منيرة احمد – مدير تحرير القلم
(يموت الكاتب عندما يجتر تجارب الآخرين , وينام في أسرتهم , ويعشق حبيباتهم , ويتغطى بلحافهم , ويجتر مشاعرهم …….هنا يموت الكاتب سريريا وروحيا ……ويتحول شعره إلى كائن فقد بريقه … يعني انه , يكتب بلغتهم , ويهجس بمشاعرهم , ويحلم أحلامهم ….. والتقليد ليس تقليد الآخرين وحسب , واتباع أساليبهم واجترار أفكارهم , ومعانيهم . )أما من ملك ناصية الكلمة وكان الحرف مطواعا بين نقاط الكتابةعنده فهو كما ضيفنا يسطر له الابداع والتجدد والتنوع سطورا ذهبية – مرحبا بالشاعر سمير حماد ضيف القلم حاوره الشاعر والزميل فؤاد حسن
= عند انطلاقتك …من أحكم على قضة يدك كي تستمر …؟؟؟؟ بدأت بالكتابة صغيراً…اكتب قصص عن الحيوانات ….متأثرا بكليلة ودمنة ….وبعض مجموعات قصصية , كنت أستعيرها من المدرسة …..اقرأ القصص في الفصل في حصص المطالعة …والقى تشجيعا من أساتذتي ….وكنت اشعر بالتفوق على أقراني , عندما اقرأ الدهشة في عونهم والغيرة … في المرحلة الثانوية توسعت قراءاتي إلى الرواية العربية والمترجمة ….منطلقا من الف ليلة وليلة ….وكان اهتمامي حتى نهاية دراستي الجامعية منصبا على القصة القصيرة…وما زالت لدي الكثير من القصص المخطوطة التي لم تجد طريقها إلى المطبعة ….. وفي عالمي المهني …التدريس…. بدأت دواوين الشعر تتزاحم في مكتبتي …..وبدأتُ اجرّب ..وأناقش وانقد تجارب الآخرين …..الى أن بدأت النشر في جريدة الوحدة السورية …..وبزخم كبير ….أسبوعيا … الذي ساعدني واخذ بيدي ……هم أساتذتي من الشعراء الكبار عبر تجاربهم وكتاباتهم …..أدونيس والبياتي والماغوط وانسي الحاج وصلاح عبد الصبور وغيرهم كثيرون …فأنا قارئ نهم …ومجرّب لا يمل …..وكانت المنابر مفتوحة أمامي دائما …..في الأمسيات والندوات ….
= هل ستكون ذات ليلة كلماتك تجري في مراكب اللحن لتطرب بغنائها الآذان ؟؟
لا أخفيك سرا حين أقول أنني طالما حلمت بالة موسيقية وخاصة (العود ) لا عزف قصيدة لي أو لسواي , وأغنيها , …..فأنا أطرب جدا للقصائد المغناة …كقصائد محمود درويش وغيره …وأغاني الشيخ إمام والسيد مكاوي … قصائد النثر التي اكتبها , لا تُغنّى , وإنما تُلقى بصحبة الموسيقى , لم اجرب تقديم أي قصيدة لملحن أو مغن …وأعتقد ان القصيدة التي تُغنى , لها طبيعة خاصة , لا يصل اليها الا المجيدون المتمرسون …ومن أكثر ما أراه مناسباً هو الفاء القصائد مرافقة بالموسيقى …..لتصل إلى الجمهور بشكل أفضل , وأتمنى أن تتكرس هذه العادة التي أرى أنها تتقدم باستحياء …..أتمنى ان اصل إلى ذلك اليوم الذي اسمع قصائدي تغنى وتلحن ….فهذه طبيعة الشعر ومن حقه ان يغنى …..
= ما هو البيت الأكثر قربا منك ؟؟القصيدة التي تراها ابنتك الأجمل ؟؟؟
اكثر القصائد التي تشدني هي تلك التي تحمل لذة غامضة , ليس بالضرورة ان افتش عن مغزاها ….لكنها تحمل في طياتها المتعة والانتشاء ….ربما تكون أحيانا كالحمل الكاذب كما عبر احد الشعراء …..لولا الكلمة التي يقدمها لي الأخرون من الشعراء , لكان العالم أكثر بؤساً , بالنسبة لي , وربما كان احتماله اشد صعوبة …….لذلك أرى ان الشعر له مهمة روحانية كما قال (ملارميه) … وأما عن القصيدة التي أراها ابنتي , وخاصتي , فهي تلك التي أحاول من خلالها صياغة الواقع , بعذاباته والأمه , وتعطشي الدائم للحب …والسعي للتحول إلى الضوء بعيدا عن الظلام …..وهي التي ابحر عبرها في الذات والسريرة والذاكرة بحثا عن الحقيقة , التي هي في ذاتنا , وليست خارجنا ….أحاول ان اركز في القصيدة دائما على التجربة الحميمة , وليس على الصورة الخارجية , المزيفة الخادعة …….
