قصة قصيرة ـ بقلم صديقة علي
تقمص جبة أبيه، حتى خلته، هو ، هو.. ارتدعت فرائصي من نظرته القاسية،كادت أن تخترق رأسي وتلهبه..
بدوره، أنقذني صوت الممرضة، وهي تقرأ اسمه، قمت على عجل أمسك بيده، أساعده على النهوض، ودلفنا غرفة الفحص، وأنا اتعثر بخياله، زاد توتري حين قال الطبيب:ابنتي ساعدي الحاج كي يتمدد.
عاود يحرقني بنظراته، التي أشعلتها السيدة في غرفة الانتظار :
ماشاء الله قمر… ابنتك للخطبة؟
قرأت بعيني الطبيب استغرابه لتوتري وأدار لي ظهره، فحجبه عني مما أتاح لي فرصة أن أسوي من حجابي الذي لم أحسن ارتداءه بعد، وأتنفس قليلا، وأبتهل إلى الله أن يمضي هذا اليوم بأقل الآلام .
عدت لقدميه المتورمتين ألبسه حذائه ..ناولته عكازه وغادرنا العيادة بحرب صامتة. عبرنا الشارع وأنا شاردة بما ينتظرني ،تمنيت أن تصدمني تلك السيارة التي أطلقت بوقها، وكادت أن توقعه،
لا بل لو يموت هو …..استغفر الله.
اتكأ على شبابي وأدخلني جهنم ….
ما زلت لليوم هذا أجلد نفسي بسياط اللوم، كيف لم أهرب من عصاه التي أكلت من بدني، كيف لم أقاوم يده وهي تتشفى من شعري، لم لم أختبئ تحت السرير، أو في الخزانة أو حتى على رفوف المطبخ .كما كنت أفعل مع اخواتي بلعبة الطميمة.قبل أن يقطعوا عليّ طفولتي.
لم كنت أسعد بحبسي الذي ينجيني الضرب المبرح؟. ولم لم أرفض مرافقته للطبيب ؟والتي تنتهي بحفلات التعذيب المكررة.
وضعت صورته المغسولة بدموعي جانبا، وانتبهت إلى ابني ،كان يقف أمامي مرتبكا شجعته ابتسامتي
على الكلام:
أمي …كلفني الشيخ ان أسالك، إن كنت راغبة بالزواج …فأنت ما زلت صغيرة ،وتبدين كأختي، ويقول أن هذا حقك عليّ.
أعجبني حال ابني المراهق، وهو يؤدي دور الرجل الحكيم.
قل لشيخك ياولدي: أمي حرّمت الرجال عليها بعد وفاة أبي.
انحنى على رأسي وطبع قبلة امتنان :
ـ أمي الوفية … بعد كل ما قاسيته؟.
ـ وفية ؟!
رددت الجدران صدى قهقهتي، ونشيجي الذي انعكس ذهولا بوجهه.
رفع الصورة بكلتا يديه،وأعادها إلى جدارها، ثبتها بهدوء، وأنا أسرح بالشبه بينهما ـ كنت أكبره بخمسة عشر عاماـوكانت لحيته بدأت ترسم رجولته.
عاد إليّ وقد هيأت نفسي لحضنه ،لمسحة حنان من كفه، لكنه اكتفى بوضعها على كتفي، قائلا بصوته المخشوشن:
ـ أمي بقي شيء آخر …أرجو ألا تخرجي إلا بصحبتي …أو على الأقل بإذن مني.
فيما تركني أومئ بجلباب أمي..
موافقة..
صديقة علي