..تاريـــــخ وحاضــــر الولايــات المتــــحدة الأمريكـــية الأســــود………..
…………..لمـاذا التـــواجد الأمريكـي على الحــــدود العراقيــــة الســورية ؟……….
…………..لمـاذا لـم تأخـذ أمريكا دروسـاً من هزائمـها في غالبيـة حروبـها ؟……….
المحامي محمد محسن
سؤال جوهري : لماذا تتحالف أمريكا دائماً مع الدول غير الديموقراطية، ؟ مع أنها تدعي أن همها الأول نشر الديموقراطية في العالم والدفاع عنها، في الوقت الذي تدعي فيه كذباً وبهتاناً في جميع حروبها أنها جاءت لتحقيق الديموقراطية، كما هو شعارها الآن في حروبها في الشرق الأوسط،؟ والسؤال الثاني : لماذا تناصر أمريكا القضايا غير العادلة، ؟ أو بالأحرى لماذا تخسر أمريكا كل حروبها،؟ مع أنها الدولة الأقوى في العالم، هل هذه الخسارات ناتجة عن أخطاء استراتيجية في سياسات أمريكا الدولية ؟، أم لأنها تسير بشكل يعارض مسيرة التاريخ، وذلك من خلال مناصرتها للقضايا غير العادلة ؟ وهل أوصلت هذه الحروب غير العادلة والخاسرة النظام الأمريكي إلى مواقع الكراهية من كل شعوب العالم ؟، وبالتتابع يمكن أن يجد السائل عشرات الأمثلة كأجوبة على جميع هذه الأسئلة .
.
أما هزائمها فهي كثيرة منها : خسارتها لحربها المديدة في الفيتنام أمام المناضلين الأمميين " هوشي منه ، وجياب "، وخرجت منها مهزومة تجر وراءها أذيال الخيبة، وخسارتها لحربها في خليج الخنازير الكوبي أمام القائدين الأمميين كاسترو وغيفارا .
أما محاربتها للأنظمة ذات النزعات الديموقراطية فهي كثيرة منها : اسقاط حكومة مصدق في ايران لصالح الشاه ( الامبراطور المطلق ) والعميل، واسقاط اللندي رئيس تشيلي المنتخب ديموقراطياً من شعبه لصالح الديكتاتور بونشيه، ومناصرة سوهارتو الجزار في أندنوسيا ضد سوكارنو الرجل التاريخي، واسقاط النظام التقدمي العقلاني في افغانستان، من خلال تصنيعها لطاعون الارهاب وخلق ودعم ( منظمة القاعدة التي أسسها بن لادن، وحركة طالبان الأفغانية الحركتين المتوحشتين )، والتي تكاد أمريكا ذاتها أن تؤكل من هذين الوحشين الذين صنعتهما .
.
أما تحالفها مع الدول غير الديموقراطية، فالمثالين الصارخين ، ألا وهما : تحالفها مع مملكة بني سعود الدولة الدينية الأكثر رجعية في العالم ، والتي لم يعد لها مثيل في التاريخ، وحماية ونصرة اسرائيل آخر دولة عنصرية في التاريخ، والمساهمة في قتل وتشريد الشعب الفلسطيني، ومساعدة اسرائيل في جميع حروبها ضد الدول العربية، التي تسعى لتحقيق فرجة تسمح لها بالتطلع إلى المستقبل، في الوقت الذي تتحالف وتحمي جميع الأنظمة الملكية العميلة في المنطقة ( ممالك الخليج واماراته، ومملكة الوظيفة والدور الأردن، ومملكة المغرب ) .
.
أما حروبها الملونة المتتابعة فلقد بدأتها بحروبها المخملية في أوروبا الشرقية وأسقطتها دولة وراء دولة، وأهمها تفكيك دولة يوغسلافيا الاشتراكية، دولة تيتو العظيم وتمزيقها إلى خمس كانتونات على أسس مذهبية،ـــ أبعد من الطائفية ـــ أما الحروب البرتقالية ففجرتها في جورجيا والتي أدت إلى تقسيمها، ومن ثم انتقلت إلى أوكرانيا، والتي أدت أيضاً إلى خلخلة بنيتها، وإلى سلخ جزيرة القرم عنها وضمها إلى الدولة الأم روسيا، وكان هدف أمريكا من كل هذه الحروب حصار روسيا ، وإذا بها تقدم لروسيا هدية بالغة الأهمية، لم تكن تتوقعها في المنام، إذ أهدتها مرفأً على البحر الأسود، والذي حرك شهية روسيا الاتحادية، نحو تحقيق حلمها في امكانية عودتها إلى حجمها الدولي الذي تستحقه، والذي فقدته عند فكفكة الاتحاد السوفييتي .
