نفحات القلم _ محمد الدواليبي
التجربة الشبابية والبدايات تحتم على صاحبها بعض الأخطاء والعثرات حتى يكون له ما يدفعه للتعلم وتحسين الأداء ليكون بأفضل حال في القادمات، لكن هذه القواعد لا تنطبق بشكل كلي على الفيلم السوري “صرخة جسد” والذي تم طرحه قبل سبعة أشهر على قناة أحد المخرجين على اليوتيوب وحاز على 81 ألف مشاهدة.
العنوان هو أفضل ما ألفه “محمد عبدالله التركماني” أما ما يتعلق بالسيناريو فإن فيه الأخطاء والسقطات الكثير، خصوصاً في عملية الحبكة ومحاولته لتقديم نهاية صادمة تجذب المتلقي، لا يمكن إنكار أسلوب النهاية الذي حاول المؤلف إضافته ولكنه لم يكن بالطريقة الجيدة التي تدعنا نصفق له أو نصدم كمتابعين، ناهيك عن الأحداث التي يمكن توقعها بشكل تلقائي، فالأمر لا يندرج تحت بند فكرة فقط لجعله مهماً.
الشخصيات النمطية جداً جعلت العمل يتلقى المزيد من النقد الذي لا يمكن أن يلامس الإيجابية، فإخراج السيدين “عمر بولاد ومحمد القسوم” كان يفتقر لعنصر المفاجأة وكل شخصية على حدى تتوقع حركاتها ونمط حديثها، أما حركات الجسد فإنها تضيع غير مهتمة بالجذب، وللقطات الكاميرا القريبة والقريبة جداً دور في عكس الغاية، فبدل أن توضح أهمية قراءة الوجوه وردود أفعال العين كانت سبباً في اتخاذها كلقطات لإخافة الأطفال المشاغبين، ولا يعنى بهذا الكلام أنه تم إيضاح الجانب الشرير للشخصيات.
وفي هذا السياق فإن الأداء متباين بين السيء إلى السيء جداً إلا بشخصيتين فقط وهما “أبي اللوحي بدور كمال” و “طالب عزيزي الذي جسد شخصية شرف”، ولعل لين معمار ونايا رحمة بشخصيتي لين ومرام لم تقوما بأي بروفات بل قامتا بمحاولة تقليد أدوار قمن بمشاهدتها سابقاً، نور العلي صاحب شخصية “خالد” يشعر المشاهد أنه كان مستعجلاً حتى ينتهي من التصوير إذ كان يرغب بإنهاء تجسيد الدور غير مكترث إن قدمه بطريقة جيدة أم لا.
السيد “وليام فارس” صاحب الظهور الأكبر بشخصيته “واثق” يحتاج لمحور بحد ذاته لما حملته الشخصية ومؤديها من إيذاء بصري واستخفاف بعقل المتلقي، فمحاولة تقديم الشخصية المعقدة وردود أفعالها، وعن ضعف الشخصية فحدث ولا حرج ما كان له أثر على عرضها بهذا الشكل الضعيف جداً، ويؤكد وليام بطريقة تمثيله هذه أن الإنسان إذا أحب شيئاً ما فليس من الضروري محاولة الخوض بمغامرته، فحب السينما والتمثيل يمكن مشاهدته ومتابعته وليس من الضروري أن يكون ممثلاً، فمن الأركان الهامة له هي الموهبة التي إن تواجدت يمكن تنميتها، وإن لم تتواجد فلا حول ولا قوة.
45 دقيقة هي مدة العرض، وهذه تجربة لم تكلل للكادر بالنجاح المرجو منها، ولعل تجارب أخرى لربما تضعهم في الطريق الصحيح الذي يعطي ثمار جهدهم وشغفهم بعالم الفن، فأضواءه القوية يجب أن تكون منيرة لا أن تعمي الأبصار.