لا استطيع أن أقول لعينيك ما قاله الشتاء هذا العام
لا املك ما لديه من مفردات ومن بوح
رغم أن العواصف تجتاحني والرياح تنوء بي
لكن لا املك أن أقول لك ما قاله الشتاء
ولا أن اجمع لسلطة حضورك في الكون
ضرائب المواسم المتتالية بيننا
وجزية الأرواح الغريبة التي شاركتنا مساحات انتمائنا
لا تستطيعين أن تكوني أكثر مما كنت
الحياة تقتبس منك أشياء قديمة لتعيدها إليك
تقتبس ما فيك من وردة تصر على البقاء
وتتركك امام مصير الذبول
******
تتجمع في لحظات حادة
تعتصر كيانك إلى أنفاس متلاحقة وغصَّات منفلتة من عقال الاحتمال
وترسلك إلى النهاية حيث تقطفين ثمار كل ما حصل
وتنتعلين غبار الأرصفة التي مررت بها
بعد أن أصبحت حافية الروح من الأحلام القديمة
تكاد تلك الروح تتشقق من وطأة التحفي والعري أمام الأرصفة
ليتك تعودين كما كنت فالعالم ينتظر عودتك
وكثير من النفوس الجائعة إلى خلاص الدفء
تنتظر لقاء عودتك وخروجك من سرداب الشحوب
ليتك تعودين فالعالم عاش نهايات عديدة في انتظارك
والزمن الأغبر بيننا تنتابه حاجة الإشراق والتورد من جديد
فعودي
******
ليتك تعلمين كم نمت
وكم أغراني النوم لان حلمك راودني
وحين أفقت لم أجدك
كنت صورة في ذاكرة مبعثرة بعيدة
كنت حالما يحترق بنيران الاغتراب
هكذا تركتني ورحلت غير آبهة بانتظاري الطويل
تركتني معلقا بين حافتي صورة وعالم يرفض الاعتراف بك
كالجسر المحفوف برغبة الانتقال بين ضفتين
لكن لا يستطيع
تركتني هاربا من ذاتي إلى ذاتي المتجمعة فيك
وأيقظتي لديَّ الإحساس القديم باني رحَّال لا وطن يحتويه
******
وحين خرجت من التابوت لألقي نظرة على العالم
قبل أن أعود إلى نومتي الأبدية
راعني المشهد فوجئت أن الشمس مشرقة
والعالم مليء بالضحكات
لكن في منامي الأخير اذكر
أن كل شيء من ذلك تلاشى
بعد رحيلك توقفت الحياة عن الابتسام
بدءا من الشمس وانتهاءا بما عداها
راعني المشهد وأشرقت كسائر الأشياء
ولم املك أن أعود إلى احتضاري
كنت قريبة ولم املك أن ابتعد عن ضحكتك
المتيبسة في عروقي وفي كل العروق
******
لكن في غمرة كل هذا استطعت أن أفسِّر حضورك
ببعض أضواء ألقاها القمر على صفحة الماء
وكما ينعكس الضوء على صفحة الماء ويعيد خلق العالم
كذلك تفعلين وتعكسين إحساسا داخليا بالخروج من تيه قديم
إحساس كأحد الأضواء السارحة على ماء مرتعش
يشعرني بان العالم ينفرج
وان القدر الوليد يخرج من بين ساقي عذاباتي
وان لحظة الانتظار الطويلة شارفت على النهاية
وان كل ما علي أن أتنفس بعمق واكف عن الحراك