
سيريا ستيبس – علي محمود جديد
من ضمن المعطيات الهامة التي تفضّل علينا فيها " ثوار " الثورة المزعومة في سورية، أقصد تلك الحركة الإجرامية التافهة والمخجلة، التي وظّفت لصالحها أتفه الناس في سورية .. واستقدمت أتفه بشر العالم إلى هذا الوطن الجميل كي يقاتلونا ويذبحونا ويهجّرونا ويخربوا بيوتنا، ويُدمّروا أجمل ما عندنا، فطعنوا ذكرياتٍ مخملية رائعة احتفظنا بها لدغدغة الزمان وتجميل المكان، كنتُ أحتفظ بثوب عرس حبيبتي الأبيض، وصور زفافها، وهي تارة كانت تبكي كأي عروس حلوة، وأخرى تضحك، لم نعد قادرين على استعادة الذكريات إلا بحالة مشوّهةٍ من خيال، مُلطّخة بسواد الجهل والحقد، والدم والتدمير .. غرفة نومنا، وضيوفنا ، والمَدَّة العربية، حيث كنا نأكل ونشرب ونستريح أنا ورفيقة عمري، نتابع برامج التلفزيون وأخباره ومسلسلاته ، نتوافق على بعضها ونختلف على بعضها الآخر، كما بقية أيام حياتنا التي كانت، إذ نحكي نتسلى نضحك وغالباً نختلف على أشياء صغيرة وأخرى كبيرة، كل شيء في ذاك البيت غدا مفقوداً لاقدرة لنا على رؤيته ولا على رؤية ما فيه من أشياء عاشت معنا زماناً طويلاً من كتبنا وأوراقنا وأجهزة الكمبيوتر إلى مقاعدنا وستائرنا وحتى ملاعقنا والصحون، كلها صارت نهباً " لثورتهم " البغيضة، مزّقوا الستائر، وكشفوا لوحشيتهم ما كنّا نداريه برموش عيوننا ..
هذا شيء طفيف مما فعله أولئك المجرمون ببيت ، فكيف وزّعوا " معطياتهم " على وطن ..؟!
على كل حال .. من ضمن ما فعلوه ومارسوا عليه إجرامهم واستهداف الأملاك العامة والخاصة وسرقة ما تيسّر بالمعيّة من بنوك هنا وصناديق هناك ، وتشليح بعض السيارات الناقلة للعملات البنكنوت، وأمام المخاطر التي صارت على مرمى عيون البنوك، إن كانت لجهة الخوف على الأموال في مقراتها ، أم لجهة نعرّض الضمانات لمزيد من الأخطار وفقدان القيمة، كان لا بد من التخفيف من تداول الأموال بين البنوك ما أمكن، وتجنيب البنوك الخوض في متاهة أية ضمانات جديدة، ويبدو لم يكن شيئاً يلبي هذا الاتجاه أكثر من تجميد القروض وإيقافها عن الجميع وفي مختلف المصارف العامة والخاصة بمعزل عن زيادة توفر السيولة أو قلتها، فتوقفت القروض فعلياً وبمختلف أنواعها منذ نحو سنتين ولا تزال حتى الآن، إلا على نطاق ضيق جداً عندما استطاع مصرف التوفير إقناع الحكومة بقدرته المتزايدة على الإقراض وتحمّل المسؤولية، وكان هذا المصرف بحجم المسؤولية فعلاً، فما يزال مثابراً بخطى واثقة في منح قروض شخصية ضماناتها مكفولة ومستقرّة.
غير أن هذا الانكفاء المصرفي تجاه القروض بهذا الشكل لم يعد مقنعاً، ونعتقد أنَّ هناك مخاطر جديدة بدأت تتسلل بشكل معاكس لتسدَّ شيئاً من هذه الثغرة، فظهرت على سبيل المثال حالات الاستدانة بأسعار فائدة عالية جداً تصل أحياناً إلى 84% سنوياً ..!!
حتى بدأت تظهر بعض الجمعيات التي جرى الترخيص لها مؤخراً بشكل نظامي، ومن بين أهدافها يتسلل هدف الإقراض، كالجمعية التعاونية الإنتاجية لصناعة الألبسة الجاهزة والتريكو في محافظة ريف دمشق التي تهدف من ضمن ما تهدف إلى تأمين المواد الأولية والإعانات ( والقروض ) وأسواق بيع لمنتجاتها .
مثل هذه الجمعية لا نستطيع إلا أن نعذرها لسعيها من أجل منح القروض عوضاً عن المصارف التي أغلقت أبواب قروضها في وجه الجميع وحتى الآن، ولكن لا بد من التنويه إلى أن الاستمرار في هذا التجميد للقروض في البنوك السورية قد يخلق الكثير من الإشكالات والمخاطر التي يمكن أن تظهر بقوة جراء الديون بأسعار فائدة عالية جداً يعجز أي مستدين على إيفائها، أم جراء الإقراض عبر الجمعيات التي قد تُرهق من يحتاج لأي تمويل صغير أم كبير.