.jpg)
كما قلنا في القسم الاول من دراستنا التي نشرنا بالامس، فان مايحدث في اوكرايينا اليوم هو الخطوة ماقبل الاخيرة لتفتيت الاتحاد الروسي والذي بدأت قبل 160 سنة بالضبط على يد وزير الدفاع الانكليزي اللورد بالمرستون الذي نشر خطته في الصحافة عام 1854. يقول حضرته: هدفي في الحرب التي بدأت ضد روسيا هو: سلخ جزر الاندسكي وفنلندا من روسيا واعطائها للسويد، سلخ قسم من المحافظات الروسية على بحر البلطيق واعطائها لبروسيا، اقامة مملكة بولندية مستقلة كمنطقة عازلة بين روسيا والمانيا، واعطاء ملاخيا وملدافيا ومصب نهر الدون الى النمسا، واعطاء القرم وجورجيا لتركيا، اما شركيسيا فيمكن جعلها دولة مستقلة او تحت سلطة السلطنة (تركيا). ويمكن مستقبلا سلخ دول ماوراء القفقاس عن روسيا مع تقسيم جورجيا الى خمس دويلات: كاخيتي، ميكريليا، ايميريت، غوريو، سفانيتيا واعطاءها مع ارمينيا للدولة العثمانية او بريطانيا. اعادة الاراضي الايرانية والتركية التي سلختها روسيا بموجب معاهدة غوليستان واندروبولسكي الى اصحابها) انتهى. هذا يعني ان كل مانشاهده اليوم من المشاكل التي تتعرض لها روسيا ليست وليدة الصدفة بل، مخطط اتخذ قبل 160 سنة من الان. كان من المقرر اعطاء القرم لتركيا ولكنها اليوم تابعة لاوكرايينا التي استولت العصابات الامريكية على السلطة فيها. غير مهم بالنسبة للمتآمرين مصير القرم، المهم ان تكون تابعة لدولة معادية روسيا لتحرم الاسطول الروسي من السيطرة على البحر الاسود. اما بخصوص جورجيا التي كان من المقرر تقسيمها لخمس دويلات تحت السيادة العثمانية او البريطانية فقد اصبحت اليوم دولة معادية لروسيا وطردت القواعد الروسية من باطومي وبوتي مما الحق اضرارا استراتيجية باسطول البحر الاسود الروسي، ولولا انفصال ابخازيا عن جورجيا بدعم من روسيا لفقد الاسطول الروسي قاعدته في سوخومي، وان نجح الغرب بطرد روسيا من القرم، واقامة الدولة الشركسية كما جاء في مخطط بالمرستون لاصبح البحر الاسود مغلقا امام روسيا واصبح بحر آزوف بحرا مشتركا بين الناتو وروسيا. وان نجحوا بتنفيذ خططهم باقامة دولة ( فايناخ العظمى) التي تضم الشيشان والانغوش وداغستان تكون روسيا قد خسرت بحر كاسبي بكل موارده وفقدت القدرة على الاتصال بايران واذربيجان وتركمنستان. فقدان البحر الاسود بالنسبة لروسيا يعنى اصابتها بالاختناق الجغرافي وقص اجنحتها وتحجيمها كدولة صغيرة تحاصرها الاعداء ومهددة بالانهيار وليس كامبراطورية يخشى الجميع اغضابها.
لماذا يريدون تفتيت الاتحاد الروسي؟ من المعروف ان النفط سوف ينضب خلال هذا القرن. والكثير من الحقول الكبرى ستنضب خلال 15-25 سنة القادمة وهذا سيؤدي لارتفاع جنوني باسعارها. ومعروف ايضا ان الطاقة البديلة التي يمكن ان تلعب دور النفط لمدة 200- 300 سنة قادمة هي الغاز. لذا، فمن يمتلك مفاتيح انتاج وتصدير الغاز هو الذي سيحكم العالم خلال القرون القادمة. وحسب الاحصائيات الرسمية فان احتياط الولايات المتحدة من الغاز يبلغ : 5 تريليون و 977 مليارد متر مكعب. الاتحاد الاوربي: 2 تريليون و476 مليارد متر مكعب. اما الصين، ذلك العملاق الاقتصادي الصاعد الذي تجاوز اليابان وارعب امريكا واوربا فان احتياطها من الغاز يبلغ فقط:2 تريليون 265 مليارد متر مكعب. وهذه الارقام تكاد لاتذكر بالمقارنة مع احتياطات عمالقة انتاج الغاز في العالم. 1-روسيا: 44 تريليون و650 مليارد متر مكعب. 2-إيران: 26 تريليون و850 مليارد متر مكعب. 3-قطر: 25 تريليون و630 مليارد متر مكعب. وهذا الوضع لايرضي جشع الشركات الكبرى الطامحة للسيطرة على مقدرات العالم. لذا، فقد وضعوا الخطط للسيطرة على مصادر الغاز الكبرى. واكثر مايخيف هذه الشركات هو ان يستطيع الروس تحقيق حلمهم بتأسيس منظمة للدول المنتجة للغاز تضم مبدئيا روسيا، ايران، العراق، الجزائر. ولو نجحت روسيا بذلك لانضمت اليها الدول الحليفة لها مثل كازخستان، تركمنستان، اوزبكستان. وهذا يعني ان المنظمة الجديدة ستسيطر على مصادر للغاز يبلغ احتياطها اكثر من: 100 تريليون و800 مليارد متر مكعب. وهذا يعني تحول قطاع كبير من الصناعة في امريكا واوربا الى مايشبه الرهينة في قبضة الروس مع ما يعنيه ذلك من نتائج قد تنعكس بشكل مأساوي في اية لحظة. ويعني استمرار التطور الاقتصادي للصين التي لن تعاني من ازمة طاقة، بل ستحصل عليها بثمن اقل نظرا لقرب مصادر انتاج الغاز الروسي منها. ومع الزمن، يمكن لليابان ان تتخلى عن حليفها الامريكي الذي لن يستطيع تأمين موارد الطاقة اللازمة لصناعتها وخاصة اذا دمرت حقول النفط في الخليج – وهذا غير مستبعد- واغلقت ايران مضيق هرمز. في هذه الحالة سينهار الاقتصاد الياباني خلال عدة شهور. والحل البديل لليابان سيكون الاتجاه نحو روسيا مع مايعنيه ذلك من امكانية حل ازمة جزر الكاريل وتوقيع اتفاقية سلام وخروج اليابان من تحت المظلة الامريكية. كل هذا، جعل من الضروري على امريكا وحلفائها البحث عن طريقة لتفتيت الصين والاتحاد الروسي عبر قضم الدول الحليفة لها في العالم مقدمة لحصارها بعقر دارها ومايجري في اوكرايينا هو قفزة غربية جديدة للوصول الى حدود الاتحاد الروسي.
. لذا، لامفر امام روسيا من اعادة القرم الى احضانها فالقرم بالاساس كانت ارضا روسية نقل خروتشوف ملكينها الى اورايينا بشكل غير شرعي والان حان الوقت لاصلاح ذلك الخطأ.
=======
يتبع غدا.
محمد بغداي