كتب الخبير في الشؤون الإيرانية الدكتور ”محمد شمص”تحول استشهاد السيد حسن نصر الله إلى حرارة في قلوب المجاهدين يشعل ثورةً وبركاناً لمزيد من الصمود والمقاومة وتحقيق الإنتصارات
أكد الإمام السيد علي الخامنئي (حفظه الله) في مراسم تأبين الأمين العام لحزب الله الشهيد القائد السيد حسن نصرالله والشهيد العميد في حرس الثورة الإسلامية «عباس نيلفروشان» ومن رافقهما من الشهداء في خطابه على أحقية الشعبين الفلسطيني واللبناني في الدفاع عن أرضهما واعتبر أن العدو الجبان الخبيث عندما فشل في توجيه ضربة مؤثرة للبنية المتماسكة لحزب الله والمقاومة لجأ إلى سياسة الإغتيالات والتدمير، معلناً أن الرد الإيراني على العدو الصهيوني كان قانونياً ومشروعاً، وكان بارزاً ما قاله عن سماحة السيد حسن نصر الله بأنه أخي ومحبوبي ودرة لبنان الساطعة، منوهاً إلى أنه كان طوال 30 عامًا على رأس مسيرة شاقة من الكفاح، وبتدبير السيد نما حزب الله مرحلة بمرحلة بصبر وتحمّل وأبرز قوته أمام عدوه. وقد صُنّف هذا الخطاب بأنه تاريخي لأنه جاء لتأكيد الموقف بعد الضربة التاريخية على الكيان الغاصب نصرة لفلسطين، والتي قال عنها القائد إنها واجب بالدرجة الأولى، وشرعية وقانونية، وخدمة للمنطقة بأجمعها ولكل الإنسانية. كما جاءت لتؤكد أن استشهاد رجل مثل السيد نصرالله من أجل فلسطين هو حدث تاريخي، ذلك أنه في التاريخ الحديث لم يحصل أن توحدت الساحات لدى الأمة كما اليوم، حيث اختلطت الدماء سيلًا لتكسر الحدود المصطنعة بين الدول العربية والإسلامية، من أجل القضية العربية والإسلامية الأولى. وفي هذا السياق وفي قراءة لخطاب الإمام السيد علي الخامنئي (حفظه الله)حاورت صحيفة الوفاق مدير موقع الخنادق والدكتور في الجامعة اللبنانية محمد شمص، وفيما يلي نصّه:
*اغتيال قادة المقاومة لم يضعف المقاومة بل زادها قوةً وبأساً*
اغتيال سماحة السيد الشهيد القائد حسن نصرالله لا شك أنه خسارة كبيرة للبنان ولمحور المقاومة والأمتين العربية والإسلامية، وفق الخبير في الشؤون الإيرانية الدكتور محمد شمص إذ يعتبر أنه:” لا يعد هذا الأمر إنجازاً للعدو الصهيوني لأن الإغتيالات لم تضعف ولا مرة حركات المقاومة، استشهد السيد عباس الموسوي والقائد عماد مغنية والشهداء الشيخ أحمد ياسين ويحيى عياش وغيرهم من القياديين في حركات المقاومة، لكن المقاومة اشتد عودها وأصبحت أقوى من السابق، وكذلك في بدايات الثورة الإسلامية استشهد كبار قادة الثورة الشهيد بهشتي والشهيد باهنر والشهيد رجائي لكن الثورة الإسلامية استمرت وأصبحت أقوى، لهذا لا يُعد تكتيك الاحتلال الصهيوني باغتيال قيادات في المقاومة السياسية والعسكرية إنجازاً له ولن يؤثر في مسار حركة المقاومة، كما أن حزب الله لديه قدرة مرنة على إدارة شؤونه وبنيته العسكرية القوية وقد استطاع ملء الفراغات بشكلٍ سريع ومناسب وهذا الأمر يتجلى في الميدان وفي المواجهة العسكرية الدائرة اليوم على الحدود وفي كافة الجبهات، وهذا ما أثبتته المواجهات في الأيام الثلاثة الماضية منذ بدء جيش الاحتلال إعلان نيته اجتياح لبنان او غزوه أو توغله برياً مهما كانت التسمية، فمن الواضح أن المقاومة أثبتت تفوقها في الميدان العسكري في مواجهة التفوق العسكري الجوي الصهيوني الحربي، فها هو العدو الصهيوني عاجزٌ منذ ثلاثة أيام عن الدخول ولو لأمتار إلى داخل الأراضي اللبنانية وهو الآن يفكر بتوسيع العملية العسكرية البرية