
كم هي كثيرة ومتنوعة ، قصص عاطفية شيقة رسمت وجودها في الوسط الاجتماعي الجزائري عبر الأزمنة ، فيها إثارة للمشاعر والعواطف خاتمتها مآسي لا توصف، ومن القصص التي سننقل لكم في هذا الموجز ، تلك التي كانت أحداثها بشرق الجزائر ، تؤرخ لها أغاني ملحمية لا تضاهيها تلك التي تؤلف وتلحن في أكبر استوديوهات الموسيقى العالمية ، سر جمالها من صدق مشاعر أصاحبها ، ك : قصة باية ومحمد ، التي تروى في نص أغنية مطلعها " راعي الملجوم " ، والملجوم هو "الفرس " الذي يمتطيه العاشق محمد ، الأبرز في هذه الأغنية والقصة معا ، هو الحوار العاطفي الذي كان يدور بين العاشقين ، بإطلاقهما للألحان ظاهرها طرب وترويح وداخلها رسائل غرامية يرددها العامة في المناسبات ، محاولة منهما فك الحصار العاطفي ، والطوق الذي ضرب عليهما من عائلتهما ، وأخرى بين امرأة تدعى الزهرة وراعي والدها الثري ، المعروف قصتها بأغنية " الزهرة مبروم الناب " ، وهي رائعة جدا تستحق أن تكون فيلما عاطفيا ينال المراتب الأولى في المحافل الدولية ، جمالها في الحوار الذي كان يدور بين العاشقين بصفة دائمة ، من خلال أغاني معبرة عن عواطف جياشة ، بعدما تعذر التواصل عن قرب ازداد الشوق وتعالت الحناجر مدوية جبال الهضاب العليا ، إلى أن انتهت بموت العاشقة غدرا من والدها الذي كان يخاف منها العار وضل يلاحق تحركاتها إلى تمكن منها يوما ، قصة ذياب الهلالي وابنة عمه الجازية ، التي جرت أطوارها بمنطقة عين البيضاء الجزائرية ، لم تعثر على أغنية بخصوص هذه العلاقة العاطفية ، لكن ما قيل شعرا قد يملأ صفحات الكتب ، يقال أن تسمية مدينة عين البيضاء الحالية ، التابعة لولاية أم البواقي ، نسبة لفرس ذياب ذو اللون الأبيض ، يوم أصيب برمح في معركة وسقط أرضا فأدرك أنه فارق الحياة ، قال له : نني يا البيضة ، معناه نم أيها الفرس الأبيض ، مع أن هذه القصة طغى عليها الجانب الخيالي أكثر من أي قصة تداولت في الوسط الاجتماعي الجزائري ، والى قصة أخرى لامرأة تسمى "ا لدزيرية " ، جرت وقائعها على الحدود التونسية الجزائرية بتراب مدينة تبسة ، لم يذكر اسم العاشق في مطلع الأغنية " فرخ الحمام " ربما لأسباب معروفة منها العادات والتقاليد التي تحكم مجتمع محافظ ، مثل هذه الأشياء غير مسموح الإفصاح عنها ، مع أن الدزيرية حسب مطلع الأغنية دخلت تونس ، وبحث عنها عاشقها لسنوات طويلة إلى أن وجدها ميتة ، يبدوا أنه فقد وعيه وتأثر كثيرا ، لذلك أخرجها من قبرها وأراد بها حية ، حتى وان كانت هذه القصص انتهت في أغلب الأحيان بمأساة ، إلا أن قصة امرأة أخرى تدعى" الشالبية " حسب نص الأغنية " روح الشايب روح " في نفس المنطقة " تبسة " ،كانت أشد من مأساة من سابقاتها ، كونها تعدت الأعراف والتقاليد وكانت نهاية عاشقها القتل العمدي مع سبق الإصرار والترصد .
الاعلامي الجزائري : عيسى بودراع
نفحات القلم