عن سلاب نيوز
يسألني أصدقائي لما أنت مقل في الكتابة هذه الأيام وقد كنت تكتب كل يوم تقريبًا، وعلى هذا أجيب.
لم يعد لدي رغبة جامحة في الكتابة، فماذا عساي أن أكتب وقد كُتب كل شيء، ولم يعد ما يقال تقريبًا؟ هل أكتب عن المؤامرة وقد أشبعت بحثًا وتمحيصًا وفكفكةً لعناصرها، أم أكتب عن التطورات الميدانية اليومية فأتحول بذلك الى مذيع أخبار؟؟
تنتابني حالة من القرف اللامتناهي، وكما يقول شاربو الخمر حتى الثمالة، فالخطة باتت معروفة، وأدواتها باتت معروفة، وكل ما يجري ليس سوى عناصر ظرفية تدخل على الخطة للمواءمة مع الواقع.
لقد استفاد الغرب و"إسرائيل" من جهلنا وتخلّفنا فأغرانا بعناوين فضفاضة أمنت له البنية التحية لضربنا وتجزئتنا تحت عناوين مذهبية وطائفية وإثنية وغير ذلك مما تختزن بنيتنا الإجتماعية من قنابل موقوتة ومتفجرة استطاع الغرب وبعض أدواته الإقليمية والمحلية من استثمارها واللعب عليها، ونحن سذّج لا حول لنا ولا طول سوى غرائز تتناطح كما يتناطح الثيران فيكسرون قرونهم دون نتيجة تذكر لأنهم محكومون أن يعيشوا في نفس الزريبة.
سألتني إحدى صديقاتي وسؤالها كان سببًا لما أكتب، ما الذي يحصل في لبنان، على حد علمي أنّ لبنان بلد الحداثة والحضارة والعيش المشترك وما الى هنالك من أوصاف وصولًا الى لبنان يا قطعة سما، فأجبتها أنّ ما يجري يشبه الى حد بعيد بدايات ما جرى عندكم في سوريا، فالفيروس انتقل الينا وأصبح يقتل الجنود بالتقسيط المريح، ويخطف الجنود على مرأى ومسمع قادتهم الحالمين بالمراكز العليا، ويلعبون على التناقضات المذهبية والطائفية كما لعبوا عندكم، والطامة الكبرى أنّ القرار ليس بيد اللبنانيين، وإنما "الرسن" في اليد الإقليمية والدولية، ولمن لا يعرف ما هو الرسن أقول انه الحبل الذي يوضع في رقبة الحمار لجرّه به.
المؤامرة أي مؤامرة لكي تنجح تحتاج الى بنية تحتية والى عناوين جاهزة وصالحة للإستخدام والى أدوات إما عميلة وإما جاهلة، وكل هذه العانصر متوفرة وبكثرة والحمد لله في أمتنا ووطننا العربي وحتى في من يدعي التطور والحضارة، حضروا المزيد من التوابيت وافتحوا المزيد من المدافن سواء في لبنان أو في سوريا أو في العراق وليبيا واليمن ومصر وفلسطين بالتأكيد ومعها حضروا قصائد الرثاء.
عرفتم الآن لماذا لم أعد أحب أن أكتب ولماذا ينتابني القرف حتى الثمالة، لأنني لا أجيد الرثاء ولا المديح وقد شبعت بكاءً على أمةٍ ضحكت من جهلها الأمم.