= اين يموت الكاتب ..؟؟؟ومتى ..؟؟
يموت الكاتب عندما يجتر تجارب الآخرين , وينام في أسرتهم , ويعشق حبيباتهم , ويتغطى بلحافهم , ويجتر مشاعرهم …….هنا يموت الكاتب سريريا وروحيا ……ويتحول شعره إلى كائن فقد بريقه … يعني انه , يكتب بلغتهم , ويهجس بمشاعرهم , ويحلم أحلامهم ….. والتقليد ليس تقليد الآخرين وحسب , واتباع أساليبهم واجترار أفكارهم , ومعانيهم ….بل هو اتباع الشاعر نفسه …واجترار تقنياته وأساليبه وطرائقه …..فالشاعر الحقيقي , دائم التجديد والإبداع , والانقلاب على العالم , وتجارب الشعر السابقة , والراهنة , وعلى ذاته أيضا …….. الشاعر كي يبقى حيا , عليه ان يكون ضد كل شيء , من اجل اشيء , أو من أجل المجهول , كما قال الشاعر الراحل حلمي موسى ………الشاعر المعاصر كي لا يموت , ويحافظ على استمراره , عليه ان لا يتعامل مع المطروق , او المعروف …. عليه ان يسبر أغوار المجهول …فهو بحّار مكتشف للأسرار …لا يقبل ان يطرق بابا طرقه الآخرون ….وأشبعوه تناولا وتداولاً …… لكن لا يفهم من كلامي , أن أي تمرد على الماضي هو ثورة , فقد يكون هذا تهويما في الفراغ , أو عجزا عن الإنجاز , إن لم يكن ما يبدعه الشاعر ممتعا وحاراً وملامسا للعصر, ومنجزاته وأفكاره , وإضافة لهذا كله …..فالانقطاع التام عن الماضي هو مستحيل وعدمية …والاندماج به هو سلفية ممجوجة … والمبدع الحقيقي , هو من يضيف , وتترسخ إضافاته وتتجذّر تجربته ….
= في ارض الشعر ’ الكثير من الإبداع , والكثير من غير ذلك …..فمتى ينتصف الإبداع ؟؟؟وممن ؟؟؟؟ والى أي سماء نحلّق لتكتمل أمنياتنا ..؟؟
الإبداع مستمر في العصور كلها , لم يخل عصر من جديد إبداعي , ومن قامة إبداعية هامة مجددة ….أحياناً يفيض الإبداع ويمتلئ كأسه ….وأحيانا يقلّ , وما يهمّ أن ننظر فيما هو موجود على قلته ….فهذا القليل الجديد , قد يغني عن الكثير المموج , التقليدي , الذي يسخر لخدمة سلطة , أو طبقة , وهو كالزبد , تذهب به الريح ولا يبقى ….يزول بزوال المناسبة التي أفرزته …… لا ينصف الإبداع ألا الجمهور , أو الزمن , أو النقد , الذي قد يتأخر حينا عن مواكبة الإبداع , لكنه سوف يأتي زمن يستيقظ فيه النقد , ويميز بين الغث والثمين , ولو بعد حين …..أكثر ما يعاني منع الإبداع , عدم مواكبة النقد له , وعدم تجديد أساليب هذا النقد , وخروجه من كهوفه التقليدية المدوسة …..فالتجديد في النقد , ضروري كالتجديد في الإبداع ولحداثة مطلوبة في كليهما , إذا قُدّر للحركة الأدبية والفكرية أن تواكب العصر …….والمعركة بين مدارس الإبداع , يواكبها معركة لا تقل شراسة بين مدارس النقد والنقاد ……. الكتابة حوار الذات مع العالم , الذي لا حدود له ….القصيدة تمنحنا الحرية , في عالم غريب غير مطمئن , هي بحث دائم وإبحار دائم في عالم الحلم والأمل ….هي عزاء , ورثاء …..وبقاء وخلود ……..
