من كتاب ألفاظ ومعاني .
بقلمي .
يقال : صب عليه جام غضبه .
فماذا يعني هذا ؟
من المؤسف ان واضعي المعاجم لم يكلفوا انفسهم عناء البحث ، فاستمعوا الى بدو الصحراء ظنا منهم ان البدوي اذا نطق فلغته لا غبار عليها . ومع ان هذا الى حد ما مقبول الا ان الكثير من الكلمات غير العربية دخلت العربية فصارت منها
نعود الى : صب عليه جام غضبه . في معاجم اللغة قالوا : جام اناء من فضة او نحوها للشراب والطعام ، مؤنث .
إلا ان البحث يقودنا إلى اصل اللفظة جام .
اصلها فارسي وقد استخدمها الكرد والتركمانستان ، والجيم بنقاط ثلاث كي تلفظ ( تجام ) . مع تخفيف الجيم الى شين مفخمة وتعني الزجاج الذي تكوّن بعد انصهار في بوتقة وتدخل البشر في صنعه . وليست فلزات البراكين مثلا جام .
واصل ( تجام ) جشم وفي لهجات اخرى تششم . وتعني العين التي تعكر ماؤها . وهي ايضا العين الحمراء وهي عبارة عن بوتقة لصهر الزجاج يصبح لونها احمر لشدة الحرارة .
وكان الفرس يطلقون على حفرة يتجمع فيها الصرف الصحي ( تششم ) ثم اخذها الأتراك فقالوا تششمة . كما ان اهل الشام قالوا ششمة ذلك في ما يسمونه بيت الخلاء – المرحاض ، ومثلهم استعمل اللفظة عرب الجزائر ، اما في الكويت فتعني النّظّارة .وكلها الفاظ تقترب من معنى عين .
فإذن . صب عليه جام غضبه : هناك كناية عن شدة الغضب وكأن الغضب زجاج سائل مذاب . يقوم الغاضب بصبه على المغضوب .أو ماء آسن تتم العقوبة به .
فكيف جعلوا ( جام ) اناء بينما جام هي كل زجاج معمول يدويا سواء كان مسطحا او على شكل آنية ..
ملحوظة : يستخدم العامة التركب ( احمرت عيني ) كناية عن الغضب .والطريف ان قبائل نجران ونجد والحجاز وعرب اليمن والعراق وبلاد الشام والكثير من بلاد العرب – كلهم يستخدم المصطلح ( احمرت عيني – أو احمرت عينه ) كناية عن الغضب الشديد . ولكننا لم نجد في المعاجم الفارسية والتركية هذا التركيب .
وقد ورد التركيب بلغة عربية فصيحة في بعض القصائد الشعرية على شاكلة : حمر النواظر .