ولدت آنا أخماتوفا في 11 تموز 1889 في ( بلشوي فونتان ) قرب مدينة أوذيسا ، انتقلت بحكم عمل والدها كمهندس ميكانيكي في الأسطول البحري إلى قرية القيصر في الشمال وعاشت هناك حتى سن السادسة عشرة ، وكانت تقضي الصيف على ساحل البحر الأسود .
تعلمت القراءة من خلال كتاب الألف باء الذي وضعه ليف تولستوي وتعلمت الفرنسية سماعاً .
كتبت الشعر في سن الثانية عشرة وأصبحت معروفة في روسيا بعد أن أصدرت مجموعتين شعريتين ( مساء ) و ( إكليل ورد ) وكانت في العشرين من عمرها وأصبحت مع مايا كوفسكي قطبي الشعر الروسي ثم أصدرت حتى عام 1922 خمس مجموعات أهمها ( سرب الطيور البيضاء ) وبعدها ( حلفاء ) و ( الكتاب السابع ) اللذين لم يسمح بنشرهما وبدأت السلطات تحرم نشر شعرها باعتبارها شاعرة الأحاسيس الذاتية والعوالم الصغيرة المتواضعة . ثم اعتقل زوجها الأول الشاعر ( غاميليوف ) وأعدم ، ثم لعاتقل زوجها الثاني الكاتب والناقد التشكيلي ( نيكولاي بونين ) ثم ابنها ( ليف غاميليوف ) وحكم عليه بالإعدام واستبدل بالسجن والنفي . وأثارت غضب ستالين عام 1945 بعد زيارة مؤرخ بريطاني لها ، وأطلق عليها في مجلة شهيرة ( البنت الضالة ) وعلى شعرها ( شعر السيدة المجنونة التي تركض من المخدع إلى السرير ) وتم فصلها من اتحاد الكتاب ومع ذلك فقد ردت قائلة ( لماذا احتاجت الدولة العظمى لتمرير الدبابات على صدر عجوز مريضة ) ولم يسمح بطباعة أعمالها طيلة عشرين عاماً وعاشت من بعض ترجماتها .
وظلت تعيش هذا القدر الصعب حتى ثورة خروتشوف على الستالينية حيث أعيد لها بعض اعتبارها ونشرت مجموعات شعرية لها ، منها ديوانها الجامع ( هرولة الزمن ) قصائد أعوام 1909 – 1965 ثم سمح لها بالسفر إلى إيطاليا وإنكلترا ومنحها الإيطاليون أعلى جائزة تمنح لشاعر أجنبي وكرمتها جامعة أكسفورد بمنحها شهادة دكتوراه فخرية . وتلقت أهم جائزة في بلادها وهي جائزة اعتراف المواطنين بها .
توفيت في 5 آذار 1966 وقد علق الكاتب السوفييتي كورني تشوكوفسكي قائلاً ( لادهشة أنها توفيت بعد هذه المحن الصعبة المدهش هو ذاك العناد الذي عاشت فيه بيننا سامية فخورة عطوفة وعصية على الموت ) لقد كانت ثروتها الوحيدة : حقيبة صغيرة بالية تنتظر أبداً في زاوية رحيلاً آخر ، بضعة كتب خاصة ( بوشكين – دانتي – شكسبير – الكتاب المقدس – دوستوفسكي ) كتب كانت قراءتها أشبه بمناجاة الروح وكثير من دفاتر الملاحظات والقصائد المحرمة ومشاريع القصائد .
كان شعرها حسب رأي أحد النقاد يتغذى بأحاسيس الفقر والفراق والوحدة والفقدان وظلت هذه الموضوعات أثيرة لديها .
وترددت في قصائدها صورة امرأة محاطة بالماضي ، امرأة مهجورة ، امرأة سقطت في بركة صقيعية .
وقد كتبت في سيرتها الذاتية القصيرة ( أنا لم أكن وحدي ، كنت مع بلدي كله الذي كان يقف في أرتال طويلة جداً أمام السجون ) .
تعتبر بحق ملكة العصر الفضي في الشعر الروسي ، وقد صنع تمثال كبير لها ولزوجها نيكولاي غوميليوف وابنهما ليون في محافظة تفير بمنطقة بيجيتسك الروسية .