رشيد لزرق- المغرب
خلافا لبعض الباحثين الدستورانيين و من سار على منوالهم من بعض القادة السياسيين الذين اعتمدوا القراءة الشَكلانية للوثيقة الدستورية ؛ زاعمين أن الدستور الجديد لم َيرُم سوى للتغيير في إطار الاستمرارية ، هذا الرأي قابل للنقاش ، غير أننا نرى أن الدستور الحالي .
لن ندخل هنا في السجال العقيم ، فالمرحلة تستدعي إدراك مغزاها و التحلي بالمسؤولية من أجل مواصلة رسالتنا الخالدة : تحررية، تقدمية ،حداثة.
سنحاول من خلال ما يلي توضيح الطرح الذي تفرضه قوة الواقع ؛ و ذلك من أجل ترسيخ البنية التحتية للخيار الديمقراطي الذي اقره دستور 2011 «فلا ديمقراطية يا رفاق بدون حداثة. و لا حداثة بدون حداثيين»
أولاد الشعب كإفراز للمرحلة :
إن العولمة كحركة تاريخية في مسار التطور الإنساني، جعلتنا كباحثين و كسوسيلوجيين مدعوون للبحث و إبداع مفاهيم أخرى تستجيب لمرحلة العولمة التي نعيشها مثل الطبقة الوسطى وجب إما ابتكار مفهوم أخر أو بتعبير آخر لتصنيف ضحاياها من الفئات الضعيفة التي هي الأكثر إحساسا بالتهميش نتيجة تعمق الفوارق الطبقية أو الاجتماعية، و هي الفئة التي « أسميها بفئة أولاد الشعب» الفئة التي كانت تصنف بالمعيار التعليمي ضمن فئة الطبقة الوسطى التي تعيش ضمن العاطلين والمهمشين و المقصيين الأمر الذي يقتضي بالضرورة حزبا حداثيا جماهريا من أجل تأطير جيل صدمة التحديث لتأمين مرور الوطن من هذه المرحلة الصعبة التي يقف فيها في مفترق الطرق.
إن المرحلة الحالية مرحلة مفصلية في التاريخ السياسي للمغرب الحديث ينبغي استيعابها و فهم مغزاها ليس بمنطق استحضار الماضي النضالي كنوستالجيا تقوي رغبة نفسية في التشبث بالقيادات التاريخية كنوع من التباكي على الماضي ، أو بالاستسلام لخطاب التنافر و الصراع و الاختباء من وراء رفع صور الشهداء . المرحلة يا رفاق تقتضي ركوب موجة التغيير قصد مواكبة التحول عبر مرافقة جيل الثورة الرقمية الذي هو جيل بحمولات ثقافية و تمثلات فكرية و دلالات رمزية مختلفة و استثمار التراكم التاريخي بشكل راقي عبر توفير البنية التحتية للخيار الديمقراطي بإعلان تحالف تاريخي بيننا و بين القوى الحداثية بعيدا عن منطق أحقاد الماضي ، فالسياسة لا تبنى بالأحقاد و إلا سوف نخطأ الموعد مع التاريخ و سنقدم خدمة للقوى العدمية و الظلامية التي ستكون المستفيد من الارتباك التي تعرفه القوى المحافظة المتواجد في الحكومة. علينا جميعا استيعاب التنصيص الدستوري على حرية الفكر و الإبداع ،ينبغي أن تتشكل لنا كقوى شبابية منفتحة على العالم المحفز للإسهام في التغيير عبر تفجير طاقتنا لإبداع الحلول و الخروج من ثقافة إلقاء اللوم على الآخر . بأخذ مصيرنا بين أيدنا و عدم الاستسلام للقوى التي تمنعنا من ولوج عالم الحداثة . و يبتدأ ذلك بإحداث ثورة مفاهيمية و تحويل مصطلح تنظيم إلى مصطلح مؤسسات بكل ما يحمله من ذلالات ثقافية و التحرر من عقد الأبوية ، أو بتعبير سوسيولوجي عقد إسماعيل التي بدأت تتجه بنا من منطق الحزب إلى منطق الزاوية الذي يقوم على التبرك بأبناء القيادات. فقد ولى زمن الزعامات التاريخية و حل زمن التعاقد. إن الربيع الديمقراطي و القانون السوسيولوجي لتعاقب الأجيال يجب أن تدركه القيادات . فجلالة الملك وجه رسالة قوية من خلال المكونات المشكلة للجنة صياغة الدستور التي تجسد مئة بالمائة «أولاد الشعب» خريجي المدرسة المغربية ، غير أن النخب الحزبية لازالت على ما يبدوا لم تستوعب دستور الخيار الديمقراطي ، و الذي يعتبر أولاد الشعب هم الحل و ليس جزءا من المشكل.
