متابعة محمد صادق الشريف :
في بلد وصفت الأزمة الاقتصادية التي ضربته بالكارثية، قُدّرت قيمة استيراداته للألماس بنحو 306 مليون دولار وحلّ ثانياً عربيًا وثامناً عالميًا ضمن قائمة البلدان الأكثر استيراداً للالماس، متفوّقاً بذلك على الولايات المتحدة الاميركية وأرمينيا. الأرقام بينتها بيانات منظمة “كيمبرلي بروسيس” الأميركية لعام 2022 وإحصاءات أعدّها أشوك داماروبرشاد، المتخصص في الألماس والمعادن الثمينة.
التداول كبير بالألماس
للوهلة الأولى أحدثت البيانات المنشورة صدمة لدى اللبنانيين الغارقين باسوأ كوابيسهم المعيشية، غير أن نقيب معلمي صناعة الذهب والمجوهرات في لبنان بوغوص كورديان، أشار في حديثه لـ”لبنان 24″ الى ان “صناعات المجوهرات في لبنان من الثروة الوطنية”، لافتاً الى أن “الانتاج اللبناني من حيث التصدير لا بأس به ومن الطبيعي أن يكون التداول كبيراً”.
ووفقاً لمصادر “لبنان 24″، يستورد لبنان الألماس “المحكوك” أكثر من “الخام”، اوّلاً لقلة الذين يعملون بـ”حكّ الماس” محليّاً وثانياً لأن ذلك يعدّ آمناً ويسرّع عملية تصنيع قطع الزينة الراقية والماسية ثمّ إعادة تصديرها الى الدول المستوردة.
وعن دول المنشأ أو التي يجلب لبنان منها هذه الحجارة الكريمة، اشارت المصادر الى أنه بالرغم من كون الدول الأفريقية غنية بمناجم الالماس وتصدر أسماء لبنانية لهذا النوع من التجارة، إلّا أن معظم من يفاوض التجار في لبنان هم وسطاء هنود”.
أما عن التصدير فلفت بوغوص الى أن “معظم انتاج لبنان، تقريباً بين 80% و85%، يصدّر الى دول الخليج وكل الدول العربية واوروبا وبعض منه الى الولايات المتحدة”. وفي ما يخصّ السوق المحلية، قال إن المغتربين والخليجيين هم من يتبضعون من السوق اللبنانية”، مضيفاً أن “شراء اللبنانيين المقيمين للألماس ضئيل جداً”.
الألماس المصنّع يكتسح السوق اللبنانية
لعلّ الألماس الطبيعي، ونظراً لارتفاع سعر القيراط منه، لم يجد له سبيلاً في السوق اللبنانية في ظلّ الأزمات، لكن نوعاً آخر شبيهاً له شق طريقه بقوّة الى الساحة المحلّية وازدهر جداً في الفترة الأخيرة محدثاً تغييراً في سوق المجوهرات.. إنّه الألماس المصنّع.
خبير مجوهرات وألماس مصنّع، فضّل عدم ذكر اسمه، أوضح لـ”لبنان 24″ أن هذا النوع من الألماس يُباع بسعر 10% من كلفة الألماس الطبيعي”. هذا ما يجعله في متناول الجميع، بحسب قوله.
واكّد الخبير أن “الالماس المصنّع أو المخبري يمتلك ميزات الألماس الطبيعي مع شهادة منشأ”، مشيراً الى أن “الأجهزة المخصصة بكشف الألماس تعطي إشارة ايجابية لدى معاينة الاحجار الطبيعية والمصنّعة لكنها لا تلتقط أحجار الزجاج”؛ الأمر الذي نفته مصادر “لبنان 24” مشددة على أن هناك آلة يمكنها كشف الألماس المصنّع في الطبيعي لكنّها غير متوفّرة في لبنان أو متوفرة لدى المتاجر الكبرى فقط.
وأكد أن أسعار قطع الألماس المصنّع تختلف بحسب كبر الحجر ونوعيّته، لافتاً أنه أصبح بإمكان الأفراد شراء وتصميم القطع الألماسية التي يحلمون بارتدائها بكلفة أقل من تلك المتوجبة في حال طلب الألماس الطبيعي”.
هل يُنصح بالاستثمار بالألماس في الأزمات؟
لا يريد معظم اللبنانيين الاستثمار في الألماس في ظلّ ما يشهده البلد من صعوبات، فهذه الحجارة الثمينة تخسر نحو 40% من قيمتها فور شرائها من المتجر. غير أن مصادر مطلعة على سوق المجوهرات والألماس أكدت لـ”لبنان 24″ أن الألماس يتمتع أيضاً بقدرة قوية على الاحتفاظ بقيمته.
واوضحت المصادر أن “سعر الألماس يحدّد عالمياً بناء على أربعة عناصر هي النقاء، الوزن، القطع واللون”، مشيرة الى أنه “كلما زاد نقاء حجر الألماس وقلت شوائبه، ارتفعت قيمته وارتفع ثمنه”.
وعن الاعتقاد السائد بان قيمة الألماس تنخفض بعد الشراء، لفتت المصادر عينها الى أن أسعار الألماس محددة عالمياً بقائمة ال”رابابورت”، The Rapaport Price List وهي المعيار الدولي الذي يستخدمه التجار لتحديد أسعار الماس في كل الأسواق الرئيسية، وأنها تتأثّر بـ”النقاوة واللون والحكة”، موضحة أن “هذا ينطبق على الحجارة الكريمة الحائزة على شهادتي الـ”GIA” والـ”HRD” العالميتين لضمان الدقة وحماية العملاء من اي عملية غشّ”.
هذه الألماسات غير المصنّعة والتي لم تدخل في أي عملية تصنيع للمجوهرات، تحافظ على سعرها المحدد في “الرابابور”، بحسب المصادر. أمّا تلك التي تصنّع تخسر من قيمتها بعد شرائها، لأن السعر أو كلفة القطعة الألماسية يأخذ التصميم بعين الاعتبار كما المعادن النفيسة التي دخلت في عملية الانتاج والتصنيع.
لبنان 24