مامعنى مقولة…
الحيلة ……والفتيلة
تُعد عبارة "الحيلة والفتيلة" من أشهر الإصطلاحات الشعبية المتداولة على ألسنة الناس ، دون الاهتمام بمعرفة أساسها وفهم حقيقتها.
فتقول المرأة عن شيء ثمين عندها، وليس عندها سواه: "هي الحيلة والفتيلة" كما تقول : "اعطيتها الحيلة والفتيلة"( – يعني مبلغ من المال – أو أي شئ اخر , هو كل ما عندي، ) حتى أنها قد تقول أحياناً، عن ابن وحيد عندها: "هذا هو الحيلة والفتيلة". فما هي الحيلة ….وما هي الفتيلة…؟
لنرجع جيلين أو ثلاثة إلى الوراء. في ذلك الزمان كانت العروس تحضر معها جهازها إلى بيت عريسها في صندوق حفر جوز مطعَّم نُقشت عليه غالباً بعض التعاويذ مثل: "عين الحسود تبلى بالعمى"، و"هذا من فضل ربي"، وما أشبه ذلك، وفي الصندوق بالإضافة إلى الألبسة الخارجية وإلى "بقجة" الألبسة الداخلية توضع "السبّوبة".
والسبّوبة هذه تحتفظ بها المرأة إلى آخر حياتها، ( يعني متل صندوق المجوهرات اليوم ) فيُقال بعد موتها، مثلاً: "وجد في سبّوبتها كذا مبلغ من المال , او الأساور الذهبية , فما هي هذه السبّوبة :
هي كيس من الحرير المطرّز تضع فيه العروس بالإضافة إلى ما عندها من حلي، رزمة فتائل ورزمة دكك.
الفتيلة :
منذ وصولها إلى منزل عريسها ( ويكون ذلك غالباً في المساء) تعمد العروس إلى سراج البيت، فتنتزع فتيلته وتضع مكانها إحدى فتائلها وتشعلها بنفسها رمزاً لنور عهد جديد وحياة مشرقة بالأمل.
وكان واجبا وعرفا على العريس أن يصبر فلا يقترب من العروس حتى ينتهي احتراق الفتيلة، وكلما كانت الفتيله طويلة كلما ازداد العريس ضيقا وعذابا , ….وكلما أستأنست العروس أكثر , وزال خوفها من عريسها وسكنت جوارحها و اعتادت عليه ، ولذلك يُقال عن المرأة، إذا كانت كثيرة الكلام تحب المماحكة والجدال: " أف ما أطول فتيلتها".( فكل امرأة حسب ماتريد تختار طول فتيلتها في ذلك اليوم )..
الحيلة :
وكانت التقاليد توجب على العروس أن تصنع لشنتيانها ( سروالها الداخلي ) دكّة من الحرير , مع رزمة دكك احتياطية تضعها في سبّوبتها.
وكان عليها ربما بإرشاد والدتها أو إحدى نسيباتها، أن تحتال في عقد دكّتها بحيث يصعب فكّها، وكانو يتفنّون بعقدها وتصعيب حلّها ولاتنسى بأنها كانت من الحرير وحلّ عقدة الحرير صعب للغاية , ويمنع منعا باتّا على العريس قطعها، فكان على العريس أن يستعين أحياناً بأظافره وأحياناً بأسنانه ليتمكن أخيراً من حلّ العقدة التي كانوا يسمونها "حيلة".
إذ كلما تأخر العريس في حلّ حيلة العروس كان ذلك رمزا لتعففّها أكثر , ولذلك يُقال عن المرأة المستهترة – من قبيل الاستعارة ( دكّتها رخوة ) كما يُقال عن المرأة التي تتبنى ولداً، أنها انزلته من دكّتها، إذ كان على الطفل أن يمر تحت دكّة المرأة ليصبح ابنها بالتبني.
أما عن "الحيلة" فما زلنا نسمع بعض القرويين الى الأن ، إذا انعقد الحبل معهم عقدة يصعب حلَّها، يقولون أن الحبل معقود "عقدة حيلة".
نفحات القلم … فؤادحسن حسن
مكتب طرطوس