هل تعرفون موقع ويكيبيديا “الموسوعة الحرة” WIKIPEDIA إنه أشهر موقع على مستوى العالم، يقدم خدماته بكل ما له علاقة بحياتنا الإنسانية، ومكتشفاتنا، وتاريخنا، والجغرافية، وكل شيء.. بقدر عالٍ من الدقة، ولكنه هذا الموقع المشهور عالمياً لم يقدم ما قدمته النشرة الرئيسية لقناة العربية التي تبث من المملكة العربية السعودية، بالنشرة المسائية بتاريخ 26 أذار/مارس من العام 2011، أي قبل أشهر قليلة من انطلاق ما يسمى “الثورة السورية”، وأرفقت هذا التقرير المصور، بتقرير نقله موقع العربية.نت بنفس التاريخ وعنوانه: “التوزع الطائفي بسوريا.. أقلية علوية تحكم أكثرية سُنيّة”. تحدثت القناة بشكل مقتضب ودقيق جداً، وجاء في السطور من بداية السطر الثالث عشر وحتى نهاية السطر السادس عشر الكلام كما يلي: وعلى وجه التقريب، وبحسب الأرقام المتوافرة، فإن سوريا التي يقطنها نحو 20 مليون نسمة، فيها: 70% من السّنة (العرب)، 8 إلى 9% من العلويين (العرب)، 8% من السنة (الأكراد)، 8% من المسيحيين (العرب الأرثوذكس في الدرجة الأولى)، 2 إلى 3% من الدروز (العرب)، 1% من الشيعة (العرب وسواهم)، أقل من 1% من السنة (الشركس)، أقل من 1% من أقليات أخرى كاليزيدية والإسماعيلية، ومنها عدة آلاف من اليهود.
إذاً العنوان وأعيده عليكم: “التوزع الطائفي بسوريا.. أقلية علوية تحكم أكثرية سُنيّة”. بكل النص الذي أعدته مراراً وتكراراً لم أرى بداً، أو داعي إلى هذه التسمية إلا شيء واحد فقط: إيقاظ الشعور الطائفي.. وهذا أمر بات من الواضح أنه مخطط له بدقة بالغة، حتى تشير هذه القناة إلى هذا العنوان بهذا الشكل، قبل شهرين أو ثلاثة من بداية الأزمة في سوريا، مما يثبت بالدليل القاطع تورط المحطة مع أجهزة مخابرات معنية، هيأت لهذه الأزمة. ننتقل الآن إلى درس الرياضيات: سأوافق على كل ما قالته قناة العربية المتورطة مع أجهزة مخابرات، واعتبر أن كل ما قالته ونقلته إلينا دقيقاً. عشرين مليون نسمة سكان سوريا، وبجمع بسيط للسنة العرب وغير العرب ودائماً بحسب التقرير يكون لدينا: 79% سنة، أي: خمسة عشر مليون وثمان مئة ألف نسمة، ليكون الباقي.
وأيضاً بحسب التقرير: أربعة ملايين ومئتي ألف نسمة وهو ما يقدر بـ 11% من التعداد السكاني لسوريا من باقي الطوائف. طيّب، في الآونة الأخيرة بات الكلام بشكل فاضح، ومطلب يومي من قبل الثوار بأنه على المجتمع الدولي حماية الأكثرية السنية من الأقلية العلوية.. وأنهم يذبحون أهل الطائفة السُنية، وأنهم وأنهم.. أيضاً طيّب، الطائفة العلوية تشكل 8% من أصل العشرين مليون نسمة، أي ما تعداده: مليون وستمائة ألف نسمة، وأفترض أن باقي الأقليات مقسمة ما بين هذا وذاك، وبالاختصار، حسب الرياضيات، نختصر هذا من ذاك ليبقى الصافي لدينا هو: خمسة عشر مليون وثمان مئة ألف نسمة مقال مليون وستمائة ألف نسمة.
وأفترض أن 10% من الشعب السوري قادر على حمل السلاح، أو أي نسبة تريدون، لا بأس، ولكن منطقياً سأفترض هذا المعيار.. أي من الطائفة السنية سيكون لدينا: مليون وخمسمائة وثمانون ألفاً ممن هم قادرين على حمل السلاح، ومن الطائفة العلوية سيكون لدينا: مئة وستون ألفاً ممن هم قادرين على حمل السلاح.
وللمعلوم أنه كلما زادت النسبة، زاد التناسب.. أنتهى درس الرياضيات.. هذا هو الشرح البسيط التي تريد أن تقوله لنا قناة العربية، في دعوة تامة، وكاملة، لا يشوبها شائبة، أن القيادة في سوريا لا يمكنها الصمود لأكثر من شهرين، وهذا ما أورده أول تقرير في بداية الأزمة.. ومنطقياً لو هذه الحسبة صحت، لكانت سوريا سقطت حتى قبل هذا الوقت الذي افترضوه.. إن هذا التقرير وتقارير غيره دعوة فاضحة، واضحة، من أجل التجييش الطائفي اللعين..
الاستنتاجات:
إنّ من بدأ لغة الطائفية ومن يستمر بها حتى اللحظة، ليست القيادة في سوريا، وإنما أجهزة المخابرات التي روجت لهذه اللهجة عن طريق أجهزتها الإعلامية، وعملائها على الأرض السورية الذين لا تجدهم إلا على الشاشات، وهم يحملون السلاح، لا أفهم كيف لهم الوقت الكافي للظهور على القنوات العهرية، وبنفس الوقت قتال الجيش الذي يطوقهم من كل حدب وصوب!! ناهيك عن جهاد النكاح، الذي يحتاج أيضاً أوقاتاً طويلة، على ما اعتقد.
إن تقريري الحسابي هذا، يجب أن يستخدم في وجه كل شخص يقول أن الطائفة العلوية هي من تقاتل على الأرض، لأنه لا يمكن لمئة وستين ألفاً أن يقاتلوا على مساحة سوريا التي تقدر بـ مئة وستة وثمانون ألف كليو متر، حتى لو لم يستشهد أي شخص منهم، أمام ما يقارب مليون ونصف المليون ممن هم قادرون على حمل السلاح من أهل السنة، إذاً بكل بساطة، إن معادلة الطائفية في هذه الحرب ساقطة لا محال، ولا يمكن لأي محلل سياسي، أو خبير إعلامي، أو همجي، أو أمُّي، إلا من استغبى من يتابعه أن يستمر بهذه المعادلة، ولا أفهم كيف قَبِل الشعب السوري من ممن يدعون الولاء للمعارضة، أن يستغبيهم الإعلام ومن ورائه أجهزة المخابرات بهذا الشكل، وهذه الكييفية السخيفة جداً، والتي من المستحيل أن تكون منطقية..
أنا هنا لا أنافي منطق هذه المحطة “العربية.نت” ولكن استدعي وبالحال العقول الحاضرة، حتى تكتشف أي مؤامرة تحاك، وأن الجيش ليس من طائفة واحدة، وأن الشعب بغالبيته مع جيش بلاده، وأنه من الحمق، وبالغ الحمق، أن نستمر بالاستماع إلى زبانية العهر، وبهذه الكيفية، ونحن الذين نقول عن أنفسنا أننا مثقفين، ونفهم.. ونحن بنظرهم قطعان، سخرونا من أجل الموت.. أنا ما قلت شيئاً، إنها الرياضيات، ومحطة العربية.
ألا بلغت؟ اللهم فاشهد.
لموقع القلم: عيد كوسى