ولد ميخائيل شولوخوف في 24 أيار/ مايو 1905 في قرية فيوشينسكايا التي تقع على ضفاف نهر الدون، لأب غريب عن القرية، ولأم قوزاقية، ومن هذه الأم عرف ميخائيل منذ سنوات طفولته الأولى تقاليد القوزاق، وحكاياتهم، ومن الدون استمد شولوخوف عنوان روايته "الدون الهادئ" التي أعطته الشهرة لكنها أيضاً جعلته في مرمى سهام وإشاعات الحساد والكارهين، ممن سببوا له الكثير من المتاعب والآلام حتى وفاته في العام 1984.
وعلى الرغم من غنى عائلته إلا أنه لم يكمل دراسته الابتدائية، شأنه في ذلك شأن كثير من مشاهير الكتاب في العالم، ممن تعلموا في مدرسة الحياة، لا على مقاعد الدراسة، فظلوا يحتفظون بدواخلهم بفطرة صافية قد تفسدها الدراسة المنظمة. ولعل أهم الدروس التي علمته الحياة إياها جاءت عندما شهد خلال سنوات ست من عمره (1918–1924) الفصول الدامية للحرب الأهلية التي وقعت في منطقته، ما جعله يكره الحرب، كما أنها أمدّته بموضوعه الأثير: مآسي الناس في الحروب.
وقبيل نهاية الحرب الأهلية في القوقاز سافر شولوخوف في العام 1923 إلى موسكو، فعمل موظفاً حكومياً صغيراً، وفي الفترة نفسها بدأ بكتابة الأدب في سنٍّ مبكرة.. انضم هناك إلى رابطة "الحرس الفتي" للأدباء الشبان، ما مكنه من نشر قصصه الأولى في مجلتي "أوغونيوك" و"سمينا". وفي العام 1926 أصدر مجموعته القصصية "قصص من الدون"، وأتبعها بمجموعة "السهوب الزرق". وهاتان المجموعتان لفتتا الأنظار إلى موهبة أدبية شابة تعتني أيما عناية برصد أحداث الحرب الأهلية في نهر الدون.
وفي العام 1926 ترك موسكو وعاد إلى موطنه فيوشينسكايا حيث انهمك في تأليف الجزء الأول من روايته الملحمية "الدون الهادئ"، ونشر الجزأين الأول والثاني لروايته في العام 1927.
ولكن الأخير من "الدون الهادئ" لم يظهر إلا في العام 1940 وأثار عاصفة من النقد ضد مؤلفها وصلت إلى حد اعتقاله ومحاكمته وسجنه.. إلا أن السلطات الروسية آنذاك لم تسمح باعتقاله.
ولأن الحرب هي موضوعه الأثير فقد عمل شولوخوف إبان الحرب ضد ألمانيا النازية (1941-1945) مراسلاً عسكرياً، مما ساعده في إعداد فصول من روايته الجديدة "مقاتلون في سبيل الوطن" التي لم تكتمل على الرغم من أن الكاتب حاول مراراً إنهاءها.
وعدا "الدون الهادئ" كتب شولوخوف عدداً من القصص والروايات، ومنها رواية قصيرة بعنوان "مصير إنسان" والتي اعتبرتها الأوساط الأدبية، وقت صدورها، تحفة أدبية تعالج بعمق حكايات الألم والمأساة. ورأى أولئك النقاد أنها تروي قصة إنسان بسيط أضاعت الحرب كل ما اعتز به في حياته: الأسرة والمنزل والأقارب والأصدقاء، ولكنها لم تتمكن من تركيعه وإهانته. ومن أعماله المشهورة، أيضاً، رواية "الأرض البكر" التي صدرت في العام 1960.
وفي العام 1965 فاز بجائزة نوبل للأدب، عن رواياته وقصصه القصيرة التي تتحدث عن القوزاق في جنوب روسيا. ومن شدة حبه للقوزاق تبرع بأموال الجائزة لبناء مدرسة في قرية قوزاقية.
.
هجر شولوخوف الكتابة، ولم يكتب أي شيء في سنوات حياته الأخيرة، كما أنه لم يترك مذكرات.
توفي ميخائيل شولوخوف في 2 شباط/ فبراير 1984 ودفن في قرية فيوشينسكايا التي أمضى فيها معظم حياته، مكافحاً من أجل أن يكون كل شيء هادئاً على شاطئ نهر الدون، الذي لولا شولوخوف لظل نهراً مجهولا وصغيراً على خارطة الأرض.
إعداد : محمد عزوز