.
ثم جاءت الحروب الخضراء ( الربيع العربي )، بهدف تدمير وتمزيق الدول التي ليست تحت الحماية الأمريكية، والتي لم تخضع بالكلية إلى إرادتها، فهاجمت العراق ودمرته، طبعاً بمساعدة محمياتها الخليجية وعلى رأسها السعودية وقطر، بعد أن أنهكته في حربه ضد ايران، وبالدور دمرت ليبيا وقتلت رئيسها بطريقة وحشية يندى لها ضمير الانسانية خجلاً، ثم جاءت إلى تونس ومصر حيث نصبت حليفها التاريخي حزب الاخوان المسلمين في تونس والذي يتخذ اسم ( النهضة ) عنواناً له، أما مصر الكنانة فنصبت مرسي الإخواني، الذي لم يطل به المقام .
.
أما حربها على سورية واليمن، فلا تزال الحرب الأمريكية الغربية الاقليمية مشتعلة فيهما، تحت لافتة ازالة الأنظمة الديكتاتورية !!، والدول الأربعة مهما كان تقييمنا لأنظمتها سلبياً، هي أقرب للديموقراطية من حليفتها مملكة بني سعود بألف فرسخ وفرسخ .
.
جميع حروبها التي خاضتها تحت اسم ( الربيع العربي) الأسود، وبخاصة حربها على سورية، كان هدفها أيضاً حصار روسيا في المقام الأول، ومن ثم حصار الصين وايران وانهاء حزب الله، ولكن هذا يستدعي بالضرورة تمزيق البلدان العربية بعد تدميرها، ولكن وبدلاً من حصار روسيا، ونقل الارهابيين إليها بعد تدريبهم على القتال في الميدان السوري، جاءت روسيا ونازلتها في الميدان السوري ذاته، ومن خلال اسهاماتها الجادة في انتصار الجيش العربي السوري، هي وايران وحزب الله، وبدلاً من حصارها من قبل أمريكا ونقل الارهابيين إليها ، تمكنت روسيا وحلفائها وبعد القضاء على قدرات الارهابيين، من حصار أمريكا وحلفائها .
.
هذا بعض مما فجرته أمريكا من حروب في هذا العصر، اقتداءً بتاريخ أمريكا الأسود، الذي اختطه أجدادها الأوائل، الذين بنوا حضارتهم على دماء وأشلاء من ـــ 10 إلى 20 مليون عبد تم تصيدهم من افريقيا، وعلى ركام جثث سكان أمريكا الأصليين وشعوب العالم القديم ؟؟!! ، كما استغلت أمريكا تدمير أوروبا في الحرب العالمية الثانية فأثرت على حسابها، حيث تمكنت من السيطرة الاقتصادية والسياسة عليها ولا تزال من خلال مشروع ( مارشال ) ، وتخويفها من البعبع السوفييتي الذي كان .
.
أما انتصار أمريكا الوحيد، والذي حرف التاريخ عن مساره الانساني، هو تفكيك الاتحاد السوفييتي أول تجربة اشتراكية انسانية في التاريخ، والذي ساعدها في ذلك وضعه الداخلي المهلهل ، الذي جاء [ بغربتشيف المتهور والضعيف، شبيه ترامب الذي أعتقد أنه جاء لفكفكة تحالفه مع أوروبا، وفكفكة بعض من قواعده هنا وهناك ليقود عملية التراجع المرتقب ] ، نعم سرقت أمريكا حركة التاريخ وأخذتها إلى العالم الامبريالي المتوحش، الذي تتطلب بنيته تدمير البلدان وقتل الشعوب، وتفردت بقيادة القطب العالمي المتجبر الذي أصبح أوحداً، ففقد العالم بذلك أهم خصيصة تتطلبها الحركة التاريخية المتصاعدة نحو الانسانية، ألا وهي فقدان التوازن العالمي، والذي سمح بتغول وتفرد أمريكا في سياسة التوحش والقتل في كل أرجاء العالم، وفتحت شدقيها أكثر لتشرب دماء الشعوب المستضعفة، [ وتقف على رأس التلة لتستمتع الشعوب كنيرون ] بمناظر الموت والخراب والدمار ( كنيرون عندما أخرق روما )، إنها أمريكا التي اغتالت وتغتال تاريخ الشعوب .
