الأديبة نهلة البدوي
عذراً منك أيها الصحفي الذي لم يعد يليق بك العناد، غدت البلادة والبلاهة من اهم صفاتك ..عذراً منك “صالح” لم تعد احلامك جديرة بالركض ورائها منذ نعومة أظفارك، احلامك صالحة للتلف والتجاهل و….
عذراً من تلك الحكمة التي قرأتها يوما بورقة رزنامة مرمية في زواية غرفة والدك ووالده واتباعهما في ظلمة حالكة لايمكن رؤية تفاصيل عربدتهم التي غدت كدود الخل ..
علمتني ياصالح اقتناء،تلك الحكمة التي حكمت علي بموت ملون هرب منه الأبيض ،وتم السيطرة عليه كسيطرة الطبيعة على كوخ صغير مهجور في غابة غابت اتجاهاتها واعتلاها العفن ..حكمتك باتت محكومة بالعجز والانهزام القسري لكل شيء..(اذاأغلقت كل الأبواب في وجهك فلاتنظر من الثقوب، إما أن تحطم أو تمضي)
كان عذرك ياصالح انك قصير القامة ومتهم انك بارع بإشعال الفتن ومروج لدعايات باطلة في زمن لم تخذلك كميرتك التي ولدت بدائية جداً بإحساسك الذي لم يخطئ مروراً بمراحل تطورها العصامي العصابي المستفز والمريح في آن معاً..
يومها كنت صغيراً لم تستطع تحطيم الإبواب التي بدت أكبر واطول من قامتك مع انها كانت فرصتك التي لاتعوض.
لابأس ..
كان امتناعك عن النظر من الثقوب ليس دليل اخلاقك وحسب ولكن كانت رغبتك تضربك وتدفعك لمعرفة ماذا يدور خلف كواليس الغرف المغلقة وتحديدا غرفة والدك ووالده واتباعهما ..ومع ذلك لم يستوعب عقلك الصغير الذي كبر بطريقة جنونية ولم يستوعبها العقل الذي غدا اكبر من مساحة زريبة صالحة للعنصر البشري وقن دجاج لم يعد راغبا بتقديم طبق مليء بالكالسيوم ..لعدم جدواه.
عذراً منك ياصالح ..لقد جعلوك طالحاً ككل شيء، لقد استطاعوا تهميشك لتكون مثلهم تافهاً لاهدف لك ولاامنية ولاحتى عناق حلمك الذي رسمته على جذع شجرة تفاح اكلت من جسدك الكثير يوم كانوا يربطونك عليها ..تلك الشجرة اهرمها العنف وسكن ثمارها الدود كاحتلال لم يرحم ولن يرأف ..
لقد غيروا سيرتك وجعلوك بلا ادنى احساس يوم كان احساسك كنبع الضيعة لايجف رغم حدوث الجفاف.
حاربوك واخضعوك لعملية قلب مفتوح على مصرعيه وقرأوا رسائل الحب والاماني والاحلام ..واعتبروك مجرما وتستحق الاعدام لتكون كبش فداء عن اخطائهم المتكاثرة كدود خلهم.
عذراً منك ياصالح ..مذكراتك لن ترى النور لانهم لم يجروؤا على تتبع سيوفا ستقطع رقاب فسادهم وضلالهم ونجاستهم التي تكاثرت وفقدت طعم الخل بدودهم المتوحش.
عذراً مذكراتك ياصالح فرضت نفسها بقوة الطبيعة التي همشت تباعا خصوصياتك وسبطرت عليها مظاهر العبث كسيطرة الطبيعة على كوخ بحجم دفتر بجوار قلم يستند على جدار تآكل بفعل الاهمال لابفعل الزمن وسطوته.
إقرأ الآن معي ياصالح .”.وحدهم الأقزام يتقنون فن التسلق “
ودع حكمتك التي مازالت تقض مضجعك الشوكي، واستعن بديكارت وشكوكه المزلزلة ..واقنع ان الثابت بات مهرولا راكضا بالسراب والمتحول بات طينا لايصلح للتوازن.
ماقالته كميرتك الورقية صواب
ماقالته كميرتك الخشبية ايضا صواب،
ماقالته كميرتك المعدنية ايضا صواب،
الكميرات بكل اشكالها اصابها فالج ..
فالج لاتعالج …ياصالح ..او ياطالح كما اطلق عليك والدك ووالده واتباعهما من مدرس التاريخ الذي نسي تاريخ،ميلاده الى مدرس الجغرافيا الذي اضاع الحدود والتضاريس،الى مدرس القومية التي قامت قيامتها عبر المآذن.
اصغ ياصالح لشدو يارا ..حبك الوحيد الذي،حولوه الى كره ..
(حول ياغنام حول بات الليلة هين)
انس كل شيء.
واكتب على دفتر أخر بغلاف من ليلك عنوانك ولتكن بوصلتك كميرا لم يحملها غيرك ..قلادة صدق وطوق امل يخصك وليكن قصرك هو كوخ يتألف مع الطبيعة ولابأس ان يسيطر عليها الوئام الداخلي الذي لايمكن لأحد مصادرته او احتلاله او ………
(من روايتي ..أقدام موحلة ) والشكر الجزيل للاستاذ أحمد الجنزير الذي اقترح عنوان الرواية بدلا من عنوانها السابق الذي فقد صلاحيته بالتداول العبثي.
ماذكرني بكتابة هذا هو البحث في اوراقي المبعثرة عن شيء ضائع في زحام الأفكار ..فقد عثرت على مقال مطول للاعلامي (زاهي وهبي)تحت،عنوان (إحمل كميراك وتبعني)