فتراجع الاتحاد لا يتلخص في تراجعه عن رسالته التاريخية ، بل في جموده التنظيمي نتيجة مقاومة كل الخطط التي تهدف لتحقيق الحركية التي تمكن الحزب من تحقيق مرحلة التحول ، فالجيل الجديد يجد صعوبة في الوصول للمؤسسات التقريرية من خلال الوسائل الديمقراطية للمؤسسات نتيجة عدم تكافؤ الفرص، بفعل بروز جيل يبدع أساليب نضالية جديدة ، فالنفوذ العائلي يهدد الحزب من التحول من حزب يمثل تطلع الجماهير إلى حزب يمثل عائلات بعينها ، لهذا فان أي خطاب جديد يجد مقاومة كبرى شعارها المشروعية التاريخية ، الأمر الذي يؤشرعن الإقصاء الممنهج لكل حملة مشروع يمكن أن يحقق تحولا حقيقيا. هذا الإقصاء وصل إلى درجة يمكن تسميته بالأبرتايد السياسي . لفئة تعاني أصلا من الأبرتايد الاجتماعي ، و هذا ما جعلنا نطلق عليها اسم أبناء الشعب بهدف إظهار هذا التمايز ، فيكفي الرجوع للتزكيات التي يتقدم بها الحزب في مختلف الاستحقاقات للتأكد من هذا الطرح … و هذا ما جعل الحزب يحرم من طاقات مكانه الطبيعي هو الاتحاد الاشتراكي نتيجة يأسها من إحداث تغيير . ولا يكتفون بدلك بل يسدون في وجهها الظهور الإعلامي في محاولة للتطويق لاستشعارها البئيس و تسلك سلوكين : إما الانعزالية و إما الانتحار السياسي. إن داء الإقصاء الذي صار بنية قائمة الذات و الذي جعل جيلا بكامله يغادر السياسة أو يستسلم للواقع بئيس لم يعد يرضي أحدا.
الحزب محتاج لنخب من رحم الشعب المغربي ، و ليس الاتجاه للتوريت المقنع عبر استيراد نخب لتسيير الحزب وفق نظام المقاولة او بلغة التدبير المفوض الذي لن يكون ضحيته سوى أولاد الشعب ، نحن محتاجون لبروسترويكا لاعادة بناء الحزب وفق هوية واضحة ومعارضة قوية ، عبر اعتماد الجلاسنوست في اتخاد القرار الحزبي و التي تبتدأ بتفعيل الدستور لكي لا نخلف الموعد مع رسالتنا التاريخية عبر تحديد مسؤوليتنا المتمثلة في توفير البنية التحتية للخيار الديمقراطي.
مسؤولية الاتحاد الحالية توفير البنية التحتية للخيار الديمقراطي.
لعلنا ندرك جميعا إن الجبهة الحداثية كحاجة مجتمعية ملحة ، ينبغي أن تواكب التحول الديمقراطي الذي يشهده المغرب من خلال الحكمة و التبصر الواعي بمتطلبات المرحلة التي تمر منها بلادنا ، إنها مرحلة تكريس الخيار الديمقراطي و بنيته التحتية الحداثية . هذا الخيار الذي خاضت في سبيل تكريسه القوى الاتحادية نضالا شجاعا وعصيبا، و معه أظهرت الذات الاتحادية حسا وطنيا رفيعا بتخليها على الشوفينية الحزبية الضيقة لفائدة المصلحة الوطنية، وبالفعل حقق هذا المسار النضالي و ما شهده من صراع و توافق في نهايته دسترة الخيار الديمقراطي ؛ والسؤال الواجب طرحه الآن هل دسترة الخيار الديمقراطي وحده كافي لتكريس الديمقراطية ؟
إن دسترة هذا الخيار بدون توفير بنية تحتية حداثية لا يمكن أن يحقق حلمنا المشترك بوطن يستفيد من الجميع و يستفيد منه الجميع ، لهذا فتنظيماتنا السياسية مدعوة لتتجاوز التردد الغير مفهوم و الغير مبرر للإعلان عن تأسيس قطب حداثي في أفق تناوب رابع ينهي مرحلة التحول الديمقراطي و يحدد زمن إحقاق الديمقراطية.
