القسم الاول
تداعيات اسقاط النظام السوري على الامن القومي الروسي سقوط النظام في سوريا سيكون بمثابة انتصار نهائي للاسلاميين – السنة الموالون لامريكا واستيلائهم على مقاليد السلطة في كل الوطن العربي وهذا بدوره سينعكس سلبا على الامن القومي الروسي في نقطتين:
أ- ستقوم حرب اسلامية – اسلامية بين العالم العربي السني المذهب والموالي لامريكا، وبين وايران الشيعية الموالية لروسيا. خطورة هذه الحرب انها لن تقتصر على الطابع الديني فقط بل، ستأخذ طابعا قوميا ايضا عربيا- فارسيا وذلك بهدف تحرير عربستان. ولا اظن ان ايران ستصمد بوجه حرب اهلية داخلية على اسس قومية ومذهبية مدعومة من 350 مليون عربي واكثر من مليار مسلم سني تدعمهم امريكا واوربا باحدث انواع الاسلحة. ايران ستسقط بسقوط سوريا وبشكل مروع، وستخسر روسيا حليفا يمتلك 26 تريليون متر مكعب من احتياطات الغاز وهو ثاني اكبر احتياطي في العالم بعد روسيا. وفقدان ايران بالنسبة لروسيا سيكون كارثة حقيقية اظن ان الروس لم يدركوا ابعادها لانه بعد ذلك ستنتقل الحرب الى القفقاس.
ب- سيتدفق عشرات الالوف من المجاهدين الاسلاميين للجهاد في القفقاس. وتنفجر الاضطرابات الدينية والعرقية في الصين حيث سيجري تحريض العالم التركي والاسلامي والتيبتيين وهذا ليس بصالح الصين ولا روسيا. لذا، فان سوريا تعتبر الحصن الاخير لروسيا والصين ويتوجب عليهما انهاء الماساة لصالح النظام مهما كلف الامر لان الاوضاع الاجتماعية في سوريا اصبحت لاتحتمل. منع سقوط سوريا بايدي الاسلاميين سيحمي الجزائر وايران ويجنب روسيا والصين الكثير من المشاكل.
روسيا وانكلترا والقرم يخطئ من يظن ان اهتمام الدول الغربية بالقرم ومخططاتها لفصل القرم عن روسيا هي وليدة الامس القريب. علة الروس مثل علة العرب تماما، ليست لديهم خطط استراتيجية للمدى الطويل وبرامج مستقبلية تتراكم فيها انجازات الاجداد فوق انجازات الاحفاد. الروس ايضا مولعون بالبناء على انقاض السلف، لابد للروسي من تدمير ماكان لبناء شيئ جديد. وعلى العكس من ذلك نرى الاوربيين والصينيين الذين يخططون لمئات السنين وبغض النظر عن الذي يصل الى السلطة فالكل يتابع البناء. وفجأة، نصطدم بأمور لم نكن نحسب لها حسابا فنصرخ واصفين خططهم بانها مؤامرة، لا لم تكن مؤامرة بل خطط تنفذ بدقة على المدى الطويل ولكننا لم نكلف انفسنا عناء استيعابها ووضع خطط مضادة لمقاومتها قبل ان تصل الى عقر دارنا.
والامر الذي لااجد له تفسيرا هو: ان من نسميهم بالاعداء لايخفون مخططاتهم بل، ينشرونها علنا ومع ذلك نعجز عن مقاومتها سواء في سوريا او في روسيا. الازمة الاوكرانية الحالية التي تفاجأ بها العالم وخاصة الروس ليست وليدة اليوم، ليست لخدمة الشعب الاوكراييني، ليست لنشر الديموقراطية والحرية في هذا الجزء من العالم بل، الخطوات النهائية لعملية محاصرة الدب الروسي وخنقه جغرافيا تمهيدا لتدمير روسيا كدولة والقضاء على الروس كشعب. وكل من يقرأ الاحداث بغير هذا المنطق فهو يفتقر الى العمق الاستراتيجي في تفكيره ويسبح على سطح الاحداث.
اجل، مايحدث في اوكرايينا اليوم هو الخطوة ماقبل الاخيرة لتفتيت الاتحاد الروسي والذي بدأت قبل 160 سنة بالضبط على يد وزير الدفاع الانكليزي اللورد بالمرستون الذي نشر خطته في الصحافة عام 1854. يقول حضرته: هدفي في الحرب التي بدأت ضد روسيا هو: سلخ جزر الاندسكي وفنلندا من روسيا واعطائها للسويد، سلخ قسم من المحافظات الروسية على بحر البلطيق واعطائها لبروسيا، اقامة مملكة بولندية مستقلة كمنطقة عازلة بين روسيا والمانيا، واعطاء ملاخيا وملدافيا ومصب نهر الدون الى النمسا، واعطاء القرم وجورجيا لتركيا، اما شركيسيا فيمكن جعلها دولة مستقلة او تحت سلطة السلطنة (تركيا). ويمكن مستقبلا سلخ دول ماوراء القفقاس عن روسيا مع تقسيم جورجيا الى خمس دويلات: كاخيتي، ميكريليا، ايميريت، غوريو، سفانيتيا واعطاءها مع ارمينيا للدولة العثمانية او بريطانيا. اعادة الاراضي الايرانية والتركية التي سلختها روسيا بموجب معاهدة غوليستان واندروبولسكي الى اصحابها) انتهى.
وفيما بعد، اضافوا تعديلا بسيطا على خططهم وهو: سلخ شمال القفقاس عن روسيا عبر اقامة دولة شركسية مستقلة في شمال غرب القفقاس تضم اديغيه وكبردينا – بلكاريا وقرشاي – شركيسيا، واقامة دولة فايناخ العظمى في شمال شرق القفقاس وتضم داعستان والشيشان والانغوش. غدا نبدأ بنشر سلسلة من المقالات الوثائقية حول الخطوات العملية التي قطعتها مخططات الدول الغربية على طريق تفتيت الاتحاد الروسي فتابعونا
محمد بغداي .