د سنان علي ديب
تدل التصريحات التي يدلي بها رئيس الحكومة في معظم الاوقات على شفافية وواقعية تماهي الواقع الصعب والظروف الازموية التي تمر بها البلد بعد حرب قذرة لمدة ثمان سنوات وحصار وعقوبات ظالمة ضد الشرعية وضد الإنسانية و قاتلة لأي توجه نحو حل سياسي وطني عادل و غالبا ما تتقاطع هذه التصريحات مع التشخيصات والرؤى التي تصدر عن عقلاء السياسة والاقتصاد الساعين لحماية سورية ووحدتها و الانطلاقة السريعة والقوية نحو سورية العادلة المتوازنة ذات السيادة المطلقة و يستقي المتلقي من التصريحات الأخيرة لرئيس الحكومة والذي يعبر عن الرؤية السلطوية جدية اكثر من اي وقت مضى لواقعية التشخيص والحل لاغلب المواضيع المطروحة وأهمها الفساد المسرطن الذي اجتاح مفاصل الدولة وتوسع بسبب الأزمة المستفحلة واولويات المواجهة ولكن منذ اكثر من سنة بدأت الحكومة تعلن الخط الأبيض للسير في مواجهة هذا السرطان والذي بدأ بتصريحات حول ضرورة الاصلاح الاداري لإعادة البناء الوظيفي و مواجهة الفساد ومن ثم يأتي الخطاب الرسمي الذي صنف الفساد بدرجة الارهاب من المخاطر التي تواجه سورية وليكتمل العنوان بتصريح رئيس الوزراء بالعمل لقانون للكسب غير المشروع ووضع استراتيجية متكاملةللحد من وقوع الفساد وهو ما يتقاطع مع رؤيتنا بأنه يجب الإجماع على حل وطني استراتيجي لمعالجة الفساد نحيط به وصولا لتخفيضه لادنى مستوى وهنا نقول إن الإحاطة بالفساد ضرورة توازيا مع ترشيد الانفاق الحكومي والشعبي وخصوصا للحاجة الماسة و لحجمه الكبير وتنوعه و توسعه الافقي والعامودي قبل الازمة قدر الفساد بحوالي ١٠٠٠ مليار بما يساوي ٣٠ بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي وبذلك وضع تشريع يساير الواقع ضرورة ولكن دون البدء بجدية بمشروع الاصلاح الاداري ندخل بالاستحالة باكبر باعث وناشر للفساد كان موضوع التعيينات والتي لا تعتمد على الكفاءة والنزاهة وكذلك ضعف المتابعة والمحاسبة المنوطة بهيئات تابعة لمن يجب ان تحاسبه وهنا نقول يجب ان تكون هيئة الرقابة المالية والرقابة والتفتيش مستقلة وتتبع لموقع الرئاسة وكذلك تصعب المحاولة من دون إصلاح القضاء الذي يعاني من الفساد لدرجة سقطتت عنه صفة الردع والعدل وكذلك يجب ان تكون المحاسبات السابقة ماليا ترفد صناديق مخصصة للآثار الاجتماعية الناجمة عن الحرب القذرة والتي كان الفساد مدخلا لها وبالحل المتكامل نصل لمرحلة القانون فوق الجميع ويطبق على الجميع ولدرجة مقبولة من الفساد المعولم والذي هو مذهب لمن يروجه فالفساد غير مقتصر على عرق ودين ومذهب وجغرافية..وكذلك من ضمن ما صرح به حجم الوفورات التي استطاعت الحكومة ان تجنيها من خلال الترشيد ووقف الهدر ليصل لحوالي ٢٠٠ مليار كانت تذهب بلا جدوى وكذلك الوفورات من تطبيق البطاقة الذكية والتي رفضناها قبل الازمة ولكنها اصبحت ضرورة وحاجة وفرت مئات المليارات من الليرات ويستمر العمل بها لوقف الهدر والتهريب و عدالة توزيع الدعم وكذلك تطرق لموضوع الاموال المتوفرة بالمصارف لتقدر بحوالي ٨٢٠ مليار ليرة ستوضع للإقراض وهنا يجب وضع برامج للغاية من الاقراض والأهداف المنوطة وكيفية استثمارها بشكل مجدي وفعال وضروري وليس كما