ضمن أنشطة جمعية بانياس الثقافية نفذت محاضرة الدكتور محمد حاج صالح الأديب والقاص تحدث فيها عن الراحل الكبير حيدر حيدر
عن المحاضرة كتبت الشاعرة نعمى سليمان رئيسة الجمعية :
حيدر حيدر تلك القامة التي رحلت عن عالمنا محملة بأوجاع وطن ، قال ذات يوم
أنا أهتم وأراهن على القارئ هو الذي أقدم له عملي الأدبي ،خصوصا أن هناك عددا من النقاد يطبقون نفس النظريات النقدية على كل الأعمال الروائية وليست لديهم الذائقة ليستنبطوا من كل عمل مميزاته الخاصة التي تختلف عن الأعمال الاخرى ، ) حيدر حيدر الذي راهن على القارئ كان هذا القارئ حاضرا مصغيا لرحلة حياته في المحاضرة التي استضافها المركز الثقافي في بانياس بالتعاون مع جمعية بانياس الثقافية وكان الصديق الوفي للراحل الدكتور محمد حاج صالح الأديب والقاص هو من أبحر بنا لعوالم الراحل حيدر حيدر وبحضور مميز ونوعي ومثقف من بانياس ،فبعد التقديم وشكره للموجودين استهل الدكتور حديثه عن علاقته بالراحل والتي كان سببها الأدب وكانت شبه يومية فالراحل كان يقول اقرأوا القرآن ، اقرأوا ألف ليلة وليلة ،كازانتزاكس ، أدب أميركا اللاتينية ، والأدب الياباني وقد أثر الراحل علي في حياته
كان مرحا ، نزقا ، طيبا، شغله الهم الوطني وهمه الناس، هو الكاتب الأكثر وضوحا بين الكتاب ، كان صادقا بالتعبير عن المشاعر ، يغور عميقا في الجرح العربي في الزمن الموحش ،تحدث عن دمشق وذكرياته فيها حيث كان في الجزائر
أهم الاعمال الأدبية كانت الوليمة
ساهم في تأسيس اتحاد الكتاب العرب وهو الكاتب الذي يكره القيود لم تعجب كتاباته المسؤولين ،عرف بنية اعتقاله وذهب إلى لبنان ، الحزائر، قبرص وعاد لسوريا
من أعماله الفهد تحولت لفيلم سينمائي وهي تفيض بالهجاء والمظلومية
ما جرى في العراق والجزائر أحبطه إلى أن قامت الثورة الفلسطينية
أصدر الوليمة الأولى في قبرص وليس في سوريا ، بقيت مكدسة حتى انطبعت في مصر ، جزب العمل استغلوه ، والأزهر أصدر فتوى في تحريمها وأحلوا دم حيدر إلى أن جرى لقاء ثلاثي للقرضاوي وممدوح عدوان وحيدر حيدر حول الوليمة وكانت مقابلة مهمة جدا وضرورية ، بعدها فك الحصار عن أعمال حيدر حيدر وعن حياته
كان يحب نجيب محفوظ وقرأ أعماله وتنبأ له بجائزة نوبل
عاد حيدر حيدر إلى سوريا ملتزما الصمت بآرائه ، الوليمة كانت مميزة في الأدب العربي المعاصر، جرأة عالية وسرذ عالي وهي مكتوبة على الشكل الشعري ، لا يحب استخدام احرف الجر ، قال عنه ممدوح عدوان شاعر ذهب خطأ إلى الرواية
في الوليمة وفاء للثورة العراقية التي أبعد عنها الثوريون وانحاز للثورة الجزائرية ، لا يكتب حيدر بشكل مباشر بل يكتب بشكل موارب ، رواياته عاش أحداثها ويعالج الأحداث بأسلوب فني ، لا تسفيف للمرأة وتفيض بالتجديد ، جرأة لم يعهدها القارئ العربي
حيدر حيدر من الشخصيات الروائية الأولى في سوريا حيث اثرى المكتبة العربية بكتبه رحل عن عمر 87 عام
حيدر حيدر أديبا يساري ماركسي ، مثقفا وظف موهبته للتعبير عن أوجاع الناس ، تمرد ضد الظلم والديكتاتوريات ، ضد سلطة الدين في المجتمع العربي وضد إدخال الدين في السياسة ، روح سورية عربية جامحة ، يراهن على القراء وعلى جيل الشباب .
