. الفينيق حسين صقور
للفن حكاياته العابقة بأساطير تمتد للجذور لتت رسخ في الأذهان عبر قصائد أو لوحات أو مجسمات أبدعتها يد الفنان وللنحت قصصه الغابرة التي تبدأ مع الإرث الأوغاريتي الشاهد على حضارة وحياة كاملة عبرت من هذا المكان ثم اندثرت لتصير كنزاً يختبئ في جوف اللاذقية وفي الركام ليحاول الاستمرار والنهوض مجددا مع دعوات الباحثين والشرفاء في وطن الكادحين والشهداء وأيضا عبر آثار تسعى للاستمرار من خلال فنانين ونحاتين أثروا وتأثروا ورغم بساطة أدواتهم أثمروا
والحقيقة أقول المهنية مطلوبة في العمل النحتي والمهنية تعني القدرة على التطبيق وتنفيذ ادق التفاصيل التي تجود بها المخيلة
المهنية تعني الوعي للأدوات المستخدمة ومدى قدرتها على تحقيق الغرض المطلوب منها ولكن المهنية وحدها لا تقود لعمل إبداعي قادر على مخاطبة الأحاسيسس
المهنية وحدها لا تقود لعمل قادر على خرق جدار الصمت والخروج عن المألوف
المهنية هي الادوات والطاقم الذي يحتاجه الفنان لإنجاز النصب التذكارية العملاقة المهنية تعني الاتحاد معى الادوات والتقدير الدقيق لشدة ضربات الأزميل
هي شرط غير كافي إن لم يتجاور مع مخيلة فراغية وروح ابداعية قادرة على الربط مابين الرؤية الكلية والتفاصيل وترجمة الاحاسيس اللحظية عبر عمل جميل وفي هذا المقال استعرض بعض الجميل المستمر مع حضارة أوغاريت دون أن أدعي الإحاطة بجميع النحاتين في تلك البقعة وفي هذا المكان ويبقى الأمل في تعاون صادق وواع بين الباحث والفنان
.
محمد بعحانو تربطه علاقة حميمة بالخشب يؤكدها ذلك الإحساس الدافىء الذي يتملكه حيال منحوتاته تسعى لتتلمسه وتمسك بسره فيهرب منك إليك ثم يأسرك لتبقى قبالته مجدداً تتساءل عن خصوصيته أهي في حنو حورياته أم في ثورية ثيرانه المتأهبة والممتلئة … بكل بساطة هي في قدرته على استخلاص الزبد من موضوعاته بمعنى آخر فهمه للسمات والخصائص المميزة ثم تلخيصها وتخليصها من كل الزيادات لنشعر بذلك الخيط الذي يربط أعماله من حيث الشكل العام الذي يخدم الفكرة ، أو في الأجزاء المجروحة والمشطوبة من جسم العمل النحتي
النحات ماهر علاء الدين وأنا أمام عمله تحضرني الأحكام المسبقة للبعض حين يحاولون تقييد الفن والفنان ب يجوز و لا يجوز لقد استطاع ماهر علاء الدين أن يخدم مقاصده عبر أعمال يتعانق فيها الخشب مع الحديد معلقاً ( أي الخشب ) في عمل ومذبوحاً في آخر .. بمعنى أنه حقق ذلك التآلف ما بين مادتين مختلفتين لا تجتمعان إلا ليخترق أحدهما الآخر وذلك حين حقق تآلفاً ما بين الصنعة والتطبيق منجهة ومابين الإبداع والتعبيرات المرافقة من جهة أخرى
مهند علاء الدين : ما بين الروليف والعمل المجسم قدم منحوتاته بورتريه تعبيري بحس قادر على التقنين و الإقلال من التدخلات عبر الكشف والاستكشاف لتناديه جذوع تحتاج لمخلص ينحت بصماته بمقبض ساحر ويتميز الساحر هنا بعين كاشفة وقادرة على انتقاء ما يخدم أفكارها من خامات كما يميزه فكر لا ينساق باتجاه التبعية سواء عبر الموضوع أو عبر التقنية وأشير هنا فالحصان كموضوع مرتبط بالأصالة وبالجذور وله دلالات تشير إلى المكان والحمار حيوان يتمتع بالكثير من الصبر والذكاء أما الثور العنيد فهو من تراث بلد قريب وبعيد