.
ولكن وبعد أن خسرت أمريكا حربها على العراق وخرج جيشها مهزوماً أمام ضغط المقاومة العراقية، أبقت على أرضه بعضاً من قواتها تحت اسم ملاحقة داعش التي خلقتها، كما خلقت قاعدة أسامة بن لادن، ومع ذلك لم تستطع حماية محاولة انفصال البرزاني في شمال العراق، بل تفتقت الأرض العراقية عن الحشد الشعبي الذي شكل اطاراً لجميع حركات المقاومة، والذي حقق انتصارات مذهلة تحت سمع وبصر الجنود الأمريكيين، حيث هزم الارهابيين وقوات البرزاني التي تمددت على كركوك وغيرها .
.
وبالرغم من خساراتها أيضاً لأكثر معاركها وجولاتها هي وجميع أدواتها الارهابية المتوحشة، على الأراضي السورية، فهي لم تعترف بعد بهذه الخسائر التي امتدت على ثمان من السنين، لكنها حرصت على ابقاء سيطرتها على بعض المواقع على الحدود العراقية السورية، ( في التنف، وبعض مناطق دير الزور، وشرقي الفرات، بزعم أنها تحارب داعش كما قلنا، وهي كاذبة وتكذبها ألف واقعة وواقعة .
.
السؤال الأخير والجذري : لماذا تحتفظ أمريكا ببعض من قواتها على الحدود السورية العراقية ؟، وفي شرق الفرات إلى جانب القوات الكردية، بعد خسارتها مع جميع حلفائها وأدواتها الإرهابية آلاف المعارك على مستوى الجغرافيا السورية ؟ .
ليس سهلاً على أمريكا أن تعترف أنها هزمت، ولكنها تدرك أن من خسر عشرات الآلاف من المعارك، يعلم علم اليقين أنه لم ولن ينتصر في احتفاظه بآخر جيوب في شرق البلاد .
.
فالجيش العربي السوري المنتصر وحلفاؤه سيتابعون زحفهم، واشدد على حلفاء الجيش من المقاومين، الذين سيخرجون من بين أصابع الجنود الأمريكيين، من العراق، من سورية، ومن غيرهما، وسَيَقضونَ مضاجع هذه القوات ومن تدعمهم .
أما اعتقاد أمريكا الخاطئ أنها من خلال سيطرتها على الطريق الرابط بين ايران وسورية، ستقطع شريان الاتصال بين الحلفاء، هو زعم سيخترق بالقوة مهما طال بها المقام، كما أن تواجدها في شمال سورية إلى جانب القوات الكردية، سيشكل ضغطاً على سورية، وستقترب أكثر من الحدود الإيرانية، هي خاطئة مرتين : مرة لأن الباقي أسهل من الذي تم تحريره، وأن بقاءها من المستحيلات، وهل يمكن لعاقل أن يشطح ذهنه، بأن هذه القوات ستبقى على الأرض السورية ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ستناور أمريكا وستحاول الاستفادة السياسية من خلال تواجدها في الأراضي السورية، ولكن عليها أن تعلم أن وجودها ونصرتها للانفصاليين الأكراد، يضر بمصلحة الأكراد أولاً ، كما يضر بالدول الأربع التي تحيط بمنطقة تواجدها، والتي تعتبر أن النزعة الانفصالية الكردية تشكل تهديداً لمصالح الدول الأربع ، وبالتالي هي محاطة مع من تناصرهم من الجهات الأربع بالأعداء .
لقد ضاق هامش المناورة عند أمريكا، وستحاول عرقلة الحل العسكري أو السياسي، ولكنها ستخرج أمريكا من سورية كما خرجت من العراق، ولذات الأسباب .
ـ