نعمه العبادي- العراق
معظم الاحيان التي انقطع فيها عن رصد وتحليل واقعنا المحلي والاقليمي والدولي سببها عدم وجود آفاق من الانفراجات يمكن ان تبث الفرح في قلوب الناس، لذلك أعزف عن الحديث عن أمور معظمها سيئة، ومع ذلك فإن الاوضاع التي نرصدها في هذا التحليل معظمها مقلقة ومستوجبة للتحذير واتخاذ التدابير، وعليه يتأشر من خلال عدسة رصدنا الآتي:
١- تسير تطورات جائحة كورونا بشكل قفزات مخيفة، ففي الوقت الذي ينتج الفايروس اللعين أجيالا خطيرة منه، تدق المؤسسات الصحية أجراس الخطر لعجزها عن الاستجابة ومواكبة التحديات، وهو أمر لم أجد نقاشا جادا يفترض وقوعه شبه المؤكد، ويتسائل عما ينبغي فعله عند حدوثه، ومع التأكيد على أهمية التدابير التي ترشد لها الجهات المختصة إلا أنني أخشى ان تصل الامور الى وضع لم تعد تلك التدابير مجدية ولا نافعة بما في ذلك التطعيم واخذ اللقاح، وبحسب المؤشرات، فإن العراق من الدول المرشحة للانزلاق تجاه حافة الخطر في ظل الوقائع الحالية.
٢- على الرغم من حالة الانسجام النسبي الظاهري الذي اعقب قمة واشنطن، وخصوصا ما ظهر في بيان الاجتماع الذي عقده السيد الكاظمي مع الرئاسات وزعماء القوى، والذي أظهر ترحيبا من كل المشاركين إلا ان تصريحات السفير الامريكي اللاحقة والمتعلقة بتفاصيل العلاقة الامريكية- العراقية، اعادت هواجس التشكيك وعدم الثقة الى محلها المرتفع، وخلقت جواً تحريضياً بإتجاه تصعيد أكبر، كما، انها ربطت تحسن العلاقات بين البلدين بشبكة معقدة من الاشتراطات التي يدرك الامريكان جيدا انها غير متاحة، وباهضة الكلفة.
٣- ان موجة القلق التي خلقتها حوادث خليج عمان وبحر العرب، ومسلسل الحوادث البحرية، وتصعيد لهجة الصراع بين الاطراف، تدخل ضمن استراتيجية شد الحبل، وقد تم دمج بعض المواقف الاوربية مع التشنج الامريكي والهستيريا الاسرائيلية، ومع انه من المستبعد ان تحدث حرب شاملة او مواجهة عسكرية رسمية مع ايران إلا ان العمل جاري على تجريدها من امكانية سيطرتها وفرض نفوذها على مضيق هرمز والممرات المائية المجاورة، وأحد السيناريوهات المطروحة يتمثل بتشكيل قوة دولية بقرار أممي وهيمنة أمريكية، يشرعن لها سلطة الحماية البحرية في المنطقة، مع الاستمرار بالتضييق على ايران.
٤- مع ان الخلافات في السليمانية شأن داخلي، وتخص بيت الاتحاد إلا ان نظرة شاملة ترى فيها خسارة لتوازن شامل ضمن الوضع في الاقليم وعلاقته مع المركز، والملخص هنا ضرورة وجود سليمانية قوية ومتوافقة نسبيا في جوها السياسي، وهذه النتيجة لصالح الاقليم وعموم العراق.
٥- تفترض الاخلاقيات على مستوى العلاقات الشخصية تأجيل الحديث بالخلافات عند النوائب إلا ان الامر معكوسا في اوضاع الدول، فالمصالح لها لغة خاصة، لذا من المناسب فتح حديث جاد وعملي مع تركيا بشأن ترتيبات المياه والتدخل العسكري وكافة الملفات العالقة، والامر ذاته مع ايران.
٦- وفقاً لما يتأشر من الواقع، فنحن أمام سيناريوهين كلاهما مقلق، الأول قيام الانتخابات بمشاركة منقوصة، وتشكيك مسبق، ونتائج لن تنتج تحولات حقيقية في الخارطة السياسية، والثاني تأجيل او انفراط لعقد الالتزام بالاستحقاق الانتخابي والذي يعني حدوث اهتزازات مقلقة، او الانزياح الى خيارات خطرة، او اعتبار التوافق القائم على سياسية لي الاذرع بديلا عن الانتخابات.
٧- الدفاع عن حقوق الانسان استحقاق يفتخر به كل من لديه احساس انساني وايمان بالعدالة إلا ان موجات الحديث عن الانتهاكات، وتوسيع دائرة النقاش، وتبادل الادوار في وقت محدد، وعبر وسائل عليها علامات استفهام، يثير القلق من الدواعي التي تقف ورائه، وكلما كان الامر مرتبطا بتوظيف الارهاب والجريمة المنظمة ومرتكبيها زاد القلق وتعالت نواقيس الخطر.
٨- لا نزال عاجزين عن انجاز مطوية علاقاتنا الدولية المبنية على اساس مصالحنا الوطنية العليا، الامر الذي يتطلب ان نضع الدول الاهم كأطراف رئيسة في شبكة العلاقات المؤثرة في واقعنا، ونطرح الاسئلة الجادة والشجاعة والشفافة فيما يتعلق بما تريده منا وما نريده منها.
٩- صحيح ان الواقع الصحي والاقتصادي يمر بظروف صعبة ومقلقة إلا ان هناك الكثير من الممكنات المتاحة لانجاز تغيرات حقيقة في واقعنا الخدمي والمعاشي، وهو ما لم يلقى محله الجاد في نقاش وعمل الاطراف ذات العلاقة، فالصراع السياسي له حصة الاسد بل كل الحصص دون حاجات المواطنين، ومع ان مجالس المحافظات كانت حلقة عليها الكثير من الملاحظات إلا اننا بحاجة الى صيغة ما لتثوير نقاشات محلية في الاوضاع الخدمية خصوصا الكهرباء والماء والطرق والمرور والصحة، وكذلك بحاجة الى رأي عام محلي ضاغط بهذا الاتجاه بعيدا عن التسييس والتوظيف المقصود.
١٠- في حالة حصول الانتخابات بناء على شكل التحالفات المعروضة، فإن فرص التطور والاعمار في المحافظات الغربية كبيرة بالقياس الى المحافظات الاخرى، وسيبقى الوسط والجنوب بمعاناته وخدماته المتعبة، بل قد يتراجع الى الوراء وخصوصا في الجنوب.