سعيد عباس رغم حضوره الخجول في الساحة التشكيلية إلا أنه كان مميزاً دوما بأعماله المصبوغة بنفحات انسانية تعكس حرقة الحب والحنين سواء عبر مواضيع الأمومة بأ شكالها المختلفة أو عبر اكتشافاته لمجسمات حفرها الزمن وصار لها دلالاتها في ذاته وهو عبر عمل مجنح يوحي بطائر الفينيق وهو مابين الكشف والاكتشاف والتدخلات الحسية الحذرة استطاع أن يطرح مفهومه حول ماهية العمل النحتي والغاية منه وسعيد عباس من ا لفنانين المعتكفين في قلب الطبيعة يؤمن بأن للفن كفايته وهو يعمل بذاته ولذاته
زهير خليفة : حاضنته مشغل مترامي الأطراف ضمن استراحة مسافر تطل على التلال والبحر والجبال وحدود مشغله مفتوحة لكل ما حولها من مؤلفات الطبيعة أشجار وصخور فراشات وزهور وهي مفتوحة أيضا للسماء وللزائرين حتى المساء
وزيارتي لمشغله لم تكن عابرة إنما هي البداية لنتوج بالعمل أفكارا كثيرة وأحلاما حائرة زيارتي لمشغله جعلتني أجزم لا يمكن لنحات أن يبدع ويمتلك خصوصيته إن لم يتناغم مع الطبيعة ان لم يتحول الى جزء أساسي من مكوناتها الحاملة للشيفرة الكلية فذاك النمو الطبيعي لتلك المفردات والمتجه نحو الكمال المزعوم في الوعي البشري هو منذ لحظة الانفجار الأولى وإلى الآن يقدم شكلا مختلفا من أشكال الجمال وكي تفهم مكوناته ومكنوناته عليك أن تتحول كما ذكرت آنفاُ لتصير رساما أو نحاتا أو شاعر وإن كنت غافلا ربما سهل عليك المراد عبر ما يقدمه أولئك المبدعون من تلخيصات مشفرة ورسائل
حسن محمد : أجمل ما يمكن أن تقوله أعماله هو أنه يكمل ما تقوله الطبيعة حين تخدش مسننات منشاره السطوح لتكمل تضاريس الطبيعة في لحاء الأشجار وتنقش مسارا وإيقاعا للأخاديد والخطوط على الأحجار
تبدو لأعماله استثناء في قدرتها على التأكيد على جمالية الالتواء وتلخيص الحركة في أجمل زواياها التي تؤكد على فهم ومفهومه متطور للعمل الفني القادر على استيعاب الكل في جزء وتلخيص الجمال في حركة وعلاقة لا يشوشها التكرار فالخلاصة في الزبد وخير الكلام ما قل ودل
بينما يسعى أبي حاطوم في أعماله النحتية كما في التشكيلية لتأكيد خصوصيته عبر رموز وإشارات يكررها في غالبية منحوتاته وسواء وصل إليها بقرار مسبقأ وأوصلته إليها تجربته الطويلة فهو يسعى لطرحها كفكرة في أذهان العامة لتصير البصمة الخاصة به ..فتكراره لحركة الرباط الذي يقيد به منحوتاته ليست وليدة اللحظة ولها امتدادها حتى في رسوماته التشكيلية السابقة ( الوجوه والأشكال الممطوطة ) وكأنه مهد لها لتنضج الفكرة لاحقاً وتخدمه في تعبيراته ومنحوتاته التواقة للتحرر والانعتاق
وختامها مسك مع أعمال النحات الطيب نزار بدر جبل صافون طالما أراه يبحث عن الحجارة والحصى التي تحول اهتمامه لتجميعها مؤخرا لتلبي خيالاته التشكيلية ولتكون أشكالها على اختلافها الملهم له في تقديم أعمال على هيئة تتابعات مشهدية تخلدها الصور الفوتوغرافية ليوظف الحصى نفسها في أعمال أخرى لاحقة تعكس ملحمة الحياة والمعاناة التي يعيشها الإنسان السوري