في أكثر من جبهة وأكثر من مكان علّه يستطيع أن يحقق خرقاً لدخول الأراضي اللبنانية، هذا أولاً يدل على أن البنية العسكرية للمقاومة لم تتأثر، بعد عدوان البايجر واستهداف قياديين عسكريين وبعد اغتيال سماحة السيد حسن نصرالله وهو دليل عن القيادة الحكيمة والسيطرة والإرادة القوية، كذلك دليل على أن القدرة القتالية والقدرات العسكرية والقتالية للمقاومة لم تُمس رغم القصف الصهيوني المستمر منذ أيام ، مخازن الأسلحة والمنشآت العسكرية وراجمات الصواريخ كما يدعي، والواقع يثبت كذبه فما تزال القدرة كبيرة وغالبية قدرات حزب الله كما هي لم تتضرر كما قال الشيخ نعيم قاسم بل ارتفعت القدرة القتالية للمقاومين لا سيّما بعد اغتيال السيد نصر الله إذ أضيف عامل جديد وهو الثأر لدماء السيد نصرالله فضلا ًعن الروح القتالية والروح المعنوية المرتفعة لدى المقاتلين الذين تدربوا سنوات على مثل هذه اللحظة للالتحام المباشر مع جيش الاحتلال واكتسبوا خبرات كبيرة عبر المعارك التي خاضوها حتى أن جنود الاحتلال يقولون أننا نقاتل أشباحاً في جنوب لبنان”.
*شهادة السيد حسن نصرالله أشعلت الثورة في قلوب المجاهدين*
يؤكد الدكتور شمص بأن: “استشهاد السيد حسن نصرالله قائد المقاومة لا شك أن له تأثيراته على المنطقة وليس فقط على الحزب، في البداية كان له تأثير معنوي كبير على بيئة المقاومة ولكن هذا الفقد تحول إلى حرارة في قلوب المجاهدين يشعل ثورةً وبركاناً لمزيد من الصمود والمقاومة وتحقيق الإنتصارات، ثانياً هناك اليوم رغبة عند المقاومة وجمهورها بالإستمرار بهذا النهج وبتنفيذ وصايا السيد نصرالله وتوجيهاته فهذا ترك أثراً إيجابياً من جهة لكنه خسارة كبيرة من جهة ثانية، وهو كان يتمنى أن يموت شهيداً لا أن يموت على فراشه، بطبيعة الحال شهادة السيد نصر الله خلطت الأوراق للعدو الصهيوني الذي قام بعملية تصعيد كبيرة عبر الاغتيالات، يقابلها تصعيد كبير لمحور المقاومة على مستوى الجبهات كلها لبنان وسوريا والعراق والجمهورية الإسلامية التي دخلت على خط المواجهة المباشرة مع العدو الصهيوني عبر الهجوم الصاروخي التاريخي المدمر غير المسبوق لضرب تل أبيب والقواعد العسكرية في مناطق مختلفة في الكيان الصهيوني”.
اعتبر الدكتور شمص بأن خطاب الإمام السيد علي الخامنئي(حفظه الله) كان مهماً وحساساً في لحظة حساسة واستراتيجية تمر فيها المنطقة ودول محور المقاومة، وأكد سماحته على مجموعة نقاط مهمة على رأسها أن إيران لن تتخلى عن حزب الله وعن المقاومة،على عكس كل الشائعات التي أثيرت وتُثار عبر الجيوش الإلكترونية العربية والصهيونية والأوروبية التي تدعي بأن إيران تخلت عن حزب الله أو تخلت عن الشهيد السيد نصرالله، أكدت ايران مجدداً أنها داعم لحزب الله وأن حزب الله وحماس لا يمكن هزيمتهما، فضلاً عن وصفه سماحة السيد نصرالله في مراسم التأبين بأنه أخي وعزيزي ومفخرتي وأنه درة لبنان، ومحبوبيته تجاوزت الحدود إلى المنطقة والدول العربية والإسلامية، وأكد على أحقية قضية المقاومة وأننا في جبهة الحق ضد جبهة الباطل وأن طوفان الاقصى كانت عملية ضرورية وشرعية وأن دفاع اللبنانيين عن غزة دفاع مشروع وضروري وطلب من اللبنانيين بعدم الاستماع لكل الإنتقادات التي تقول لماذا تساعدون غزة ، هذا الموقف صاحبه كلام حاسم للإمام السيد علي الخامنئي (حفظه الله) بأن إيران سترد على أي عدوان صهيوني لكنها لن تتسرع وفي نفس الوقت لن تتأخر في الرد.”