بعد الحديث الشيق عن حيدر حيدر بدأ الاستاذ الشاعر علي سعادة مداخلته عن حيدر حيدر وعن عمل له ( شموس الغجر )
حيدر حيدر في شموس الغجر لا أمل يلوح الآن أنت مصاب بجرثومة أمل كاذب مخادع ، قبل ربع قرن إلا قليلا جمعنا ،
هل اشراق فجر جديد للإنسان ما انحنى يوما ولا هان سوى يوم اعتقلوه وأذلوه
صراع بين أجيال وأنماط ، تفكير ضمن بيئة معروفة مكشوفة ، جرأة عودنا عليها في رواياته وقصصه ، ألم ينخطى الخطوط الحمراء ،شحك رافضا فكرة القيود على الكانب
ألا ترى برعما أخضربعد الحريق ؟ أخذناعليه سوداويته وتشاؤمه وأنا أقول للعربي هذه مرآتك المهشمة أيها المهمش
الأديب الحقيقي شاهد على عصره وما أكثر شهود الزور يا حيدر
أهناك أقدار محتومة في نهاية المطاف سيكون جوابه البشر هم صانعو أقدارهم ومصائرهم
وذكر الشاعر سعادة بعض مقتطفات من كلام حيدر حيدر في روايته
وبعد ذلك بدأ النقاش واسئلة الحضور للدكتور محمد وبدأت الصحفية ثناء عليان مداخلة بقولها الراحل حيدر حيدر كاتب مهم بحجم وطن وسألت لماذا كان الراحل يرفض أي لقاء صحفي مع أي شخص هل بسبب الأزمة ؟
والجواب من الدكتور بأن الراحل حيدر حيدر كان ضد حرب الأخ مع الأخ ، ضد اقتتال الأخوة ، ضد مايجري جملة وتفصيلا
بعدها قدم الأستاذ خالد حيدر مداخلة مهمة قدم تحية لروح الأديب حيدر حيدر وشكر لأنه كتب ما كتب ومر عبر كل حقول الألغام في سوريا ، تجربة انسانية سورية هائلة على المستوى العقائدي ( ماركسي )
كل الذين ذهبوا باتجاه العدالة الاجتماعية في سوريا وغيرها يميلون لهذا الاتجاه على الرغم من أن كل الكتاب مثل حيدر يرفضون الحزبية
السياسة مقتل للمبدع والمبدعين
أن يفكر الكاتب وطتيا بديهي جدا
الوليمة قرأتها وهي من الأعمال التي أعتز بأن أحد كتب بهذا المستوى
لم يستحضر شخصياته من الخيال، كان يعرف الشخصيات لذلك برع في تقديمها
وبعد ذلك تحدثت الشاعرة سميا صالح وقالت بأن ابداع حيدر لا نقاش فيه وهو رفض الحديث عن الأزمة لكنه لم ينج من كلام المعارضة وظلم من الطرفين ، وسألت ما رأي حيدر بالكلام الذي قيل عنه وكان كلاما قاسيا
رد الدكتور بأن حيدر لم يرد وكان يقول انسوا الموضوع ، تجاهل ذلك تماما
وللروائية لميس بلال مداخلة مهمة فقالت بأن حيدر حيدر من الأسماء الكبيرة بين الروائيين الذين قدموا رواية وعاشوا فترة ثورية بامتياز وأثرت على كل أصناف الأدب ، محمود درويش حصيلة تلك المرحلة وهي مرحلة أدب القضايا
لا يستطيع الانفصال عن واقعه ، شخصيات ثرية أكثر من أي خيال ، اللغة تمتاز بالشعرية واللغة عروس الشعر والشعر ينبض باللغة ، الحبكة وكيفية الأحداث ،حبكة مواربة اللغة زاهية وتستعير من الشعر أحد أدواته . لو لم يكن في موسم القضايا الكبرى وكتب عن الانسان لربما كان قدم شيئا أجمل
الوليمة هي قمة الروايات السورية
وللحضور المثقف رأي مميز فكانت مداخلة السيد جابر عبود فقال بأن الكاتب حيدر شخص بوهيمي علاقته كانت عجيبة بالكلب الذي وجد في بيته ، وتحدث عن ابنه وافد، وقال بأن الأديب عندما يثير قضية بهذه الضخامة ماذا يعني ذلك ؟ هل أحدثوا اختراقا في هذه الذهنية ؟
وكانت الاسئلة الأخيرة التي طرحتها نعمى سليمان للدكتور محمد حاج صالح بعد شكر الحضور وقالت هناك اسئلة تمت الاجابة عنها ضمن المحاضرة والنقاش وسألت
العفوية في كتابات الراحل حيدر حيدر هل نعزيها للبيئة أم هي شخصية حيدر بذاته؟
ما رأي الكاتب حيدر حيدر بتجارب الأدب العربي في السنوات الأخيرة وأدب الشباب خاصة
قال الدكتور بأن الراحل كان يكتب صفحة واحدة وهي نفسها التي تطبع ،يكتب مرة واحدة ، مثلا 400 صفحة يقضي 400 يوم ، يكتب وهو على حافة الشعر ، في كتاباته خيال رغم أنه يكتب واقع وهكذا عليك أن تعيش أحداث الرواية
( راوية) هي زوجته ( غجرية )
الخيال مع الحدث
المواربة قصد في كتاباته
وكان يقرأ ويقول بأن الأدب الحي يبقى والخلود للثمين للثمين والباقي تساقط
وهكذا اختتمت المحاضرة بشكر كل الموجودين وشكر لقصر الثقافة وتوقيع كلمة للدكتور محمد حاج صالح والاستاذ علي سعادة في دفتر الجمعية
ويبقى شعارنا نعمل لنرتقي