تمثل الأديرة الموجودة في محافظة السويداء التي تعود إلى العصر البيزنطي شاهداً حياً على حضارات موغلة بالقدم تحمل بين جوانبها عبق الماضي ما يستدعي المزيد من الدراسات والأبحاث حولها.
الأديرة وفق رئيس دائرة آثار السويداء الدكتور نشأت كيوان انتشرت في مختلف مناطق السويداء ويزيد المعروف منها على 15 ديراً حيث كان عددها كبيراً قياساً بعدد السكان وذلك ليس لأنهم اختاروا طريق العبادة في حياتهم بل لأن الأديرة احتضنت العديد من الغرباء الذين قدموا إلى الجبل آنذاك.
ومن الأديرة المشهورة في محافظة السويداء كما ذكر كيوان لمراسل سانا دير شقا الواقع في الطرف الشرقي لبلدة شقا والذي بني على أنقاض ثكنة رومانية لم يبق منها سوى برجين من القرن الخامس الميلادي وتؤلف كنيسته الجزء الشمالي للدير ويقع مسكن نزلائه في الجهة الجنوبية مشيراً إلى أن العالم الفرنسي م. دوفوغييه وصفه بأنه أقدم نموذج لعمارة الأديرة في المنطقة.
وبين كيوان أن الواجهة الرئيسة للدير مكونة من باب رئيسي كبير في الوسط وبابين صغيرين جانبيين يتم الدخول إليهما عبر رواق مسقوف متصل إلى حجرة حارس الدير ثم المكتبة وخزائنها ضمن الجدار وباحة داخلية وقاعة اجتماعات كبيرة حيث يحتوي الطابق الأرضي الكنيسة وغرف السكن والطابق العلوي على حجرات.
كما يوجد في محافظة السويداء وفقا للدكتور كيوان دير داما أو ما يسمى الدير الجواني الذي بني على الأرجح في عصر إمارة الغساسنة ويقع على بعد 2 كيلومتر إلى الشمال الشرقي من قرية دراما ويتألف من الدير والكنيسة ومصلى وبعض البيوت القديمة حيث تتصل الكنيسة بالدير وهي ذات مخطط متميز وتختلف عن باقي الكنائس لأنها تمتد من الشمال إلى الجنوب.
ويتصف دير داما كما بين رئيس دائرة آثار السويداء بالبساطة فحجارته شبه منحوتة ومشذبة ونوافذه وأبوابه صغيرة جميعها من الحجر البازلتي ورغم التشويه لا تزال أطلاله واضحة تمكننا من تصور هيكله فيبدو من تصميم جدرانه وأعمدته تحفة فنية لم يتجرأ الزمن أن يطمس آثارها وزخارفها ونقوشها ورسوماتها الفريدة التي زينت سطحها وكتاباتها التي لم تفك طلاسمها بعد الحضارات التي توالت على المكان.
ويشير كيوان إلى وجود دير ملح في ريف السويداء الجنوبي الشرقي الذي بنى فيه العرب الغساسنة بدءا من القرن الرابع الميلادي عدداً من الكنائس والأديرة ومنها الدير الكبير في بلدة ملح ودير النصراني الواقع بجوارها من الجهة الشرقية من جهة البادية.
وبين كيوان أن دير ملح ما زالت آثاره ومعالمه واضحة وعثر في باحة ملاصقة له على حجر بازلتي صغير يحمل كتابة يونانية ترجمتها “المسيح ينتصر” وهناك أيضاً بناء غير محدد الهوية يعود تاريخه إلى عام 539 ميلادي كما تم العثور بجواره على كتابات ونقوش تعود إلى العصر البيزنطي.
وأوضح كيوان أنه تم بناء برج كبير ومرتفع في دير ملح يعود تاريخه إلى عام 372 ميلادي واستخدم إضافة إلى الأغراض الدينية لأغراض دفاعية من أجل مراقبة الحدود الشرقية للإمبراطورية البيزنطية من الهجمات وشكل مع سلسلة الأبراج الأخرى في مواقع مجاورة مركزاً للمراقبة والحراسة وكان بمثابة مركز جمارك بالنسبة للقوافل المحملة بالملح والقادمة من شرق الأردن.
ومن الأبراج المهمة في السويداء أيضا وفقاً للدكتور كيوان برج دير الشعير الذي يقع بين قريتي امتان والعانات وفيه بركتان صغيرة وكبيرة ومجموعة من البيوت المتهدمة البسيطة والعادية وهو من الأديرة الغسانية مربع الشكل تتجه بوابته نحو الشرق وفيه كنيسة وغرف سكن حول باحته.
يوسف هيثم الناعمه