= تكتب القصة بالإضافة إلى الشعر , …تكتب قصص الأطفال ,أيضاً , والمقالات الأدبية ……..أي صنف من هؤلاء جميعاً أقرب إلى نفسك …؟؟؟
كتبت القصة كما ذكرت في بداية حياتي , أيام الدراسة الثانوية والجامعية , وهذ التجربة , أسهمت فيها نوعية القراءة التي درجت عليها والكتب التي توفرت لي….وانسجاما مع ما كنت اقرأ , بدأت بكتابة القصة , كانعكاس لثقافتي , وإظهارا لتأثري بالذي أقر}ه , وهي عادة لم أخالف فيها الكثيرين ممن ساروا على دروب الإبداع ……وأعتقد أنني , لو بدأت بقراءة الشعر وتوفرت لدي المكتبة الشعرية , لبدأت بتجريب الشعر ….. أما قصص الأطفال , فهذا أسهم فيه عملي المهني , فقد درّست أدب الأطفال , في معهد المعلمين الذي عملت فيه زمنا طويلا….وهذا أمر طبيعي , إذ طالما سحرتني قصص الأطفال , فديمها وحديثها , من كليلة ودمنة , إلى حكايات إيسوب اليونانية الشهيرة , إلى قصص وحكايات الأساطير العربية واليونانية والشعوب الأخرى …وفيها ما يسحر العقل ويأخذ الألباب ……كتبت مجموعات كثيرة من قصص الأطفال بعضها مطبوع /4/ وبعضها ينتظر الطباعة …… أما المقالة الأدبية فكتبت منها الكثير في الصحف اليومية والأدبية في سوريا وخارجها ……مقالات حول الشعر والقصة والرواية ودراسات نقدية حول اللغة العربية التي شغلتني منذ البداية وما تزال …….. أما الدواوين الشعرية , فقد أخذت علي وقتي أغلبه ….دزازين عديدو نشرتها /7/ ودواوين تنتظر ….. وأنا أكتب القصيدة يوميا وأنشر قصائدي على موقعي وصفحتي على الأنترنيت ………..مع حرصي على نشر المقالة القصيرة أيضا بشكل يومي …..مواكبة للظروف التي نعيشها , وهي أيضا على موقعي وصفحتي في الأنترنيت , لمن أراد متابعتي ……والأقرب إلى نفسي , الأن القصيدة النثرية …… وقصة الأطفال ………….
= إلى أي مدى يمكن للإعمال الأدبية أن تنجح في غرس ثقافة الإخلاص في المجتمع …؟؟؟
القصيدة تقدم أسئلة للمجتمع والمتلقي ,,,ولا تقدم إجابات ,,,,هذه مهمة الإبداع عموما ……و هذا اهم من الإجابة بحد ذاتها فالإجابات تكون على عدد المتلقين …….كما تعلم … للشعر بالإضافة لمهمته التنويرية التثقيفية , له مهمة روحانية …. مازال للشعر قيمة وللإبداع بصنوفه عموماً ….ومازالت الفنون ضرورية للتنوير والتثوير والتغيير والحوار …… ولا بد منها أيضا للبوح بالألم وكشف المعاناة وأسبابها ووضع اليد على الجرح …..والإشارة الى الهوة العميقة في نفوسنا ….وتعطشنا الجامح إلى الحب …والآخر ….لابد من الإبداع للتحول إلى الضوء والتخلص من العتمة …..عتمة الوجود وعتمة الذات ,,,,والهروب منهما ….. الأدب يدفعنا لمعانقة الألم ….والتمسك بالحلم للوصول إلى عالم افضل ….بعيدا عن الأوهام والسراب …والسمو إلى حدائق النور ….. تتيح القصيدة للمتلقي التأمل والإبحار في الذات والتركيز على التجارب الحميمة …… ربما كان هذا ما يدفعنا للكتابة …وتجشّم مشقة الإبداع … اخير ا الكتابة متعة وحاجة ….للطرفين ….الكاتب , والمتلقي ……………. كلاهما بحاجة إلى الآخر لتتم عملية الإبداع بشكلها الأمثل ….. فعملية التلقي هي المحك الأساسي والرئيسي للإبداع ……..
متى تخلدين الى النوم ايتها الريح …..؟؟
متى يتوقف عويلك ايتها الحرب ..؟؟؟
متى ستختفي كل هذه الأشباح الغريبة ..؟؟
متى تتوقف زخاتك, ايها الحزن ,
وأمواجك ايتها الدموع …؟؟
متى ستبزغ ايها الفجر , كشجرة مورقة ……
تتفرّع أغصانها على امتداد الأفق ..
كي تحمل احلامنا وأغانينا الى السماء …..؟
متى ارى أسراب السنونو تملأ الفضاء ….؟
مبشرة بالربيع الحقيقي ..
حيث يتكاثر العشب وتتفتح الازهار ,
وتعزف العصافير سيمفونية الفرح…
دعونا نفتح صدورنا للشمس ….
دعونا نكون ما نريد , لاكما يريد الآخرون …
دعونا نمثل دورنا الحقيقي بلا خوف …..
كي لا نسمح لاحد بخداعنا ….
او نصفق لمن لا يستحق …..
او نهلل لالاعيب الكبار …
ولمن يسلخ الجلود ويقص الرقاب ….
دعونا نبني بيتا اكثر رحابة …
ونعانق الصباح …..ببسمة الأمل..
واطواق الياسمين ……
وفي الختام اشكر موقع القلم والأنسة منيرة أحمد مديرة التحرير
والشاعر والإعلامي الصديق فؤاد حسن