حــــــــوار بـــــــــين مـــــــــن يعتـــــــــقد :
أن أمريكا لم تهــزم , وخرجـت بتواطــؤ مع طالــبان , وبين من يثــق أنها هــزمت وذلــت
الأول يعتقد أنها ستشكل خنجراً في خاصرة الصين . والآخر ستكون حليفاً للصين وصديقاً
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الــــــــــــــــــــــــرأي الأول :
ليس هينا الإقرار أن العصر الأمريكي , عصر الجبروت الأمريكي , عصر الحروب , ودمار الدول , وتمزيقها , والذي يمكن تسميته بحق عصر اغتيال التجربة الإنسانية , الاشتراكية , الأهم , في هذا العصر ( الاتحاد السوفييتي ) , والتي لا نجادل في تطبيقاتها .
العصر الأمريكي الذي استولد الإرهاب الاسلامي الأسود , ونماه , واستثمر فيه , وبالنهاية عض المولود صاحبه , هذا الجبروت , ليس هيناً على من عاش فيه وعايشه , أن يقر بانكفاء هذا العصر الأسود , السيء الصيت , الذي امتد لثلاثة عقود .
في زمن الخوف من الطغيان الأمريكي , ومن قوته الجبارة , التي تعتبر القوة الأقوى في العالم , ورغبتها , بل همها الأهم الآن كان وسيبقى , خلق بؤرة متفجرة في وجه الصين , تَحولُ على الأقل بينها وبين انجاز شعار الصين الحلم , وإعادة طريق الحرير الذي يربط الصين بالبحر الأبيض المتوسط , من خلال سورية , والذي أنجزت مرحلته الأولى في الباكستان .
ليس هيناً على أتباع هذا الرأي , الاعتراف بهزيمة هذه الإمبراطورية الجبارة من افغانستان , بصفتها الصانعة الأساس لطالبان , والداعمة لها في حربها ضد السوفييت , بل يرجح أصحاب هذا الرأي أن الخروج كان بالتوافق مع طالبان , وأن ما تركته من سلاح وعتاد هو لمواجهة الصين , وروسيا من خلال الجمهوريات المتحالفة معها , وإيران العدو الثالث لأمريكا .
هذا الرأي له بعض المبررات , اعتماداً على التاريخ الاستخباري الأمريكي الأسود , وقوتها الجبارة , وأساليبها في خلق الحروب البينية , وتفجير بؤر التوتر ضد أعدائها , وتاريخها الصداقي مع طالبان , وعدائها الاستراتيجي مع الصين .
الــــــــــــــرأي الثـــــــــــــاني :
لا يجادل إلا غافلٌ أن أمريكا لم تأت لسورية للقتل والتدمير فقط , بل جاءت لتمزيق سورية , وإلغائها من الجغرافيا , وبإلغائها إنهاء للمقاومة , وضمان لأمن اسرائيل , وتحقيق السيطرة على المنطقة لقرون , والأهم اغلاق البحر الأبيض أمام روسيا , والصين , وحصار إيران واسقاطها , ألم يكن هذا هو الهدف الأساس ؟.
ولكنه حدث العكس , نازلتها روسيا على الأرض السورية , وفتحت البحر الأبيض أمام سفنها , من خلال قاعدة متقدمة في طرطوس , كما انتقلت الصين من موقع الحياد , إلى المشاركة الجدية في مواجهة أمريكا في سورية , أما ايران فكانت الحليف والنصير .
ونؤكد على أن أمريكا هي على موعد مع سحب لقواتها من العراق قبل رأس السنة الجارية , وهذا سيترافق حتماً مع انسحابها من سورية , إذن هذه الإمبراطورية هزمت , ويمكن أن تُهزم ؟؟.
ولو تابعنا اهتزاز الثقة الإسرائيلية بجدوى الحماية الأمريكية , بعد هزيمتها المذلة المهينة من افغانستان , الذي عبر عنه الكثير من السياسيين والعسكريين الإسرائيليين . واختلال التوازن لدى محميات الخليج وهي تبحث عن ما يسد الثغرة , والهرج والمرج الذي اجتاح السياسيين الأمريكيين , الذي اتهموا بايدن بالخزلان , حتى عم الإحساس العام في أوربا , بأفول الزمن الأمريكي .
لاريب أن طالبان لن يكون انتقالها سلساً , بل ستمر بحالة متتابعة من التحولات , والانشقاقات , والحروب البينية .
ولكن تحولها إلى دولة مدنية يفرضه واقعها الجغرافي المغلق , والمحاطة كالسوار , بدول هي أقرب للتحالف , الصين , والباكستان , والدول الاسلامية الحليفة لروسيا , وإيران , كل هذه الدول تتوافق مصلحتها مع تحول طالبان إلى دولة مدنية , لأنه الطريق الوحيد لاستقرارها , واستقرار المنطقة .
بل بالعكس ستكون الدولة الأكثر استعداداً لمواجهة القوى الإسلامية الظلامية , والقوى التي ستنشق عنها , لأنها هي قوى الضد التي ستعيق انتقالها .
……… [ نعم أمريكا هزمت , وستهزم , وسيأفل زمنها الأسود ]