ارتبط اسم عربين في ريف دمشق لسنوات طويلة بحرفة النجارة وصناعة المفروشات التي تأثرت خلال فترة وجود الإرهابيين لكن الحرفيين وبعد عودة الأمان لمدينتهم أحيوا صنعتهم تدريجياً واستعادوا ورشهم ونشاطهم لتنتشر منتجاتهم مجدداً في منازل السوريين في المحافظات.
النجارة تطورت في المدينة من حرفة يدوية إلى شبه يدوية بعد دخول الآلات الكبيرة في عملية التصنيع لكن اللمسة الفنية للحرفي وبصمته بقيت الأساس وفق ما أوضح بعض حرفيي عربين لـ سانا.
ويمر إنتاج أي قطعة في ورشة النجارة عبر مراحل عدة تركز الأولى على تحضير الخشب وتجفيفه وضبط مستويات الرطوبة وبعدها يتم تقطيعه للحصول على الأبعاد المطلوبة ومن ثم تشكيله حسب رغبة الزبون وثقبه لتركيب المفصلات وفي النهاية يتم تجميع القطع وتركيبها وطلاؤها كما يتخللها أعمال كثيرة تميز مهارة أي حرفي وتعتبر أيضاً من أسرار المهنة وفق أصحابها كما تتدخل في عملية الإنتاج مجموعة آلات مثل المناشير بأنواعها المختلفة والفارزات والمخارط.
الحرفي حسان عبد الفتاح بين أن عربين تضم عدداً كبيراً من الحرفيين المهرة القادرين على الارتقاء وتطوير هذه الحرفة العريقة وإنتاج احتياجات السوق المحلي من المفروشات والاستغناء عن الاستيراد في حال زيادة الدعم لهم وحصولهم على قروض تحد من خروج الحرفيين المتميزين من عملية الإنتاج ولاسيما في ظل هذه الظروف الصعبة وغلاء مستلزمات الإنتاج داعياً الشباب السوريين من الحرفيين المهاجرين للعودة إلى وطنهم للمساهمة “بإعادة إعمار سورية التي تستحق الكثير”.
الحرفي شاهر كوكة الذي عاد إلى عربين مباشرة بعد تحريرها وبدأ بتأهيل ورشته ووسع عمله تدريجياً من ورشة إلى ثلاث ورش أوضح أنه ينتج مختلف أنواع الموبيليا وتمكن من تطوير أسلوب وطريقة العمل بشكل يتماشى مع الذوق الحالي للزبائن مشيراً إلى أن ورش عربين تتميز بأسعارها المقبولة وجودة إنتاجها الذي يدخل فيه مختلف أنواع الأخشاب حسب رغبة الزبون وقدرته.
لم أترك عربين أبداً وبقيت فيها وسعادتي كبيرة وأنا ألمس عودة الحركة والعمل والنشاط تدريجياً بعد عودة الأمان إليها، قال الحرفي محمد أبو ياسين الكحالة المتخصص بصناعة الأبواب العربي مشيراً إلى أن إنتاج حرفيي البلدة يصل إلى مختلف المحافظات السورية.
الكحالة أضاف: إن الأبواب في عربين لها زبونها الخاص لجودة صنعتها وخشبها لافتاً إلى أن أهالي المدينة العائدين أغلبهم توجهوا إلى تغيير أبوابهم وفرش منازلهم التي يعاد تأهيلها إلا أن ارتفاع الأسعار يؤثر على حركة البيع والشراء.
ولصناعة الموزاييك الدمشقي في عربين قصة مختلفة هذا ما بينه الحرفي محمد عبد الحي مشيراً إلى أن هذه الحرفة العريقة التي ارتبط اسمها بدمشق منذ عشرات السنين انتقلت إلى الريف منذ نحو 60 عاماً وأبدع فيها الكثير من الحرفيين وكانت البيوت تتباهى بمفروشات الموزاييك كما كان لها راغبون من خارج سورية مبيناً أن صعوبة تسويقها اليوم وطول فترة إنتاجها وغلاء موادها الأولية أثرت سلباً على صناعها.
عبد الحي الذي يملك ورشة صغيرة لصناعة وإعادة تأهيل أطقم الموزاييك ذكر أنه يقوم بإصلاح مفروشات الموزاييك القديمة وتلميعها وإجراء الإضافات اللازمة لها وبيعها.
المجلس المحلي استطاع عبر التعاون والتشارك مع الفعاليات الاقتصادية الموجودة في عربين إعادة تأهيل البنى التحتية وتأمين مستلزمات هذه الحرف ما مكنها من الانطلاق مجدداً وفق رئيس المجلس المهندس راتب عمر شحرور.
وأكد شحرور أنه خلال الفترة الماضية عادت الكثير من الحرف والورش والمعامل الكبيرة المعروفة باسمها على مستوى العالم والتي تستقطب ما لا يقل عن ألف عامل إضافة إلى عودة الكثير من مستودعات الجملة ما زاد من عدد السيارات التي تدخل إلى عربين يومياً محملة بمختلف المنتجات منها المفروشات.