إعداد : ياسمين شهيله
تحت رعاية وزارة الثقافة السورية – مديرية الثقافة في اللاذقية – المركز الثقافي العربي في جبلة وضمن الأنشطة الثقافية اقيمت محاضرة عن ” القصة القصيرة ما لها وما عليها” بتاريخ ١٩/٩/٢٠٢٣ تحت إشراف الإعلامي والقاص مهران بهجت سلوم
حيث بدأ المحاضرة بتوجيه التحية لمدينة جبلة وبدأ كلامه بقصة قصيرة حملت عنوان “المدينة المضيئة” جاء فيها :
يحكى في قديمِ الزمانِ ، كان يقطن إلهان في مرتفعات الجبال على نهر الأخدود العظيم الذي ينبع من جبل النور المطلُّ على بحرِ القديس الأبيض المتوسط ، كانت تقع بلدةً تشتهر بطيب أهلِها وقوتِهم ، كانوا يعملون بصناعةِ السفنِ العملاقة وإنتاج البخورِ والزيتونِ المشتعل ، وكانت مقصداً لكلِّ تجار البحر والجبل فقد كانت تمتلك مرفأً صغيراً حيّث إنّ كان أيقونة البحر….
وبدأ بعدها بتفنيد عناصر القصة بعد عن ذكر اشهر الرواد الأوائل للقصة في سورية ك : محمد النجار 1902-1962 ويطلق عليه «أبو القصة السورية» وفؤاد الشايب 1911-1970 ، وعلي خلقي 1911-1984 ، وجبرائيل سعادة، اليان ديراني، علي مظفر سلطان، عبد الله يوركي حلاق، شكيب الجابري، ديب نحوي.. وغيرهم).
وقدم نبذة حول انتشار القصة حيث برزت بعد استقلال سورية أحداث كبرى جديدة، أسهمت في نضج الصراعات الفكرية والأدبية.ومن هذه الأحداث، ظهور الروابط الأدبية، والتجمعات الثقافية، وكانت القصة القصيرة سيدة الأجناس الأدبية، كما كان القاصون روّاداً حملوا لواء العمال و الفقراء، ورفعوهم إلى مصاف الأبطال في قصصهم.
وكان لتجربة زكريا تامر من مؤسسي اتحاد الكتاب العرب الأثر الطيب في النهوض بهذا الجنس الأدبي..
وبعدها عرج على تعريف القصة على أنّها منتج أدبي إبداعي يعتمد على قواعد تشكل حالة تناغم لتخرج إلى العلن وبعدها قرأ من مجموعته القصصية الصادرة عن اتحاد الكتاب سنة ٢٠٢١ حملت عنوان ” الحالمون بغدٍ مشرقٍ” نقتبس من قصة “لمّ الحب” حيث قال فيها :
من أنا ؟.. نعم نعم .. أنا شاب متردد ؟
لا لا لست متردداً إنني أفهم الحياة جيداً .. لست جباناً لأخوض تجربة حبِّ فاشلة .. لا لا الحبُّ ليس موجوداً في هذه الدنيّا ..
كيف ليس موجوداً ؟ ..
ألا أحب والديَّ ! .. نعم أحبهما ..
لا يا غبي لم أقصد حبُّ الوالدين ..
نعم نعم فهمت عليك تقصد حب الوطن ..
بالله ما هذه البطيخة التي تحملها فوق كتفيك ! ..
وانتقل إلى تفصيل القصة ما لها وما عليها وما يجب على الكاتب تعلمه وإتقانه ليبدع في كتابة القصة بطريقة صحيحة حيث فصل عن مكونات القصة التي تتكون من ” الشخصيات – الأحداث – السرد – المكان – الزمان – الفكرة والتي هي أهم عنصر من عناصر الإبداع لدى القاص..
وركز في محاضرته على بناء الشخوص في العمل الأدبي وأولاه اهتماماً بالغاً وقسمهم إلى شخصيات رئيسية وفرعية وثانوية ولم يخفِ على المتلقي قوة القصة في قوة سردها والحبكة التي تجذب القارئ فبقول القاص أنّ الكاتب الجيد هو الذي يروض قلمه كما يريد ولا يدخل الملل إلى المتلقين..
