حبيبة مهجتي فلتوقديني .. أود الموت فيك .. فساعديني ..
لأنك في الحقيقة ألف أنثى .. أتيت وألف شوق يعتريني ..
أتيت وإن هربت فلست أدري .. وجوه حيثما أخطو تليني ..
أتيتك موقناً أني طريح .. وأن الرمح سافر في متوني ..
دعيني في متاهاتي أناجي .. ظلالاً خلف رمشك تقتفيني ..
دعي وهمي يؤجج فيك وحياً .. لعلك تحت جذعك تنجبيني ..
دعي الاحساس ينحرنا قليلاً .. لتجتمع النبوة بالجنون ..
لأنك كوفة الوجع المحلى .. أتيتك مثقلاً ملء الطعون ..
وأعلم أنني لابد ميتٌ .. وأقسم إن أردت ستوقظيني ..
سألتك باسم يعقوب أعيدي .. أنوثة من سواك إلى عيوني ..
سألتك باسم موسى ملّ صدري .. سقام الفلقتين فأرجعيني ..
سألتك باسم ذنب ليس يمحى .. بصدرك للقيامة ألبثيني ..
أرى عينيك أندلساً وقدساً .. تناديها المآذن: لن تهوني ..
ويحمل طيرُها نهر المعاني .. إذا ما صاح حيّ على الحنين ..
سيضحك في دموعك لون كدي .. إذا ما جئت مغبر الجبين ..
أتيت ولم أقل آت لأني .. أنا العربي معتقدي يقيني ..
دعيني أبتدي عصراً جديداً .. وأخلقه بكاف دون نون ..
دعيني أعلن الآن انقلابي .. على دنيا الوضاعة والنتون ..
وأبني دولة عظمى مداها .. يداك من اليسار إلى اليمين ..
وأجعل غيرتي الدستور فيها .. أصير الشعب وحدي فاحكميني ..
فإن شئت العذوبة فامنحيها .. وإن شئت العذاب فعذبيني ..
عذاب الحب بين يديك حلوٌ .. معذبتي .. أريدك أن تكوني ..
تعالي دون أشرعة وذوبي .. كما ذابت بأبياتي شجوني ..
ذراعك علقيها خلف رأسي .. كما علقت طيفك في جفوني ..
دعي الأنغام يقتلها صداها .. على دقات قلبي راقصيني ..
دعي سد المآرب في سقوطٍ .. ليروي نهرك الظامي وتيني ..
سأوصد كل أبواب المنافي .. وأصرخ يازليخة راوديني ..
عن الزلزال في جسدي وعني .. وعن ليلي وعن وجع السكون ..
سواك سبكت من نور ونار .. وكل الإنس من ماء وطين ..
تعالي علميني ما هدانا .. وما ذنبي لكي لا تحرقيني ..
فدى عينيك كنت جعلت نفسي .. وأنت كما تشائين اجعليني ..
رسمتك في سماء الدهر بدراً .. وأنت كما تشائين ارسميني ..
تواضع في حروفي كل شيء .. وأنت كما القصيدة تكتبيني ..
إذا سقط الزمان وصار وهماً .. بأعيننا الغريبة فاعذريني ..
سألتهم الشفاه وما عليها .. وأبدع لذة الفوز الحزين ..
سينتثر العبير بلا هواء .. وتختلط الدقائق بالسنين ..
سأبحر فيك طوعاً رغم علمي .. بأنك قد خرقت دنى سفيني ..
ستورق في رضابك أغنياتي .. ويزهر في هضابك ياسميني ..
سأبدأ فيك إعصاراً حنوناً .. يمزقني لأشلاء .. بلين ..
سأرسم حول نهدك دائرات .. لأشرح للورى معنى السجون ..
فيا تعساً لحرٍّ لم ينلها .. ويا حظ الأسير بكل حين ..
سترحل عن عذوبتها شفانا .. وتبقى نكهة الحب الدفين ..
فضميني إليك مللت مني .. وحان الوقت كي أحيا بدوني ..
ولا تصغي لغير النبض فينا .. إذا اقترب الأنين من الأنين ..
أيا من سالت الأضواء منها .. ضعي في الصدر جمرا وارحميني ..
دعي روحي تغادر كل جسمي ..
وعند تمام موتي قبليني ..
*دير الزور – محمد مروان عبدالغني