مهتدي مصطفى غالب .
القاص : الشاعر مهتدي مصطفى غالب
الناقد : الأديب: محمد عزوز
النص القصصي :
جرذ
كنت أسير حافياً على دروبي المجهولة
كان الجرذ ينتظر طعاماً على بوابة وكره العميق ..حين لمح أصابع قدمي, اشتهى اللحم الآدمي … انطلق مسرعاً إليَّ أمسك الإصبع الصغرى ..قضمها و ..هرب
شعرت بألم في قدمي …نظرت إليها :
– إنها ليست سوى الإصبع الصغرى
و بدأت سلسلة الالتهام تتوالى على قدمي
التهم القدم كاملة
و كان كلما التهم جزءاً مني …يكبر بمقداره
و حين توصل إلى نصفي صار بحجمي
أصبح أنا
حاول أن يتابع طعامه
حينها شعرت بخسارتي الفادحة
بدأت مقاومته …
إلا أنه استطاع ابتلاعي ..
تغلغلت فيه …
و حين أنهى ابتلاعي…صار يفكر و قال:
آه..لو أني انتعلت حذاءً..؟؟!!
النقد :
حول نص ( جرذ ) للأديب مهتدي غالب
من حيث الشكل :
هو عمل أقرب إلى القص القصير جداً ، قلنا أقرب ، وليس تماماً ، لأن المتعصبين لهذا الجنس الأدبي الإشكالي في القص قد يقولون أن التكثيف فيه ليس تاماً .
والقصة القصيرة جداً تقترب كثيراً من الشعر ، والكاتب هنا لم يخرج من دائرة الشعر ، وهو بالأصل شاعر .
من حيث المدلول :
المغزى عميق ومهم ، أتت النهاية لتخدم النص ، وإن كان هذا يحتاج إلى بعض الجهد والتأمل
ويصح أن نتساءل هنا : ما مدلول الحذاء هنا ؟ ولماذا يفكر الجرذ بذلك ؟ هي حال من أنسنة الجرذ ، وجرذان اليوم هم بشر مثلنا ، يلتهمون كل شيء .. حتى أقرانهم من البشر .. رغم أننا لم نعتد نحن من الجرذان سوى محاولات لالتهام الأصابع الصغيرة ..
ولعل الأصح أن نعلن أن مدلول الحذاء هنا هو خوف الجرذ لأنه يعلم أنه سيأتي من يلتهمه بدءاً من أصبعه كما فعل هو هنا .. لذلك أطلق أمنيته ( آه .. لو أني انتعلت حذاء )
النص بشكل عام مبني بناء جيداً ، ليس فيه ما هو غير لازم ، لكن اختزاله أكثر ممكن ليصير أكثر وفاء للقص القصير جداً .
الفكرة واصلة غير عصية ، ولكنها من النوع الغريب غير المطروق ، وربما شكلت غرابتها جزءاً كبيراً من جمالها .
إنها القصة التي يكتبها الأديب مهتدي غالب ، قصة تبنى على الإختزال وشيء من الغموض لا الإبهام ، وهو بها لا يريد الإبتعاد كثيراً عن الشعر .
محمد عزوز
ك1 2014