توفي السبت 6 مايو 2023 في باريس الكاتب الفرنسي فيليب سوليرز، عن عمر يناهز 86 عاماً، وهو من مواليد بوردو 28 نوفمبر 1936، من عائلة برجوازية كانت تدير شركة لمعدات الطابخ.وهومن أهم الكتّاب الفرنسيين المعاصرين وقد كان فاعلاً في الساحة الأدبية الفرنسية منذ ستينيات القرن الماضي.
كان كاتبا غزيراً وصدرت له عشرات الروايات منها “جنة” و”نساء” و”حرب الذوق” وكتب أيضاً في الدراسات الأدبية والسيرة بالإضافة إلى مئات المقالات في المجلات الأدبية والصحافة الثقافية. واقترن اسمه باسم زوجته الناقد البلغارية الأصل جوليا كريستيفا والناقد رولان بارت، والأخير كرّس له كتاباً لافتاً حمل عنوان “سوليرز، كاتباً”(1979) وفيه قراءة لنصوصه التي كانت تعاكس ذائقة القراء حينها. وقد وجد فيه بارت، ما يشابه رؤيته الخاصة إلى القراءة والكتابة.
يعتبر سوليزرمن الأدباء السعداء الذين ولدوا وفي فمهم ملعقة من ذهب، كما يقال في فرنسا. ولهذا السبب استطاع التفرغ للأدب كلياً. وأنتج كل هذا الإنتاج الطويل العريض من روايات وكتابات ومقالات.
بدأ سوليرز الكتابة مبكراً ونشر روايته الأولى “وحدة مثيرة للفضول” عام 1958 وعمره لا يتجاوز 22 عاماً وبفضلها ولج إلى عالم الشهرة الأدبية بعدما احتضنه وشجعه كتّاب فرنسيون كبار مثل فرانسوا مورياك ولوي أراغون… وفي العام 1960، اتفق سولرز مع دار سوي على إصدار مجلة أدبية هي “تيل كيل” التي أصبحت لاحقًا منصة النقد البنيوي. وكتب فيها أدباء ونقاد كبار، من أمثال رولان بارت، وجورج باتاي، وميشيل فوكو، وجاك ديريدا، وتزفيتان تودوروف، وجيرار جينيت، وأمبرتو إيكو، وجوليا كريستيفا، وجاك لاكان، وجيل دولوز…(العام 1987، انتقلت إلى دار غاليمار تحت اسم L’infini. وهي التي عرّفت الجمهور الفرنسي بالشكلانيين الروس، وشجّعت ظاهرة “الرواية الجديدة”، وأطلقت العنان لقراءات حداثية للكتّاب الكلاسيكيين.
وفي ذروة صعود اسم سوليرز في الدوائر الأدبية الباريسية، تم استدعاؤه لأداء الخدمة العسكرية الإجبارية في الجزائر، لكنه رفض ذلك متعللاً بالإصابة بمرض انفصام الشخصية. كلف ذلك سوليرز الإقامة تحت المراقبة الطبية في ثكنة عسكرية مدة ثلاثة أشهر، قبل أن يتم إعفاؤه وتسريحه بعد تدخل الروائي والوزير أندري مالرو.
وتمثل “الحديقة” (1961) أهم روايات فيليب سوليرز، والتي نال بفضلها جائزة ميديسيس المرموقة. وقد شكلت قطيعة مع أسلوب الكتابة الكلاسيكية في مسيرته الإبداعية، والانتقال إلى أسلوب كتابة أكثر حداثة، مع البحث باستمرار عن التجديد. أصدر روايتين، الأولى عنوانها “H“، والثانية “جنة”.. كلتاهما من دون علامات الوقف، كالنقطة أو الفاصلة أو الأهلَّة، وبلا بياض ومقاطع وفصول،.. ولا تدور حول حكاية، بل آلاف الحكايات.
لم يعرف الوسط الثقافي الفرنسي كاتباً بجموح سوليرز وغزارة إنتاجاته، سواء في مجلته “اللانهائي”، إضافة إلى المقالات والمقدمات التي يكتبها لكتب تروقه.
ارتبط سوليرز بصداقات، مع أن الصداقات نادرة في الوسط الثقافي الفرنسي والعالمي، مع معظم المحررين الثقافيين في فرنسا. أما البرامج الثقافية التلفزيونية فقد كانت تستضيف سوليرز، بشكل لافت.
إعداد : محمد عزوز
عن ( صحف ومواقع )