نفحات القلم –
ا
الفنان والباحث حسين صقور .. رئيس مكتب المعارض والصالات المركزي .. الفينيق
لا إطار لحريته التي هي حق لكل فنان طالما كان يتصف بذاك النبل وبتلك المصداقية والصراحة المحببة وغير المؤذية لأحد فنان جميل وصادق ( ولسان شامي يقطر العسل بشهده ) أجمل ما يميز شخصيته المعطاءة ذاك الفيض الانساني المنبعث من حس شخص يرسم لنفسه غير مبال او مهتم بخزعبلات القيل والقال هو مستمع واثق .. تلخص ذاكرته كل ما يقال ولكنه امام لوحته لا يفعل سوى ما يمليه عليه احساسه الشفاف بالفطرة
وحقيقة ما دفعني للكتابة عن هذا الفنان فهمه الحقيقي لماهية العمل الفني والغاية منه .. ذاك الفهم الذي يقودك وبغير إرادتك كمتلق ومتابع لحركة التشكيل وتطوره في الساحة لتتنقل سريعا وتقف بمواجهة عمله متأملاً
ما بين الحرية والفوضى الحياتية شعرة وهو يحافظ عليها عبر قدرته على تنظيم حياته بالمجمل فيومه موزع ما بين عمله الذي يقتات منه وما بين لوحته التي لا يساوم عليها وعلاقاته الاجتماعية التي هي ضرورة حتمية لا يستطيع الاستغناء عنها محي الدين الحمصي فنان منطلق يحب الحياة ويعيشها بكل تفاصيلها .. في دمشق وضمن جرمانا الغنية بالمحترفات الفنية والمراسم وضمن أحيائها الاكثر شعبية والمتقاربة شكلا لدرجة قد تخونك ذاكرتك للوصول بمفرد ك من المرة الاولى وو… للمكان المقصود
استضافني وتوجهت برفقته لمرسمه الغني بكل ما يحتاجه الفنان من أدوات والذي يغتني اكثر بلوحاته المنجزة عبر خط تصاعدي متصل يميل لاتجاهات أكثر شفافية واكثر نضجاً ووعياً لمفهوم اللوحة كفن مستقل بذاته ولذاته لا علاقة له بأفكار وأدبيات ولا يمكن ترجمته عبر كلمات يميل الفنان محيي الحمصي في أعماله للشفافية الغنية بتراكيب معقدة في أجزاء من لوحته وللبساطة الطفولية عبر المشهد الكلي … يوزع اشكاله ورموزه على السطح مستعينا بالأبيض الجامع لمفرداته والكاشف والحاذف الحيادي والأكثر قدرة على الاحتواء و يتراءى لي ذاك التكنيك الأقرب لزخ وسيل يخلق تلك الروح الأحادية والشفافة في مراحل متقدمة من بعض أعماله لتتبدى تلك الولادة المتكاملة لها وقد يترك بعضاً من أعماله لقيمتها اللحظية مؤكداً على القيمة الأولية لذاك الامتداد الشفاف بمواجهة السطح
فهو عبر خط تجربته ينتقل من ذاك الحس التراكمي وتلك اللوحة المتروكة للتغيرات والمفتوحة للإضافات إلى عمل اكثر تلخيصاً وشفافية تؤكده خطوطه الاولى التي تلخص وتحور بحس طفولي وبفرشاة قادرة على الامتداد الشفاف ليؤكد في لوحاته الأكثر حداثة على القيمة التعبيرية والجمالية لذاك النبض اللحظي للخطوط وليميل لاحقاً باتجاه تكوينات خاصة وساعية للاختلاف و هو مطلب وضرورة تغني العمل وترقى به للأعلى ضمن درجات الهرم الابداعي …
تغتني سطوحه دون الحاجة لأية إدخالات أخرى (الكولاج )
لتبدو تلك البقع الناصعة كما زخ المطر على جسد أشكاله ووجوهه وعلى سطح القمر
تجاربه تتراوح ما بين الأعمال الجدارية الكبيرة والمتوسطة والصغيرة وهذا يعكس تلك الرغبة الدفينة على تأكيد الذات بنفس الوقت الذي تؤكد فيه اسلوبيته العبثية لحد ما أنه يعمل لإرضاء نفسه فقط
وعبر مقارنة بسيطة ما بين قديمه وجديده يمكن أن نلحظ ذاك الخط التصاعدي نحو اتجاهات أكثر خصوصية … فالتقاطعات الكثيرة التي طالما كانت ولازالت تميز الفنانين السوريين الذين يرسمون البورتريه بحس تعبيري وتحوير طفولي والتشابهات ورحلة التأثر والتأثير هي مرحلة سابقة في أعماله بينما يبقى جديده هو الخلاصة التي تخصه وتؤكد قدرته وخصوصيته وليؤكد من خلالها قدرته على نقل تلك الرسالة المعطرة بنفحات الغيث وسط صيف مشتعل