جدتي ، نانا ، ستي ، حني … ، تلك هي أسماء ” الجدة ” عندنا في الجزائر ، تعددت وتنوعت بتنوع صلاحياتها الواسعة ، بصفتها اكبر هيئة على الإطلاق لحماية ورعاية الطفولة ، واقدم لجوء سياسي لهم في التاريخ ، سبقت ميلاد الهيئة العالمية التابعة للأمم المتحدة ( اليونيسيف ) ، وتجاوزت الأدوار الورقية ، وفق المثل الشعبي القائل ، الأجداد يلدون مرتين ، حين ينجبون أولاد يستوجب عليهم تربيتهم كآباء ، وحين يتحولون إلى أجداد ، يتولون تربية الأحفاد بما تمليه عليهم قوانين الحياة ، ويحفظون حقوقهم كاملة لا منقوصة وفق القوانين العرفية ، التي تستمد سلطتها من ديمقراطية محلية كنظام قانوني متوارث عبر الأجيال .
يكون الجد والجدة بمثابة أعلى الهيئات الحاكمة في البيت ، يتمتع الجد بسلطة مطلقة في الأسرة ، لتأتي بعده الجدة ، كهيئة تنسيق وهمزة وصل بين الجد و الأبناء والأحفاد ، تنقل انشغالهم وتطلعهم ومشاكلهم إلى السلطة ، وتتولى فتح النقاشات في جو ديمقراطي تشاوري ، خاصة على مائدة العشاء ، تكون فيه صاحبة الصوت المرجح عند الرفض أو الموافقة ، كما تسهر على بتربية الأحفاد أحسن تربية ، وتوجه أمهاتهم لما هو أنجع وأصلح لهم ، وتدافع عليهم ظالمين أو مظلومين من أي عنف قد يمس بهم ، من آبائهم أو من أي جهة كانت حتى وان كان ذلك سيكلفها غاليا ، تسعد بسعادتهم وتحزن لحزنهم ، ترافق تربيتهم السليمة وتسهر ليلي طويلة إلى أن يصبحوا رجالا ونساء ، وإن أطال الله في عمرها ، ” هذا ما نتمناه لكل الجدات ” ، وارتقت بعض من عرائسها إلى منصب مواز لمنصبها (جدة ) ، ترتقي إلى منصب جديد أكثر حكامه ، بحيث تتولى دور المستشار والعقل المرجح في قضايا كبرى تتعدى حدود البيت ولأسرة .
مكتب الجزائر _ ابو طارق الجزائري