زلنا [ ندفع ثمن تلك السقطة الفكرية الفلسفية المعرفية ] ، فهل من خلاص ؟؟؟
.
ثانياً ـــ لكن وبدلاً من أن نستفيد من الحروب الدينية في أوروبا ، التي دامت مائة عام ، والتي حصدت ملايين الأرواح ، قبل أن يرسخوا قاعدة [ ما لله لله ، وما لقيصر لقيصر ] وأعطوا البابوية قطعة من الأرض في روما ، لتقيم عليها معابدها ليصلي فيها من يشاء ، ولكن لا شأن للبابا بأي شأن سياسي أو اقتصادي في جميع أنحاء أوروبا .
هذا الغرب الاستعماري وبدلاً من أن يتيح لنا الاستفادة ، من نتائج تلك الحروب الأوروبية الدينية ، ونستخلص منها العبر ، ونأخذ منها العظة ، عمد الغرب إلى الاستفادة من طريقة تفجير تلك الحروب ، فأشعلها عندنا ، خدمة لمشاريعه الاستعمارية التي تقوم على تمزيق البلدان ، وتفتيت المجتمعات لإحكام سيطرته عليها .
.
حيث قام بتنشيط وتعزيز وتطوير وتوظيف الفكر الديني الماضوي التكفيري الظلامي ، من خلال استيلاده للوهابية التحريفية ، وتحالفه التاريخي مع الحركات الاسلامية التكفيرية ، التي رعاها في بلاده ، ليس من أجل محاربة العقل والعقلانيين فحسب ، بل من أجل اشعال حرائق الحروب المذهبية البغيضة ، في كل بلد ، وفي كل مدينة ، وفي كل حي ، بل في كل بيت ، وها نحن ندفع اليوم ثمن ذلك التحالف التاريخي المديد ، بين الدول الغربية العلمانية ( جداً ) ، وبين هذا الفكر الديني السلفي الماضوي الوحشي التآمري التدميري الغربي ، الذي اتخذه سلاحاً دينياً مذهبياً في حربه الأخيرة .
.
ثالثاً ـــ لذلك نطالب بثورة ثقافية جذرية في الدين [ سميت في أمريكا اللاتينية ( لاهوت التحرير ) ] انتصاراً للفقراء ، ولقيم [ التسامح ، والصدق ، والمساواة بين الرجل والمرأة ، وحرية الانسان في معتقده ، ومحبة الآخر ومساعدته ، واعلاء شأن العقل والعقلاء ، ] التي يجب أن تدعوا إليها جميع الأديان ، والمذاهب ، والفلسفات .
.
وبذل الجهود الجبارة ، لتخليص الدين من براثن كهنة المعابد ، ورجال الدين السلفيين ، الذين تقتصر مهماتهم ، ومصالحهم أيضاً ، على خنق تابعيهم من المذهب وتحويلهم إلى تابعين مستسلمين ، لتعاليم الكاهن أو الشيخ ، وابقائهم في عقل ماضوي مستسلم ، وخانع ، لا علاقة له لا بالعلم ولا بالمعرفة ، وفق المفاهيم التالية [ ( الانسان مسير وليس بمخير ) ،الرزق مقسوم ، وسيأتيك رزقك ، الخير والشر من الله ، وبعضها يدعو لارتكاب المعاصي لأن الحج يطهر من الذنوب ، ، فالحج يعيد الانسان كما ولدته أمه ] وغيرها كثير كلها تدعوا للاستسلام ، [ فان مرضت فمن الله ، وان رسبت فمن الله ، وان ربحت فمن الله ] ، هذا باطل ومريع ، فالدين أي دين أو أي فلسفة يجب أن تحث على استخدام العقل ، والبحث عن الرزق ، والجد والاجتهاد لأنها طريق النجاح .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولكن علينا أن ندرك [ أن المجتمع الجاهل ، العاطل عن العمل ، الراكد ، اليائس ، الفقير ، الذي قيدت حرياته السياسية والنقابية ، تصبح أماكن العبادة موئله الوحيد ، ويقدم لقمة سائغة للحركات الاسلامية السلفية الظلامية ، التي تنقله إلى حظائرها المبثوثة في كل جامع ، ومعهد ديني .
كما أن السماح بزراعة بذور الفكر الديني المتمذهب في مدارسنا وجامعاتنا ، وفتح الباب واسعاً أمام الجمعيات والهيئات الدينية ، تحت اسم جمعيات خيرية دينية أو سواها ، هو فتح للمجال أمام انتشار التكتلات المذهبية ، وصراعاتها ، فذاك يدرس على فقه الشافعي ، والآخر على فقه ابن حنبل ، والثالث على مذهب أبو حنيفة ، والرابع على مذهب المالكي ، وآخرون كثر كل على رأي شيخه في المسجد الذي يصلي به ، حتى بات لكل شيخ مريدين لا يصلون إلا في مسجده ، ولكل رأيه الذي يتناقض مع الاخر في غالبية القضايا .
……………………..الــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرأي
سنهزم الفكر الديني السلفي الأسود وهذه آخر صيحاته ، كم هزمنا طليعته الإرهابية عسكرياً .
وستزاح غيمة الغرب الذي سخر السلاح المذهبي لتفتيت المنطقة قروناً ، لخسارته حربه الأخيرة أيضاً التي كانت المذهبية فيها أهم أسلحته .
. وأنا أبشر بأن أرواح شهدائنا ، وصبر شعبنا الذي فاق أي تصور ، سيفتحان أمامنا ولأول مرة ، فرجة في التاريخ نبني بها العقل ، ونحترم ما ينتجه .