صحيح أن دسترة الخيار الديمقراطي جاء مع فوز العدالة و التنمية من خلال صناديق الاقتراع ،غير أن كل عاقل لبيب يدرك أن الديمقراطية لازالت في حاجة ملحة لتوفير حمولة اجتماعية و سياسية تخلق وثبة ثقافية ، لذلك فخروج الاتحاد للمعارضة هو تحول ينبغي أن يكون عمقه السياسي في هذا المنحى، بغية مواجهة التيارالديني سواء المتواجد في الحكومة أو التيار المقاطع المتأهب لاستغلال المكتسبات، مع رغبة في الرد و النكوص.
و هنا سأتوقف قليلا، قصد الرد على من يستدل بفوز حزب العدالة و التنمية للترويج لأطروحة مفادها نهاية مطلب الديمقراطية، بدعوى أن هذا الأخير ( حزب العدالة و التنمية) حائز على الشرعية الشعبية المنبثقة من صناديق الاقتراع، غير أننا نعتبر أن هذا الطر ح هو نظرة ضيقة على اعتبار أن الديمقراطية لا تقاس فقط بصناديق الاقتراع ولا في الحزب الفائز في الانتخابات فقط، فالديمقراطية أعمق من هذا الاستدلال، وما على المهللين لهذا الزعم إلا أخذ العبرة من التجارب العالمية ، و لعل التجربة الألمانية و الايطالية في بداية القرن الماضي خير دليل، حيث أوصلت صناديق الاقتراع و بأغلبية مطلقة النازية و الفاشية للسلطة ومعها اندلعت أكبر حرب دموية في تاريخ البشرية.
ولتكريس الحداثة وجب أن تكون جماهيرية عبر إبداع مسار مغربي للتنوير، يؤسس لثورة ثقافية، و هنا نُقسم الحداثة المتواجدة في المغرب إلى حداثتين: حداثة جلبتها النخب الفرنسية و هي حداثة فقوية ، ظلت تائهة ، و سبب ذلك كون مستورديها لم يكلفوا أنفسهم عناء استمدادها من رحم الشعب المغربي ، الأمر الذي تمخض عنه حالة عزوف الفئات المتنورة التي تحس بالغبن و عدم الاستفادة من عشرية التحديث و من المشاركة فيالانتخابات، و هذا المعطى يقتضي تجاوزه عبر إفراز حداثة من عمق الشعب كفيلة بتقوية روح الأمل في نفوس الأجيال الجديدة خريجة الجامعات المغربية عبر تجاوز العقدة الفرنسية في التحديث و مواجهة نظام الامتيازات الذي يضرب المساواة عبر محاربة اقتصاد الريع الذي يقوي الإحساس باللا مساواة ، و مكن العديد من « العائلات « من حصد أموال طائلة يوميا دون القيام بأي مجهود فكري أو عضلي ، و التقوي بها على أولاد الشعب و تكريس التوريث ، فنظام الامتيازات هذا أغرق البلاد في عمليات تمييز خطيرة بين المغاربة، مع أن هذا النظام ينفرد به المغرب دون سواه من بلدان العالم.