*المقاومة أعادت العدو الصهيوني 70 سنة الى الوراء*
يلفت الدكتور شمص إلى تأكيد السيد القائد على أن المقاومة اللبنانية والفلسطينية أرجعت العدو الصهيوني 70 سنة الى الوراء، فكان العدو الصهيوني يشرع دائماً بشن عملياته العدوانية على البلاد العربية، وكانت جميع هذه العمليات العسكرية تجري خارج الكيان، ولكن لأول مرة اختلف الوضع في هذه المعركة وانتقلت المعركة ومجرياتها على الارض المغتصبة وطفق العدو الصهيوني يتلقى الصواريخ والهجمات من عدة جبهات فيما يشبه طوق من النار، فضلاً عن جبهة داخلية مفككة في داخل هذا الكيان المؤقت، وبالتالي تغيرت المعادلات وأضحى العدو الصهيوني يتلقى الضربات الموجعة والمؤلمة، وهو يحاول التعويض عن انهزامه هذا بقصف المدنيين وتدمير البنى التحتية في لبنان وفلسطين”.
*اللعب مع ايران بالنار غير مسموح*
يعتقد الدكتور شمص بأن الهجوم الصاروخي الإيراني رداً على اغتيال السيد نصرالله والشهيد إسماعيل هنية وانتهاك السيادة الإيرانية والشهيد نيلوفروشان وشهداء غزة ، كان له ارتدادات استثنائية على مستوى المنطقة والعالم، وأثبت للعالم كله عملياً أن إيران قادرة على اخضاع العدو الصهيوني الذي ظهر أمام الراي العام أنه ضعيف غير قادر يلتمس الدعم الأمريكي والغربي لمواجهة إيران وأنه غير قادر وحده على مواجهة الجمهورية الإسلامية، لا شك أن هذه العملية كانت رادعة بنسبة كبيرة واصبح الصهيوني يفكر ألف مرة قبل ان يعتدي على ايران وبالتالي نحن اليوم أمام تصعيد صهيوني وقد تم لجم نتنياهو بنسبة عالية لكن نتنياهو يشبه القادة النازيين عبر التاريخ هتلر وغيرهم قد يفعل اي شيء، لكن حرس الثورة الإسلامية والجيش الإيراني جاهزان لتلقينه درساً آخر، أما عن التأثير الجيوستراتيجي للرد الإيراني فقد اظهر ان ايران دولة اقليمية لديها اليد الطولى لا تخضع ولا تركع ولا تستسلم وهي رسالة للامريكيين بأنه عليكم ان تلجموا هذا الكلب المسعور الصهيوني وأن تفهموا بأن اللعب في النار مع ايران غير مسموح وايران مستعدة لكل السيناريوهات بما فيها الحرب الشاملة”.
طوفان الأقصى أصابت العدو الصهيوني بمقتل
لا شك أن عملية “طوفان الأقصى” والتي تحل ذكراها الاولى بعد عدة أيام كانت مؤلمة للاحتلال وكانت تداعياتها كبيرة وسيبقى يتردد صداها في الداخل الصهيوني تاركاً أثراً كبيراً وفاعلاً في تفكيك البنية الاجتماعية في هذا الكيان وكذلك الحال الخلافات السياسية والأزمة الاقتصادية التي يعاني منها الكيان الصهيوني حالياً. يعتبرها الدكتور شمص بأنها كانت عملية ناجحة موفقة أصابت العدو الصهيوني بمقتل حيث انهارت العقيدة الأمنية الصهيونية التي تقوم على أساس الإنذار المبكر ثم التدخل والحسم لحماية المستوطنين، لكن هذه العملية ضربت هذه الأسس، فلم يتوفر الإنذار المبكر ولا التدخل السريع ولا توفرت حماية المستوطنين ولا تحققت عودة الأمن والاستقرار في غلاف غزة”.
ويختم الدكتور شمص حديثه بالقول :” لقد كانت عملية “طوفان الأقصى” ضرورية لإخراج القضية الفلسطينية من سباتها بعد أن تم التعتيم عليها وكادت أن تُنسى فتم إحياؤها من جديد خاصةً في ظل عمليه التطبيع واتفاقيات آبراهام التي كانت تنطلق بسرعة في المنطقة، ومن نتائجها خروج شعب غزة من السجن الكبير الذي فرض عليهم عبر الحصار المفروض على القطاع، وبطبيعة الحال العملية كانت ردة فعل طبيعية على 76 سنة من القهر والاحتلال لفلسطين المحتلة”.