البشير عبيد / تونس
كسر الحصار على سوريا سيكون قريباً…كل المؤثرات تدل ان الطريق إلى دمشق صار معبدا و صالحا لعبور الشاحنات عبر الحدود …كذلك البحر و الطيران…هذا الكلام الموجز و الموغل في البلاغة السياسية قاله لي أحد نشطاء الحركة الحقوقية التونسية صبيحة الأمس حين إعترضني مصادفة في أحد شوارع العاصمة. المهم في هذا الكلام ان عموم التونسين بعد الزلزال المدر الذي ضرب سوريا و تركيا ٫ صاروا على يقين ان البوابة الإنسانية هي القاطرة التي ستقلب الطاولة على خصوم الدولة السورية المرابطة و شعبها المكافح….
رغم فظاعة الزلزال المدمر و الضحايا البشرية التي تقدر بالالاف بين شهداء و مصابين و مفقودين ٫ فان عنصر البوابة الإنسانية مع الشعب السوري الموجوع بطبعه منذ سنوات٫ لم تحسب لها أي حساب الإدارة الأمريكية و حلفاءها في الحلف الأطلسي ..من هنا نفهم جيدا الإرتباك السياسي الديبلوماسي الأمريكي
من الأزمة مما جعلها تجبر على إيقاف قانون قيصر لمدة ستة شهور و لم تقدم واجب العزاء للدولة السورية في مصابها الجلل ٫ علما بأن هذا السلوك السياسي يتناقض مع الأعراف الديبلوماسية الأمر الذي اضحك اصدقاء أمريكا قبل خصومها ٫هذا إضافة الى إزدواجية الخطاب و المعايير المتصلة بمنظومة حقوق الانسان الكونية ٫ فالتفريق بين الضحايا في سوريا و الضحايا في تركيا أمر متناقض تمام التناقض مع قيم حقوق الإنسان الكونية الذي كتب عنه مفكرو الغرب الكبار منذ ثلاثة قرون من الزمن…لكن هنا إنقلب السحر على الساحر و توضح الخيط الأبيض من الخيط الأسود….
إن البوابة الإنسانية هي القاطرة التي ستحمل
في عرباتها جميع المؤشرات و المعطيات الموضوعية لبداية حقيقية لكسر الحصار الدولي الظالم على سوريا منذ إندلاع الحرب قبل عشر سنوات لضرب الدولة في
المقتل و تفكيك مؤسساتها الرئيسية خاصة الجيش العربي السوري و جعلها فريسة سهلة لدى الكيان الصهيوني الغاصب. هذا المخطط الجهنمي فهمته جيداً و بشكل مسبق القيادة السياسية و العسكرية للدولة السورية بنهجها الإشتراكي القومي العربي المناهض لسياسات الهيمنة الأمريكية و مخططاتها منذ عقود للسيطرة على المنطقة .. و التجربة القومية الناصرية مثال بارز على ما نقول… إذن واضح و جلي ان الذي حدث ليس نزاعا بل هو صراع شرس و أبدي بين مشروعين متناقضين في كل شيء…
الإمبريالية الأمريكية و حلفاءها في القطب الراسمالي العالمي ترى ان الوطن العربي و كل اقاليم العالم شرقا و غربا على إختلاف الأعراق و الأديان و الثقافات.و الحضارات هي مجالها الحيوي للاستقطاب و الاستحواذ و السيطرة على ثروات الشعوب المقهورة و تبعاً لذلك لا و لن تستطيع حكوماتها سوى السير في ركابها و عدم الخروج عن اجنداتها سياسيا و إقتصاديا و ثقافيا…..
المشروع الثاني المناهض للاول هو مشروع التحرر الوطني الديمقراطي الإجتماعي الذي تكافح شعوب كثيرة ٫ هنا و هناك٫ لفرضه على الواقع بعيدا عن الوصاية الأمريكية و سياسياتها الإمبريالية التي قوامها الإستعلاء و الإستغلال و القضاء على أي نفس تحرري وطني في اي بلد من بلدان العالم و لعل صراعها المتستديم مع الدولة الوطنية في فينزويلا و غيرها من دول أمريكا الجنوبية ابرز مثال على قراءتنا . هذا القطب الوطني التحرري منخرطة فيه اطراف سياسية على المستوى العربي و الإقليمي و الدولي نهجها السياسي مناهضة الوصاية الأمريكية و حلفاءها على المنطقة و تمثل الجمهورية العربية السورية حجر الزاوية في هذا القطب…لكل هذه الأسباب يتواصل الصراع بين المشروعين المتناقضين
بلا هوادة و بشراسة. بيت القصيد في هذا الملف ان أحرار العالم من كل الأعراق و الثقافات على إختلافها الحضاري و الديني ٫ليس لهم من خيار سوى السير على نهج التحرر و الإنعتاق و كسر الحصار الظالم على الشعب العربي السوري و دولته المنخرطة بشكل جدي و نوعي في محور المقاومة…..
لا يخفى على أحد ان كسر الحصار على سوريا العربية الممانعة المناهضة للسياسات الأمريكية التوسعية
و العدوانية بدأ بوتيرة متسارعة منذ اليوم الأول لوقوع الزلزال المدمر و لم تنتظر مبادرات الأحرار من دول عربية و صديقة التاشيرة من واشنطن……
سوف تثبت الأحداث لاحقا ان العد التنازلي لهيمنة الإدارة الأمريكية على الوطني العربي و كثيراً من مناطق العالم بدأ ياخذ مساره الصحيح لأن الإرادة إذا إلتقت مع العزيمة و الجسارة و الرؤية الاستراتيجية لادارة الصراع مع الخصم ٫لن تكون النتيجة سوى النصر مهما تكبر التضحيات على كل المستويات…….
– كاتب صحفي مهتم بقضايا التنمية و المواطنة
و النزاعات و الصراعات الإقليمية و الدولية.
مدير مكتب موقع نفحات القلم الالكتروني