لهذا فنحن مدعوين إلى ضرورة النضال الجماعي من اجل الحريات و الحقوق التي ضحى من اجلها أجيال اتحادية بالدماء ، و الحرية و السجون و المنفى …و ندعو قيادتنا إلى فتح المجال لنا كتيار أولاد الشعب من اجل المشاركة في لحظة التحول التاريخي ، و تحقيق انتقال هوياتي يرسخ خط نضال واضح من أجل ترسيخ الحداثة و نساهم بشكل جماعي في إقرار برنامج شامل يمكننا من المصالحة مع روح العصر ، ومن ضمان انتقال هوياتي هادئ قصد مواصلة المسار الاتحادي من موقع المعارضة عبر طريق سياسي جديد؛ تنخرط فيه كل قوى التقدم و الحداثة. بعيدا عن اللغة الغارقة في تمجيد الذات ؛ لكون السياسة أيها القادة لا يمكن أن تمارس بالأحقاد و منطق صراع الخمسينية ، و لا بمنطق الوصاية، و إنما بتحقيق المصلحة الوطنية لمغربنا، العزيز على قلوبنا جميعا ، ونجعله المحدد الأساسي أو المحفز لاستكمال الرسالة الاتحادية القائمة على أساس الالتزام بمجموع القيم الإنسانية النبيلة التي تنطلق من الفخر بالانتماء الوطني و السعي المتواصل للتقدم على أساس حرية الفكر و بالإبداع . فجسامة اللحظة التاريخية تستوجب نقدا ذاتيا ليس من اجل الذات أو بإلقاء اللوم على بعضنا البعض ، بل من اجل الانطلاق و فتح الآفاق لمرحلة ثالثة بجيل شبابي جديد متحرر من عقد الماضي و متطلع لبناء الحاضر و مغرب المستقبل، هذه الغاية تقتضي منا تجنيد طاقتنا و حشد مؤهلاتنا و تحفيز دواتنا ، فالحلم بوطن موحد يستفيد من الجميع و يفيد الجميع يظل قيمة سياسية أخلاقية ثمينة تشكل أساسا متينا لكل تحالف سياسي هدفه طب القطبية السياسية الواضحة التي سترقى بالتجربة الديمقراطية المغربية نحو تناوب سليم. هذا التناوب يقتضي الإيمان بكون السياسة لا تكون بالحقد و الكراهية ، بل بنكران الذات و هوس الأنا اللا معقول و توحيد الرؤية لتحقيق قطب حداثي يحقق ثورة من داخل المؤسسات.
قطب حداثي لتحقيق
ثورة مؤسساتية
إن الدستور الجديد جاء بالعديد من الصلاحيات ، جعلت التجربة هذه الصلاحيات معلقة و ستجعل المغرب في مفترق الطرق، فإما أن تدرك المعارضة طبيعة اللحظة و التي تستوجب الإعلان بدون تأخير عن تحالف في إطار قطب حداثي يعطي للمؤسسات الوضوح ، خاصة مؤسسات البرلمان من خلال العمل مع الأصالة و المعاصرة و التجمع الوطني للأحرار على توفير تراكم كمي و إعطاء المؤسسات دورها في إعداد السياسة العامة ، فالدستور الحالي وسع مجال التشريع، و هدف المشرع من هذا التوسيع إعادة الاعتبار للمؤسسة التشريعية في إعداد السياسات العمومية و مراقبتها و تقييمها. في إطار المحافظة على استقرار العمل داخل المؤسسات . وتظهر إرادة المشرع واضحة في الفصل 71 الذي وسع مجال القانون من تسعة مجالات كانت في دستور 1996 إلى ثلاثين مجال. حيث أضاف مجالات تتعلق بالعفو العام و معايير التقطيع الانتخابي و الاتفاقيات الدولية.
إن هده الصلاحيات إذا ما تم إعلان القطب الحداثي من شانها أن تعطي مدلولا لمبدأ فصل السلطات القائم على التوازن من خلال تعزيز أدوات الرقابة عبر تعزيز قواعد المسؤولية و المحاسبة و الشفافية و تكريس دولة الحق والقانون و تركيز ثقافة عدم الإفلات من العقاب. وجعل البرلمان مؤسسة تعطي مدلولا لما أوكلها إياه المشرع بالتنصيص في دستور 2011 في الفقرة الأولى من الفصل 70 على ما يلي : «يمارس البرلمان السلطة التشريعية « إن هذا الاعتراف بهذا الدور ايجابي على أداء السلطة التشريعية و من شان الإعلان عن إنشاء قطب حداثي توفير الفضاء السياسي المحفز، يمكن من تجسيد مضامين الدستور على أرض الواقع ، و ما عدا ذلك سيبقي نصوص الدستور بدون روح، بل يمكن أن تعرف