توفي يوم السبت 9-1- 2021 المؤرخ المقدسي الأستاذ “فهمي الأنصاري” عن عمر يناهز “80 عاما” ملوحاً في آخر وصية له ( ديروا بالكم على الكتب ).
ولد الأنصاري في بلدة رأس العامود جنوب المسجد الأقصى، وهو رجل وهب نفسه لخدمة الكتاب الذي آمن بأنّه حامل الفكر وناقل المعرفة، وظل وفيّا لفكرته طوال عمره .
وهو لشدّة عشقه للكتاب أرسل ابنه ليدرس (ترميم مخطوطات)، إضافة إلى خدمته لطلبة الدراسات العليا والباحثين بتوفيره الكتاب المطلوب والمكان الهادئ.
وكانت نواة مكتبة الأنصاري آلاف الكتب جمعها في بيته ومؤسسة إحياء التراث، ثم نقلها إلى مقر جريدة الفجر بالقدس التي أغلقت عام 1993، حيث طُلب منه حينها أن يُحافظ على إرثها ومنشوراتها، ليصبح تحت عهدته أيضا بعدها مؤسسة جمعية الدراسات العربية (بيت الشرق) منشوراتها أيضا.
أصبح الأنصاري أمينا لمكتبته يزودها بالدوريات والمخطوطات والدراسات والموسوعات، حتى أصبحت ملتقى الباحثين واستقبلت طلبة الجامعات والمثقفين، حيث كان الباحث المهتم يجد لديه ما لا يجده في المكتبات الأخرى.
لكن عز مكتبة الأنصاري لم يدم طويلا، فطالتها يد الاحتلال “الإسرائيلي” المخربة، وأغلقت أبوابها في وجوه مرتاديها مجبرة وتفرغ من محتوياتها في عام 2014، بسبب تراكم ديون “الأرنونا” على المكتبة لـ”750 ألف دولار”، ومطالبة بلدية الاحتلال الأنصاري دفع هذه الأموال رغم أنه كان مجرد أمين للمكتبة وليس مالكا لها.
وقد تحمل الأنصاري ضرائب الاحتلال ” الأرنونا” التعجيزية المفروضة من بلدية الاحتلال “الاسرائيلية”، ورفض بيع مكتبته للجامعات الإسرائيلية لأنه رأى فيها روحا وتاريخا للقدس، لذا أبى أن يمتلكها غير أبنائها، لكنه مؤخرا غلبه الدين والإهمال فأغلق المكتبة لأنه اضطر لمغادرة المكان الذي صار معرضا تجاريا وانزوى حزينا.
وتوزعت كتب المكتبة في غرفة نومه ومعيشته داخل بيته الصغير، ونقل ما تبقى الى غرفة مهملة داخل صناديق كرتونية ببلدة العيساوية في مدينة القدس المحتلة.
ويشير عارفون أن له خدمات جليلة في التربية والتعليم لأكثر من ستين عاما وقد تتلمذ على يديه آلاف الطلاب وقد أسس مكتبة الأنصاري الشهيرة في القدس لوحده وبأقل دعم من أي جهة رسمية وقد جمع في مكتبته اكثر من 50000 كتاب ومجلة بجهد ذاتي وكانت مكتبته مفتوحة لكل مراجع وباحث وطالب ولم يبخل باي معلومة واي جواب او استفسار.
وكانت مكتبته صالون ثقافي يجتمع فيهاالكاتب والشاعر والصحفي والاديب والطالب ينهلون من المعرفة والثقافة والأدب
ويذكر أن الأنصاري من أبرز الباحثين والمؤرخين في مدينة القدس المحتلة، وهو من القلائل الذين اعتنوا بالماضي والحاضر، وحفظت ذاكرتهم أوقاف المدينة وتاريخ عائلاتها وأنسابها.
وقد نعت وزارة الثقافة الفلسطينية الأنصاري بعد أن أفنى عمره خدمة للثقافة الفلسطينية ودفاعا عن الهوية العربية الفلسطينية في القدس.
وأشار وزير الثقافة الفلسطيني عاطف أبو سيف إلى أن رحيل الأنصاري خسارة كبيرة للثقافة الفلسطينية، وأن الدروس المستلهمة من مقاومته لأجل مكتبته في القدس ستكون معينا في معركة الدفاع عن عاصمة الآباء والأجداد.
إعداد : محمد عزوز
عن ( صحف ومواقع )