خاص : هنادي سلمان علي
في كل نهاية عام دراسي، نشهد مشهداً مؤسفاً ومحزناً لبعض الطلاب الذين يمزقون كتبهم المدرسية وأوراقهم الامتحانية بعد الانتهاء من الامتحانات، ويقومون برميها في الشوارع أو في سلة المهملات، تعبيراً عن فرحتهم بانتهاء العام الدراسي وبدء الإجازة الصيفية. هذا السلوك يعكس جهلاً وعدم احترام للعلم والثقافة والمجهودات التي بُذلت لإنتاج هذه الكتب وإيصالها إلى أيدي الطلاب. كما يعبر عن عدم وعي بقيمة هذه الكتب التي تحوي علوماً ومعارفاً تستفيد منها أجيال قادمة، وأنها أمانة على عاتق الطالب أن يحافظ عليها ويستخدمها بشكل سليم.
هذه الظاهرة ليست جديدة، بل تنتشر منذ سنوات في بعض المجتمعات، ولها أسباب متعددة تتعلق بالجوانب النفسية والاجتماعية والتربوية للطالب حيث رصد الكثير من الحالات هذا العام .
● طلاب يمزقون كتبهم بعد الامتحانات.. دكتور موفق السراج يحلل الظاهرة
بمناسبة نهاية العام الدراسي، شهدت بعض المدارس ظاهرة مقلقة تتمثل في تمزيق الطلاب لكتبهم ورميها في الشوارع والساحات. للوقوف على أسباب هذه الظاهرة وكيفية معالجتها، التقينا بالدكتور موفق السراج، أستاذ اللغة العربية والأدب في الجامعة الوطنية الخاصة ، الذي قال: “” إن تمزيق الطلاب كتبهم بعد الانتهاء من الامتحانات المدرسية ظاهرة مؤسفة حقا وهي تدل على عدم الوعي بأهمية الكتاب ودوره المهم في الحصول على المعرفة…وعلاج هذا الأمر في رأيي يتطلب تضافر الجهود من قبل أولياء الأمور أولا وادارة المدرسة ثانيا بتأكيدهم على ضرورة حفاظ الأولاد على كتبهم وعدم رميها أو اتلافها فالعلم أساس في بناء الأمم ونهضتها وتقدمها والجهل سبب كل المشكلات والمصائب التي تعاني منها بعض الدول والشعوب …والكتاب خير مؤنس للمرء في وحدته وشيخوخته وفي تراثنا العربي كثير من الشواهد التي تؤكد على أهمية الكتاب…””
● د. ندى الساحلي تحلل أسباب تمزيق الكتب المدرسية
وعلى صعيد الأسرة، يجب أن يلعب الآباء دورًا فعالًا في تربية أبنائهم على حب الكتاب واحترامه، وأن يشرحوا لهم أن الكتاب هو أمانة عليهم وأنهم مسؤولون عنه أمام الله والناس. كما يجب أن يشجعوا أبناءهم على قراءة الكتب المدرسية وغيرها من الكتب المفيدة في أوقات فراغهم، وأن يقدموا لهم نماذج من العلماء والمفكرين الذين اعتبروا الكتاب صديقًا لهم في حياتهم.
قدمت دكتورة ندى الساحلي من قسم الإرشاد النفسي في جامعة تشرين تحليلا لظاهرة تمزيق الكتب المدرسية بين الطلبة، وأوضحت أن هذه الظاهرة تنبع من عوامل عدة، منها ضعف الاهتمام بالتعليم وانخفاض قيمة المدرسة في نظر الطلبة والأهل، وكذلك سوء حالة الكتب المستلمة التي تكون مستعملة ومخطوطة من قبل. وأشارت إلى أن هذا السلوك يؤثر سلبا على مستوى التحصيل الدراسي والانتماء للمؤسسة التعليمية.
وأخيرًا، يجب أن تساهم وسائل الإعلام في نشر الوعي بخطورة هذه الظاهرة على مستقبل الأمة، وأن تبرز دور الكتاب في تطور الحضارات والثقافات، وأن تنشر قصصًا وشهادات عن أشخاص استفادوا من الكتب في تحقيق أحلامهم وطموحات
إن هذه الظاهرة تحتاج إلى مواجهة جادة وحاسمة من قبل جميع المسؤولين عن التربية والتعليم في المجتمع، فلا يجوز أن نسمح بأن يستخف طلابنا بكتبهم التي هي رافعة لثقافتهم وشخصياتهم. كما يجب أن نسعى إلى تغيير هذا السلوك بإثارة حب الطالب للكتاب وإبراز دوره في تنوير عقولهم وإثراء معارفهم.