بقلم الدكتورة : براءه منير المنصور
أمام غريزة البقاء ، انهار الشعور بالعنصرية والتطرف والتمايز الاجتماعي ، وشيء آخر -غير الإنترنت- جمع العالم وحوله إلى قرية صغيرة تتحدث لغة واحدة هي لغة كورونا.
عندما يتهدد الأمان ، تصبح مشاعر الحب والكراهية أقرب للترف لأن الخوف سيهمن على كل المشاعر الأخرى ، نعم إنه الخوف من الفناء وكل الأشياء الإضافية ستختفي ، فاسحة المجال لشعور أقرب إلى التواضع الراديكالي الذي يعيد صياغة حياة الإنسان ، فيرى نفسه من الخارج ، ويعيد تقييم حياته كلها بعين غريبة أكثر حدة ووضوحاً.
إن العزلة – بشكل عام- ارتبطت في جميع الأديان بمفهوم التنوير ، لذلك ربما تستنير العقول والقلوب في هذه العزلة ،فيتبدد هذا الجشع الذي يقود الحرب ، وبدلاً من ذلك ، يرتقي الوعي فيمكن الإنسان من الوصول إلى الغرض الحقيقي من هذه الحياة ، وهو بالطبع أكبر من القتل باسم البقاء..
جاء هذا الفيروس الصغير حاملاً اسم المرحلة التاريخية الجديدة التي تدحض أقوى النظريات الاقتصادية ، وتثبت أن أعظم قوة للإنسان هي الصحة والأشياء الأخرى التي بنى عليها نظامه الاقتصادي جعلته فقط أكثر هشاشة ، ، نقل بمظهره التاجي الرسالة إلى الكون بأسره … أنه لا شيء يمكن أن ينقذنا كبشر في هذا الكوكب بخلاف الحب .. حب الذات وحب الآخر ، وفوق ذلك مسؤولية كل واحد تجاه الآخر بصفته من سكان هذا الكوكب ، سافر كورونا إلى جميع أنحاء العالم حاملاً الانتماء المحايد مرددا أغنية مايكل جاكسون
_make a little space to make a better place – الشهيرة
أخيراً…. عندما تأتي الحكمة في وقت متأخر ، يكون لها طعم مرير .. ولكن على الأقل الأجيال القادمة ، ستفهم أن الكينونة بحد ذاتها هي التي يجب أن يسعى لها الإنسان ، وأن البقاء هو نتيجة تعاقبية وليس هدف اصيل .