الحياة السياسية نكوصا في ظل وجود قوى محافظة تحاول الانقضاض على المكتسبات، و التي يمكن أن تسحب البساط من القوى الحداثية و تعمل على تأويل الدستور تأويلا رجعيا، خاصة مع وجود فصول دستورية كالفصل 73-72-79-78 والتي تسحب البساط من تحت أقدام البرلمان و تجعل الحكومة هي المشرع الأصلي و البرلمان هو المشرع الاستثنائي . و تعمل على التراجع عن مكتسبات حقيقة كما حصل في مجال إدماج و تمكين النساء ، من خلال التراجع الذي أظهره الاتجاه المحافظ في القوى المشكلة للحكومة التي تراجعت عن روح الفصل 19 و ما اقره من حقوق و تدابير تدعم إدماج و تمكين النساء ، و من ذلك:
ضرب عرض الحائط السعي إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال و النساء؛ هذا التراجع يجعلنا كقوى مؤمنة بالحداثة و ما تقوم عليه من حرية الفكر ، نتخوف من التراجع عن المبادئ التي ناضلنا من أجلها و السعي لحمايتها و الدفع في اتجاه التنزيل الحداثي لها و التخلص من التوجسات الغير مبررة و الإسراع بإعلان تحالف تاريخي . بعيدا عن منطق الاحتواء الذي لا يكسب سنده مع الوثيقة الدستورية الجديدة التي منعت الترحال بتنصيصها في الفقرة الأولى من الفصل 61 كما يلي» يجرد من صفة عضو في احد المجلسين كل من تخلى عن انتمائه السياسي الذي ترشح باسمه في الانتخابات أو عن طريق الفريق أو المجموعة البرلمانية التي ينتمي إليها» ، و هو الأمر الذي سيؤدي إلى تخليق و تطبيع الممارسة البرلمانية الداخلية و إضفاء طابع الاستقرار المؤسساتي عليها .
بهذا فقط سيحقق المغرب ثورة ثانية تذكرنا بالثورة الأولى التي كانت من اجل الاستقلال فالثورة الأولى سميت ثورة الملك و الشعب ، أما الثورة الثانية فلا تقل أهمية عن الثورة الأولى ثورة من اجل التصالح مع القيم الكونية و الانفتاح على الثقافة العالمية، سلاحنا الاعتزاز بتنوعنا الثقافي و تسامحنا الديني و قبول الأخر.
و خلاصة القول اللحظة تستدعي قيادي من أصول شعبية يتولى مؤازرة أولاد الشعب من أجل التحضير لمرحلة تحول جوهري يؤسس للجيل البديل الحداثي ، لهذا فالحاجة اليوم ملحة لجبهة حداثية ، و التي تستوجب شجاعة من طرف القيادات الشائخة ، هذه الشجاعة لا تكون إلا بالتجرد من الذاتية و معاندة الطبيعة ومعاكسة التاريخ الذي يفرض الاعتراف بضرورة التقاعد السياسي. و التخلي عن عقدة الزعامة عبر الإعلان و بشكل فوري ميلاد قطب حداثي يجمع القوى المعارضة ؛ ويرسم خطا نضاليا واضحا و قويا ، يقوي المؤسسات و يجعل تكريس البنية التحتية للخيار الديمقراطي والوقوف صمام أمان لضمان عدم العودة للممارسات اللا ديمقراطية عبر الدفع في اتجاه المأسسة l’institutionnalisation، عبر توظيف الضمانات الدستورية التي تقطع مع أي نكوص، فالوثيقة الدستورية جاءت بصك الحقوق و دستور فصل السلط، و التلازم بين السلطة و المسؤولية. لهذا فقوة الأشياء تحتم الإسراع بسن القوانين التنظيمية قبل انتهاء الولاية التشريعية للبرلمان الجديد . في أفق وضع برنامج السياسي يعمل على تكييف المتطلبات المجتمعية في برنامج حداثي واضح نتقدم به إلى الشعب المغربي في الاستحقاقات القادمة ، برنامج يعمل على استحضار للثقافة السياسية المغربية و الطبيعة السوسيولوجية للمكون المجتمعي و كذا الموروث التاريخي و البيئة المغربية القائمة على أساس القطع مع التهميش والإقصاء لأي مكون من مكونات الأمة المغربية، إن هذه الوسيلة وحدها القادرة على جعل التنوع الثقافي و الحضاري للشخصية المغربية عامل قوة، و هو التنوع الذي يجعل الأمة المغربية أكثر الأمم الشرقية المؤهلة للولوج إلى الحداثة و التي تبدأ بثورة ثقافية.