ومن ثمّ أخذ القاص بيد الحاضرين وأدخلهم إلى عمله الخاص وروى لهم من مجموعته القصصية الصادرة بتاريخ ٢٠١٧ عن اتحاد الكتاب العرب بعنوان ” الراقصة والشيخ” جاء بقصة ” حكمة شيخ عصري” نقتبس منها :
لقد جاء العيد إنّها السادسة والنصف، التراتيلُ والأناشيد الدينية تعمُّ المسجد الحمد لله الناس في ازدحام شديد، ولكن هل المؤمنون كثيرون بينهم؟ لنرَ!!
لم ينتهِ الشيخ “راجي” من كلامه وإذ بصوت عالٍ يتقدّم الصفوف الأولى , رجلٌ يصرخ بأعلى صوته يلبس الأسود لا يُرى غير عينيه يحمل بندقية ممتلئةً بالرصاص، يصرخ ويقول :
مَنْ أرادَ أن يصعدَ إلى الجنّة فليبقَ في مكانه , وصوّب بندقيته إلى المصلّين، هرجٌ ومرجٌ كثيران حدثا في المكان , بدأ الجميع يتدافعون نحو الباب كيوم حشرٍ مصغّرٍ، يهربون من أمامه وهو يعود ويكرّر، “الجنة بانتظاركم لمَ تهربون ؟”
ولم تغب عن محاضرة القاص مهران الإضاءة على المولود الجديد القصة القصيرة جداً حيث اعتبره من تحدّ جديد لكل كاتب يمتهن الكتابة فالعرب كانوا يقولون البلاغة في الإيجاز وهذا النمط جاء كالملح على الجرح فبرزت العديد من المجموعات القصصية التي كتبت وابدعت وختمها ببعض قصصه نذكر منها :
معاش
فرح كثيراً براتب التقاعد ؛ حمد الله على نعمة العمل ؛ نزل إلى السوق ليشتري بعض حاجاته ؛ عاد إلى بيته بدين مؤجل
صدقة
اقبل العيد على مضض ؛ تزينت الساحات بألعاب الأطفال؛ صدعت المنابر بالتكبير والتهليل؛ امتلأت المطاعم؛ غصت المنتجعات؛ ذُبحت الأضاحي؛ جلس الفقير يعد أرغفة خبزه.
مضى بعدها القاص إلى شرح وتفصيل كيفية ختم القصة وركز على الحبكة والأدوات السليمة لدى الكاتب في وضع خاتمة تتناسب مع مجريات القصة.
واحب ان يودع الحاضرين بقراءة قصة من مجموعته ” الحالمون بغدٍ مشرقٍ” تحت عنوان “مقالة تحت الطلب” حيث نقتبس منها :
بعد عدّة قراراتٍ من الحكومة العلية ، لرفع الجائحة الشقيّة ، عن فقراء أمتي الفتيّة ، خرج صاحب الطلَّة البهية ، بإسطول سياراته القويّة ووو..
انتفض في مكانه قائلاً :
اهدئ يا محسن ما الذي تكتبه يا بني ، ما بالك يجب عليك أن تغير كلمة صاحب ، نحن لا نذم أحد ولا نضعهم موضع سخرية ، ضع خطأ أحمراً .. تابع ..
لا أدري ما سأقرأ له سأستمر بكلامي عسى أن لا أحذف الكثير أو أعدل فيه ..
وبعدها تابعت :
و أعطى أوامره لشركاته أن ترفع من قيمة البضائع التي ترسل إلى التجار في الأسواق بمقدار خمسة عشر بالمئة على كل سلعة ..
قاطعني ووجه محمرٌّ قائلاً :
بالله عليك هل بينك وين الرجل ثأر ؟
وفي ختام المحاضرة أثنى على هذه التجمعات الثقافية ووجه التحية لوزارة الثقافة ولكل مديرياتها على دعم الشباب المبدع تسليط الضوء على التجارب الأدبية..
يذكر أنّ الكاتب من مواليد اللاذقية له مجموعتان قصصيتان صادرتان عن اتحاد الكتاب العرب بعنوان ” الراقصة والشيخ”، “الحالمون بغدٍ مشرقٍ” ومشارك في كتابة مسلسلين دراميين في سيناريو وحوار وله عدة مسرحيات للأطفال..