قبل الازمة والتي ذهب اغلب القروض لامور غير مجدية و لتكون صعوبة بتحصيلها لكون جزء كبير منها غير قانوني و حجم القروض غير المستطاع تحصيلها حوالي ٢٥٠ مليار وكذلك تسليع القروض لزيادة الغريزة الاستهلاكية ولتسويق سلع وسيارات وغيرها وكذلك الانتباه للشريحة المستهدفة وعدالة الاستهداف ومحاولة توجيه هذه القروض للمشاريع متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة المجدية كونها ضرورة لإعادة الإنطلاقة الاقتصادية وقروض للترميم للمساعدة بمزيد من عودة اهلنا وكذلك كان تصريحه إيجابي وذي مسؤولية اتجاه موسم القمح وغيرها من المواسم وخاصة بالمناطق الشرقية و تامين التسهيلات للتسويق للحكومة في ظل عصابات تابعة للخارج هدفها تهريبها و زيادة الحصار والضغط على البلد وكذلك مما قاله انه قريبا سيكون تسعير الليرة وفقا لسعر المركزي نتيجة الانطلاقة الانتاجية وتحسن الاقتصاد وهنا يبقى موضوع سعر الصرف لغزا فخلال الازمة لم يكن منطقيا ولا مرتبط بحالة البلد وبمؤشراتها الاقتصادية فكان يرتفع إن خرجت مناطق عن سيطرة الدولة ولا يتغيير بعودتها ولم نر انه يخضع للعرض والطلب والحاجة إنما غالبا طبقا للسياسات العامة و كذلك تكلم عن رفع كفاءة الوحدات الادارية و تفعيلها بشكل مناسب وهو ما طالبنا به سابقا لان اسلوب الادارة المحلية جيد وفاعل وبناء و العطل كان من التطبيق وهو اسلوب فعال لتطبيق اللامركزية ومهما يكن فإن ما نجده سيؤسس لوضع اقتصادي جيد ولكن لابد من ان ينعكس على الوضع الاجتماعي وخاصة لأن الانعكاسات الاجتماعية للأزمة يفوق التصور جرحى و مصابي حرب شهداء نازحين مهجرين مفقودين وثقافات جديدة عنفية و جدران ثلجية بين السكان وغيرها والتي تحتاج لجهود مضاعفة وخاصة بمؤسسات التنشئة لعودة الانضباط والقانون و لاعادة المنظومة القيمية والأخلاقية والتي ابتليت بالفساد وانتجت مخرجات فوضوية غير منضبطة ومهما يكن فإن إعادة الثقة بين الحكومة و الشعب مناط بمخرجاتها الاقتصادية والاجتماعية وعدالة تطبيقها وبفرض القانون وتحسين المستوى المعاشي والذي اصبح ضرورة وقلنا سابقا إن الظروف الحالية تقضم اي زيادة في ظل ابتعاد الحكومة عن السوق وتركه ينظم نفسه متناسيين أن السوق في ظروف الازمات غير صحية ويصعب تركها تنظم نفسها في ظل وجود ادوات كثيرة غير منضبطة و البعد عن فرض القانون.إن الإدارة الأزموية كانت ناجحة في ظل صعوبة الظروف ومحدودية الخيارات وقوانينها استثنائية بما يفي بالغرض وننتظر نتائج الإدارة مابعد الازموية والتي تختلف عن الأزموية وهنا لابد من إعادة النظر بأغلب القوانين والرسوم والضرائب والقرارات بما يعطي عدالة بين المواطن و الحكومة والمنتج.وأخيرا نقول إن لم تستطع الحكومة زيادة الأجور فلا ضير بجرعات علاجية عبر منح متتالية تحرك الاسواق وتنعش العباد..دوما تصريحات رئيس الوزراء تعطي ثقة اكثر من تصريحات الفريق الاقتصادي المستنسخ عن ما قبل الأزمة وهنا نقول إن ثالوث القتل الاقتصادي البنك الدولي وصندوقه والمجتمع المدني ثالوث الرعب الامريكي قد يلوح بفرضه بالقتل والدمار ولكن يمكن اللف والدوران عليه بما يحقق التوازن الاجتماعي ويعيد الصلابة عكس ما تبتغيه الامبريالية وادواتها