-يا أهلي في حوران العزّة والكرامة، يا أهلي في هذا الجنوب الصامد البهيّ النقيّ، اسمحوا لي أن أصارحكم، بما لن يستطيع أحدٌ أن يصارحكم به، وأن أناشدكم، وقد ناشدتكم قبلاً، وبعضكم أصغى وآخر لم يصغِ!!..
-أيّها الأحبة..
لم يكن لنا فيها ناقةٌ ولا جملٌ سابقاً، ولن يكون لنا فيها اليوم أيضاً، لم يكن ترابنا الطاهر إلا مسرح أحداث، وكان المطلوب أن يكون هناك وقودٌ لهذا المسرح وتلك الأحداث، فكان منّا وفينا من وقع فيها، وصار وقوداً وحطباً لها..
-قلتُ لكم هذا الكلام سابقاً، وأعدته على مسامعكم أكثر من مرّة، وها أنا اليوم أعيده عليكم، ولن أتعب أو أيأس، طالما أنّ المُراد إنقاذكم، ولفت انتباهكم، وطالما أنّ ما نبتغيه، هو حقْنٌ لدمائنا العزيزة والغاليّة..
-يا أهلي وعزوتي وعشيرتي، إنّ الكثيرين منكم أدركوا بعد حينٍ، ما كنّا نصرّ عليه منذ اللحظات الأولى للعدوان علينا، واقتنعوا أنّ اللعبة كانت أكبر منّا، وأنّنا كنّا مسرحاً للقتل والفوضى، كي يتمكّن آخرون من المضيّ على دمائنا وجراحنا وعذاباتنا وتشريدنا وتهجيرنا ودمار بيوتنا، كي يتمكّنوا من الوصول إلى أهدافهم وأطماعهم، ويعيدوا احتلال المنطقة، ويلحقونا بالعراق الجريح..
-شاءت الأقدار أن تبقى بلادنا موحّدة وواحدة، وشاءت الأقدار أن تفشل مشاريعهم باحتلالنا والسيطرة على مقاديرنا، لكنّ مناطقنا، ونعني بها جزء من حوران، ما زالت في مهبّ الفوضى، ولم تخرج منها حتّى اليوم، وهي في الحقيقة مناطق غالية وعزيزة علينا، ما زالت مستباحة تماماً، من قبل أجهزة استخبارات إقليميّة ودوليّة، تعتقد هذه الأجهزة أنّها قادرة على الحفاظ على هذه الفوضى، في تلك المناطق، أملاً في الوصول إلى بعض أهدافها..
-أيّها الأحبة..
هذه الأجهزة لا يمكن لها أن تفرض فوضاها، إلّا من خلال أدواتٍ لها في الميدان، وهذه الأدوات بالضرورة سوف تكون من أبناء المنطقة، تماماً كما كان هناك أفرادٌ جاهزين للعب هذا الدور في المرحلة الأولى، فإنّ أفراداً جاهزون اليوم ليلعبوا هذا الدور، في هذه المرحلة، وهم يلعبون هذا الدور اليوم، بدوافع عديدة، منها جهل البعض بطبيعة المرحلة والدور الذي يقومون به، ومنها عمالة البعض الآخر، وضعفه أمام ما يُدفع له من قبل هذه الأجهزة..
-أيّها الغوالي..
إنّ مطحنة القتل، التي تدور على رقابنا، ورقاب أبنائنا، لن يكون لها نهاية، إلّا عندما تُنهي هذه الأجهزة معركتها، تماماً مثلما حصل في المرحلة الأولى، تذكّروا ماذا حصل بنا، عندما دخلت الدولة إلى هذه المناطق، كيف أنّ الأجهزة التي كانت تمدّ هؤلاء الأفراد بالمال والسلاح، قد تخلّت عنهم، وكيف هرب الكثيرون منهم باتجاه الحدود الاردنيّة، تذكّروا كيف أُغلِقتْ هذه الحدود في وجوههم!!..
-يا أهلي النشامى والغيارى، ليس لنا مصلحة بهذه الفوضى، وهذا القتل والذبح، ولن يرتدّ علينا إلّا بمزيدٍ من الدماء التي ستذهب رخيصةً، كما ذهبت دماءٌ لنا رخيصة في مراحل سابقة!!..
-ناشدتكم بالله، وبرسوله وصحابته وأهل بيته الطاهرين، ناشدتكم بأمواتنا وأرواحهم النبيلة، ناشدتكم بالصغار قبل الكبار، ناشدتكم بكلّ ما هو جميل وعزيز وغالٍ علينا، أن تفهموا عليّ، وأن تحمّلوني تبعاتها ومسؤوليتها، فيما لو انتبهنا وخرجنا من مطحنة هذه الفوضى..
-يا أهلي الأمجاد، أخوة الشمس، وأعمدة الكبرياء، يا جذور السنديان، أيّها المغروسون في روح قمح بيادرنا، اخرجوا منها، فهي مهلكةٌ لنا ولأولادنا وأحفادنا، وهي مقبرة من غير أهداف، لن يراها بعضنا كما هي، ولا يريد آخرون أن يروها، ولكن علينا بكلّ ما أوتينا من نباهة وكرامة ونُبلٍ، أن نحسبها جيّداً، ونقرأها جيّداً، حتّى ولو أنّ بعض أبنائنا لا يدركون ذلك..
-انظروا حولكم جيّداً، واقرؤوا المتغيرات جيّداً، وانتبهوا كيف تبدّلت الوجوه، وكيف توزّعت الأدوار من جديد، فأين من كانوا يملؤون الشاشات، أين من كانوا يملؤون المنصّات، أين من كانوا يصرخون ويدفعون بنا، إلى مهلكة الفوضى، أين هم الآن، أين ذهبوا، أين غابوا، أين تبخّروا، كيف باعونا، كيف تركونا، كيف؟!!!..
-لا تقبلوا أن يكون بعضنا رصاصة في يد أعداء الدولة، في يد أعداء الجامع الوطنيّ، الجامع الذي صنعناه بدماء الشهداء، وتضحيات الآباء والأجداد، لا تسجّلوا علينا واحدةً تبقى في صحيفتنا، وصحيفتنا صحيفة النشامى والغيارى، الذين دافعوا عن دولتهم وبلادهم، وحموها وسوّروها بأنفاسهم ومآقي عيونهم..
ابنكم #خالد_العبود..