الاديب سمير عدنان المطرود
حدثني حجر الرصيف هذا الخميس قال : أول مرة أراك بها هكذا ؛ ترتدي (جاكيتاً ) بُنياً من الشاموا . وتضع على رأسك طاقية سوداء على غير عادتك ؛ لماذا تركت الطاقية البيضاء واللفحة البيضاء ,ألهذه الدرجة صار لون التراب أفضل من لون الضوء .؟ لماذا كنت تسير محبطاً ؛ وقَلَقُ الساعة الرابعة والنصف المُضني يأكل فيك كل أفكار الخطوات, في ذاك الشارع العريض حيث تنام السيارات فيه , وهي تحضن بعضها ؛ كقصص الخيانات التاريخية ؟ كانت عيناك ساهمتين ؛ كأن الدنيا ألقت عليك بكل هذا الخوف وهذا الضيق ؛ فلماذا تذهب إلى كل ذلك الازدحام وتترك وراءك أرصفتي التي اشتاقت إليك هناك عند الكهف , وهي تحتضن الحنين .؟ ما ذنب سور الكهف الذي كم اتكأنا عليه بظهورنا , ونحن نعد الحروف التي تهرب من كل الثياب المارة هناك .. لتقول له كما قلت للأشجار ؛ إن كان لك شيئا عندي فخذه .! أخبرتني تلك النسمة المتعبة من حمل أوراق الخريف ؛ حين هربت إليّ تحتضن روحي ؛وهي تبكي وتزأر , وتتنشوح ؛ لتقول إنك على ذاك الرصيف متعبٌ ؛ فطلبتُ رقم الروح لكنك لم تردّ على رنين الحكايات ؛ وحين صرختُ لك بأعلى حرفٍ , لم تسمع إلا صوتك ؛ أرسلت لك الزاجل , فعادت الحروف بلا أجنحة تتساقط على الفراغ ؛ كالمواعيد المتأخرة في كل مرة , مقدار تداول قبل الحكم بالإعدام . كم بائس كنت ؛ وأنت تعبر بخطواتك المتثاقلة ؛ بين الكتل المعدنية المركونة هناك بعبثية , تشبه البحث عن ذكريات هاربة في قلب الرصيف الباكي ؛ بعينين شاردتين على لاشيء , وبيدك اليسرى تمسك ذلك الشيء الأسود الذي ترمي فيه حروف العدل الضائع . قبل أن تتعثر بضع كلماتٍ على زاوية المصادفة المقصودة ؛ لتندلق حروفها دفعة واحدة على اسفلت الطريق , حين لم يبق من حكايات الشجر المنحوت , إلا برد الدقائق المنتظرة , أملا بدفء شيء قادم , حسب ترتيب الضياع ! كل المواقيت الآن غريبة ؛ ضياع وكبرياء , وخوف , وغرور ؛ يبعد عنها في كل مرة مقدار كلمتين ونظرة ؛ قبل أن يُسجّى الجثمان على بساط الريح ؛ في رحلة العدل الأخير , ويمضي إلى قلب الحكاية بطلا استثنائيا , جاء من زمن بعد الغد .!